البيطار وحيداً.. واللبنانيون يستسلمون
|
والبيطار، الذي كان محصناً بدعم سياسي من "التيار الوطني الحر"، ومن قاعدة شعبية تتطلع لتحقيق العدالة في ملف قضائي حاسم، خسر آخر الحصانات. فخطوة وزير العدل، تتماهى الى حد بعيد مع تحرك "التيار الوطني الحر" للإفراج عن الموقوفين، وفي مقدمهم مدير عام الجمارك بدري ضاهر. أما اللبنانيون الذي راهنوا على خرق في الملف، فاستكانوا، ولاذوا بالصمت، حتى أن المشاركين في الوقفة الاحتجاجية أمام قصر العدل، اليوم الأربعاء، كانوا قلة، بما لا يتماهى مع طبيعة الحدث وهذا التطور القضائي.
|
كانت التسريبات عن إمكانية استقالة البيطار، مؤشراً على الاستسلام، لكن الخطوة لم تحدث. اختار الرجل المواجهة حتى النهاية، ولو أنها باتت أصعب مع تتالي الخسائر. فقد خسر الاجماع أولاً على المهمة، حين اتُّهم بالاستنسابية والتسييس، وهو اتهام حاول "التيار الوطني الحر" استثماره في وجه خصومه. وبعدها، خسر إجماع أهالي الضحايا مع انقسامهم حول مهمته..
واليوم، خسر البيطار السلطة السياسية النافذة التي دعمت مهمته، أي "التيار الوطني الحر"، على خلفية ملف بدري ضاهر.. وأخيراً، خسر الحاضنة الشعبية التي لم تتفاعل مع تطور قضائي مماثل. بقي معارضون قليلون في صدارة التأييد للمهمة، وغردوا في "تويتر" دعماً للضحايا، أو رفضاً للسلطة من موقع الخلاف السياسي، بما يتخطى منطق تحصيل الحق.
|
والواقع إن محاولات تبرير الصمت بالقول إنه من المفيد أن يعيد البيطار تقييم تجربته، تنطوي على تبرير للخذلان، وهو أمر مرتبط بشأن قضائي وتحولات سياسية، يفهمها البيطار، ويحاول مواجهتها منذ قرر عدم الاستقالة.. لكن مؤشرات الصمت، أبعد من كونها مرتبطة بالبيطار وتجربته. هي استسلام واضح لمشيئة السياسة اللبنانية ومراكز نفوذها، وتقاطعاتها في ملفات سياسية تحتاج الى تسليفات وتوافقات، قبل وبعد. استسلام لنفوذ، لستاتيكو لا يغيره إلا إجماع النصف زائداً واحداً من الشعب على ملف واحد. استسلام لواقع مفاده أن صناعة المصير ليست مهمة الشعب، بل مهمة سلطة موجودة في البرلمان، ويرفدها الشعب بأصواته الانتخابية.
|
البيطار وحيد في معركته. لا تكفي عبارات إدانة السلطة لإعادته الى مهمته، ولا آلية قانونية تعيد ضخ الحياة في جسم تحقيقاته، سوى بالالتفاف على القانون، كردّ فعل على التفاف على القانون بتعيين رديف له.
|