إسرائيل عن زيارة هوكشتاين:الموضوع معقّد..والكرة في ملعب نصر الله

أدهم مناصرة
الأحد   2022/09/11
لا يخفي الاعلام الاسرائيلي محاولات شراء الوقت لاحتواء التصعيد المحتمل على الحدود مع لبنان، وفي الوقت نفسه لمنع انهيار مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. 

طغت العناوين الباردة في الصحافة العبرية حيال تصريحات الوسيط الاميركي للمفاوضات آموس هوكشتاين من قلب بيروت عن "التقدم الملحوظ"، بعد لقائه مسؤولين إسرائيليين في اليوم الذي سبقه. وتحدثت صحيفة "إسرائيل اليوم"، عن "تعثر جديد للمفاوضات البحرية" بين إسرائيل ولبنان على الرغم من التقارير الأخيرة التي تفيد بأن الطرفين توصلا إلى انفراجة في هذا الشأن. 

ونقلت الصحيفة الاسرائيلية عن مسؤول إسرائيلي مشارك في المحادثات قوله إن "الموضوع معقد"، مقدّراً بأن القرار النهائي بشأن المساومة، أو اختيار التصعيد، يعود للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

وفي أعقاب لقاء هوكشتاين مع مستشار الأمن القومي الإسرائيلي ايال حولاتا ومدير عام وزارة الخارجية الإسرائيلية الون اوشبيز في تل أبيب يوم الخميس، أكد مسؤولون إسرائيليون سياسيون للإعلام العبري، عدم إمكانية البدء باستخراج الغاز  من حقل "كاريش" في البحر المتوسط في الشهر الحالي، وأشاروا إلى حتمية تأجيله إلى منتصف الشهر المقبل، وربما في نهايته.

وبما أن ملف ترسيم الحدود ليس بعيداً عن الأمن كما الإقتصاد، فإن المخاوف من تفجر الجبهة الشمالية يُلقي بظلاله على مضمون المحادثات الجارية وأسلوبها، حتى أن مواعيد زيارة هوكشتاين إلى المنطقة تبدو وكأنها "المانع" لأي تصعيد محتمل. 

هنا، قالت صحيفة "معاريف" إن المخابرات الأميركية وجهت تحذيراً دراماتيكياً لإسرائيل بشأن استعداد حزب الله لعمل عسكري، بدليل انتشار مقاتليه أخيراً، وأن هذا كان دافعاً لزيادة الضغط الأميركي على تل أبيب لإبداء مرونة أكبر حيال ملف الترسيم البحري.

الواقع، أن هذا التحذير الأميركي تتلقاه المستويات العسكرية الإسرائيلية التي تراقب الجانب الآخر من الحدود مع لبنان. ونقلت "معاريف" عن مسؤول أمني إسرائيلي سابق حول التوترات مع لبنان، قوله إن "نصرالله يثبت أن لكل ردع تاريخ انتهاء"، مضيفاً أن إسرائيل تواجه مياهاً ثقيلة؛ ذلك ان "الإتفاقات مع إيران ولبنان وصلت إلى إسرائيل في وقت خاطئ للغاية. وحذر المسؤول السابق في "الشاباك" من الإقتراب من "الفوضى".

ووفق وسائل إعلام عبرية، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد من أجل الإسراع في مفاوضات الترسيم. وذكرت بعض المصادر في تل ابيب أن الأميركيين قد حصلوا على موافقة إسرائيلية بشأن اعتبار مساحة من الحدود البحرية المتنازع عليها كـ"وديعة"، بحيث تُعتبر أرضاً لبنانية من الناحية الفنية والمالية والتجارية، من دون تطبيع مع إسرائيل.

ودلّت الصحافة العبرية على تعقيد ملف الترسيم لمجرّد إطلاق الوسيط الأميركي هوكشتاين، خلال زيارته الخاطفة على لبنان، تصريحين، كل منهما له دلالته: الأول، يعلن فيه أن تقدماً قد حصل في هذا المجال، والثاني (قبل مغادرته مطار بيروت) بقوله "إن هناك المزيد من العمل الذي يتعين القيام به".

وحسب المصادر  الإسرائيلية، التقى هوكشتاين ثلاث مرات مختلفة على الأقل مع مسؤولين إسرائيليين كبار بخصوص تفاصيل الاتفاق الناشئ. كما تم الإبلاغ عن عقد اجتماعات مماثلة عن بعد باستخدام تطبيق Zoom، وسبق أن شملت لقاءات هوكشتاين مستشار الأمن القومي للرئيس الفرنسي.

 أما أبحاث "الأمن القومي" الإسرائيلي فلم تختلف قراءاتها كثيراً عن تلك الإعلامية، إذ اعتبرت أن ثمة تقارباً بين الموقفين الرسميين للبنان وإسرائيل، مدعية أن "لبنان الرسمي مرتاح للحل المطروح"، لكنها زعمت أن حزب الله يحاول تعقيد الحلول الوسط في المساحة البحرية المختلف عليها. وذكرت الأبحاث الأمنية الإسرائيلية أن الحلول المقترحة تحوم حول اعتبار حقل "قانا" للبنان و"كاريش" لإسرائيل، مع تعهد بعدم تهديد أو استهداف أي منصات للغاز التابعة للطرفين. وقالت إن الإشكالية الحقيقية تكمن في ربط إيران لإبرام الإتفاق مع لبنان، بإتفاقها النووي.

 وفي محاولة إسرائيلية لعدم تفسير تأجيل التنقيب عن الغاز إلى منتصف الشهر المقبل أو نهايته، وكأنه نتيجة الخوف من تهديدات حزب الله أو بسبب المفاوضات الجارية، ذكر مسؤولون إسرائيليون أن شركة "انيرجيان" قد أكدت أن عملية استخراج الغاز في حقل "كاريش" ستبدأ في الأسابيع المقبلة.

ودعمت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار هذه الرواية، عندما شددت في حديثها للإذاعة العبرية "103 FM"، على أن "لدى إسرائيل اهتماماً كبيراً بالإنتاج في أسرع وقت ممكن، ولا علاقة له بالمفاوضات".

وتابعت الوزيرة الإسرائيلية: "عليكم أن تفهموا أن الحفارة وصلت في تموز /يوليو ، منذ عمليات ربط الأنابيب، والتي من الطبيعي أن تتعرض لفشل ميداني وهذا هو سبب التأخير. لا علاقة له بالمفاوضات". وأضافت أن الاقتصاد الإسرائيلي في انتظار هذا الغاز، "ولدينا التزام دولي تجاه الدول الأخرى".