منذ وصول الباخرة الإسرائيلية إلى حقل كاريش للبدء بعملية استخراج الغاز، وجدت قوى السلطة اللبنانية نفسها في مأزق يحتم عليها الإسراع في إنهاء ملف الترسيم وتحاشي الإحراج الذي سيتسبب فيه عدم القيام بأي رد فعل تجاه بدء العدو باستخراج النفط من مناطق متنازع عليها.
وعلى الرغم من مطالبة كثيرين للدولة اللبنانية بتوقيع المرسوم 6433 والذي ينص على اعتماد الخط 29 كحدود معترف بها لبنانياً لدى الأمم المتحدة بين لبنان وفلسطين المحتلة، كي يجري التفاوض على أساسه وكي يمنع الإسرائيليين من متابعة العمل في مناطق متنازع عليها، إلا أن السلطة فضلت السير في اتجاه آخر مختلف كلياً.
بداية، قررت السلطة أن الخط 29 هو مجرد خط تفاوضي، أما الخط المعترف به لبنانياً فهو الخط 23، وهو ما يعني التخلي بشكل تلقائي عن الخط 29. ثم في مرحلة لاحقة، ابتدعت السلطة مقولة "حقل قانا مقابل حقل كاريش"، لتُشرعن تنازلها عن الخط 29، وعلى العكس من تأكيد وجود الغاز في حقل كاريش، فإن حقل قانا هو حقل افتراضي لم يجر التنقيب فيه بعد وليس مؤكداً وجود الغاز من عدمه.
ليست صدفة الحملات المؤازرة للسياسيين المفاوضين في مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تتصف بالكثير من الشعبوية. فها هو "التيار الوطني الحر" ينشر صورة للرئيس ميشال عون يشير بيده أمام المفاوض الأميركي عاموس هوكشتاين إلى الخريطة، ويحتفي هذا الجمهور بالصورة كأنها نصر بحد ذاته، ويسطر الأشعار بحق الرجل الذي قال يوماً إن العالم يستطيع سحقه لكنه لن يأخذ توقيعه.
كل الإحترام والثقة يا فخامة رئيس الجمهورية العماد #ميشال_عون. اجادك على قدرة تحملك الفريدة من نوعها اجادك على قوة عزيمتك بالتصدي للمؤامرات و عنادك اللبناني الأصيل ! معك لبنان عرف الكرامة رغم كل الصعوبات 🙏🇱🇧♥️ pic.twitter.com/j15SuMFLqj
على المنوال نفسه، يتغنى مناصرو "حزب الله" بالمقاومة التي "لولاها"، كما يزعمون، "لما أتى هوكشتاين إلى لبنان مهرولاً كي يحل النزاع مع اسرائيل"، متناسين أن مجيء هوكشتاين إنما كان بطلب لبناني، وأن المقاومة هذه المرة تقف عاجزة عن أي فعل حتى الآن، بل تنحو إلى الالتفاف على الحقوق واعتماد سردية السلطة نفسها حول اعتماد مبدأ حقل قانا مقابل حقل كاريش.
لولا وجود المقاومة بلبنان لما فكر #هوكشتاين بالقدوم والدخول بمفاوضات، الهدف الأساسي له هو سحب فتيل التصعيد لأن #المقاومة قادرة على ردع ومواجهة لـ #الكيا_المؤقت، كذلك ليضمن للكيان استخراج النفط فلن يكون هناك #نفط للعدو طالما أن لبنان محروم من نفطه،هذه قاعدة أساسية يفهمها الأميركي.
جملة واحدة يجب ان تقال للصهيوني #هوكشتاين لبنان الرسمي يتبنى ما جاء في كلام السيد #نصرالله فأما ان تزيل اسرائيل عدوانها او فأن الكلمة الأولى والأخيرة هي للمقاومة اما موضوع الخط 29 فقد اصبح خارج السياق فالمهم ان ترفع اميركا يدها عن لبنان وتطلق يده في استخراج ثرواته . #هوكشتاين
الحديث عن الخطوط 23 و 29 وغيرها وحقل قانا مقابل كاريش هو تفصيل قد يبدو صغيراً امام المعادلة الكبرى. المقاومة قالت كلمتها وهنا مربط الفرس لن يسمح للكيان الؤقت بالاستخراج اذا منعنا منه... هنا التفصيل الأهم والأكثر حساسية.#هوكشتاين
— أحمد ياسين || Ahmed Yassine (@ahmedyassine30) June 14, 2022
بين الخطَّين 23 و29، تنحو جماهير أحزاب السلطة إلى شعبوية لا تقدم ولا تؤخر في واقع أن زعماءهم تخلوا عن حق وأمل لبنان في استخراج الغاز، أما الزعماء فيجيدون لعبة تدوير الزوايا وإقناع جماهيرهم بالرواية التي تناسبهم، حتى لو كان الخط المعتمد يقع قبالة شاطئ صيدا.