"كيف نجعل هذه اللحظة الأميركية منطلَقاً للتغيير".. أوباما يكتب

المدن - ميديا
الثلاثاء   2020/06/02
في العام 2008 كان باراك أوباما أول رجل أسود يصل إلى منصب الرئاسة في الولايات المتحدة، لكن العنصرية في الولايات المتحدة تفاقمت بعد رحيله ووصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض العام 2016، ويبدو المشهد في البلاد مأزوماً مع الاحتجاجات التي اندلعت في مدن مختلفة إثر جريمة عنصرية قتل فيها جورج فلويد (46 عاماً)، وهو مواطن أسود البشرة، على يد رجل شرطة أبيض في مدينة منيابوليس بولاية مينيسوتا.

وفي وقت يستحضر فيه ترامب عبارات شديدة العنصرية من ستينيات القرن الماضي في تغريداته وتصريحاته، كتب أوباما مقال رأي في موقع "ميديوم"، سلط فيه الضوء على الطريقة التي يمكن من خلالها الاستفادة من مقتل فلويد والاحتجاجات التي تلت ذلك، لتحقيق تغيير جذري، ووضع حد للمظالم المستمرة التي يتعرض لها الناس، معتبراً أن مهمة صياغة استراتيجيات جديدة تخدم مصالح الجميع في الوقت الحالي ترجع إلى الجيل الجديد من الناشطين. وإن كان ممكناً استخلاص بعض الدروس الأساسية التي قد تكون مفيدة في هذا الموقف من الجهود السابقة المبذولة التي تستحق الذكر.

وأشار أوباما إلى أن موجات الاحتجاجات في أنحاء البلاد تكشف إحباط الشعب الحقيقي والشرعي إزاء فشل الدولة، الذي استمر لعقود، في إجراء إصلاحات على مستوى ممارسات الشرطة ونظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة. موضحاً أن الغالبية العظمى من المشاركين في الاحتجاجات  كانوا سلميين ومسؤولين، "لذلك فهم يستحقون كسب احترامنا ودعمنا بدل التنديد بأفعالهم، وهو أمر تفهمته الشرطة في مدن مثل كامدن وفلينت".

وأكمل أوباما بأن الأقلية الصغرى من الناس الذين لجأوا إلى العنف بأشكال مختلفة، سواء كان ذلك بسبب مشاعر الغضب الحقيقية التي راودتهم أو لمجرد انتهاز الفرصة، يعرضون الأبرياء للخطر، وهو أمر قد يتسبب في تدمير الأحياء التي غالباً ما تفتقر بالفعل إلى الخدمات الكافية والاستثمارات. "لذلك، دعونا لا نبرر العنف أو نشارك فيه، وإذا أردنا أن يعمل نظام العدالة الجنائية وفقا لقانون أخلاقي، فعلينا أن نمتثل لهذا القانون الأخلاقي بأنفسنا".

وأشار أوباما إلى أن بعض الناس يعتقدون بأن المشكلة المتكررة للتحيز العنصري في نظام العدالة الجنائية يثبت أن الاحتجاجات والإجراءات المباشرة تمثل السبيل الوحيد نحو إحداث تغيير، وأن التصويت والمشاركة في السياسة الانتخابية ليسَسوى مضيعة للوقت. ورغم ذلك، فإن الهدف من الاحتجاج يتمثل في توعية عامة الشعب، وتسليط الضوء على المظالم التي يعاني منها المجتمع".

وأوضح الرئيس السابق أنه بالنظر إلى التاريخ الأميركي، فإن الاحتجاجات والعصيان المدني غالباً ما مثّلا السبب الرئيسي والوحيد الذي دفع النظام السياسي لإيلاء اهتمام بالمجتمعات المهمشة. ولكن في نهاية المطاف، يجب أن تُدون آمال الشعب في شكل قوانين وممارسات مؤسسية محددة لا يمكن أن تتحقق سوى من خلال انتخاب مسؤولين حكوميين مستعدين للاستجابة لمطالبه.

وأكد أوباما على ضرورة فهم مستويات الحكومة التي تمتلك أكبر قدر من السلطة على نظام العدالة الجنائية وممارسات الشرطة. وقال: "على الرغم من أنه يجب علينا أن نتأكد من سعي الرئيس والكونغرس ووزارة العدل وغيرها من المؤسسات للاعتراف بالدور الذي تلعبه العنصرية في مجتمعنا، فضلاً عن فعل شيء حيال ذلك، إلا أن المسؤولين المنتخبين القادرين على إصلاح أقسام الشرطة ونظام العدالة الجنائية هم في الواقع رؤساء البلديات والمديرين التنفيذيين بالمقاطعات ونائبو الولايات".

وفي الواقع، يعين هؤلاء المسؤولون معظم رؤساء الشرطة، ويتفاوضون حول اتفاقيات المفاوضة الجماعية مع نقابات الشرطة. كما أنهم المسؤولون عن اتخاذ قرارات في ما يتعلق بشرعية التحقيق مع الأشخاص الذين دخلوا في اشتباكات مع الشرطة، واتهامهم. وعليه، "فإن خلاصة الأمر تتمثل في أنه إذا أردنا إحداث تغيير حقيقي، فيجب علينا الاحتجاج والانخراط في السياسة في الوقت ذاته".

وختم أوباما بأن محتوى برنامج الإصلاح الذي يُمكن أن تتوصل له الحكومة سيختلف باختلاف المجتمعات، لذلك يجب أن تمتلك كل وكالة إنفاذ القانون سياسات واضحة، بما في ذلك هيئة مستقلة تُجري تحقيقات حول ادعاءات سوء السلوك. كما سيتطلب تصميم الإصلاحات الخاصة بكل مجتمع مجموعة من الناشطين والمنظمات المحلية للقيام بالأبحاث وتثقيف المواطنين حول الاستراتيجيات التي ستعمل بشكل أفضل بالنسبة إليهم.