"دايلي تيلغراف" بالدليل القاطع: قوات الأسد تقتل المدنيين عَمداً

المدن - ميديا
السبت   2020/02/22
نساء سوريات في حلب (غيتي)
كشفت صحيفة "دايلي تيلغراف" البريطانية في تقرير حصري، أن قوات النظام السوري أطلقت النار عمداً على المدنيين المسنين في الشمال الغربي الذي تسيطر عليه المعارضة، وتربصت بالنقاط العسكرية التركية لمهاجمتها، في خرق مباشر لاتفاق وقف إطلاق النار، كما تثبت اتصالات لاسلكية مترجمة اطلعت عليها الصحيفة.

ويُتهم نظام الرئيس بشار الأسد بانتظام باستهداف المدنيين في الحرب المستمرة منذ تسع سنوات، ولكن نادراً ما يكون هناك دليل يثبت تعمّد الهجمات. واستطاعت الصحيفة إثبات جريمة واحدة منها على الأقل، حيث كشفت التسجيلات اللاسلكية التي فحصتها كيف فتحت قوات النظام من "الفرقة 25" (قوة المهمة الخاصة النخبوية المعروفة بقوات النمر) النار على مجموعة من النسوة العجائز الهاربات من القتال قرب مدينة حلب، ما يرتقي إلى مستوى جريمة حرب.

وأوضحت التسجيلات أن قوات النظام تعقبت النساء في سيارة تقف خارج منزل قريب من كفر حلب في حلب الغربية بتاريخ 11 شباط/فبراير الجاري. وكان يبدو أن النساء يجمعن ملابس ومتعلقات أخرى وهن يستعددن للهرب من تقدم قوات النظام الذي يشن حملة عسكرية في ريفي إدلب وحلب أدت إلى أكبر موجة نزوح جماعي منذ العام 2011.

وفيما أعرب أحد الجنود عن انزعاجه من إطلاق النار على النساء العزل وهو يقول لزملائه: "إنها تبدو كبيرة في السن، ومن الواضح أنها قادمة لحزم أمتعتها ثم تغادر"، أجاب آخر: "أنا أشاهدهن، هن على وشك دخول أحد المنازل، هيا! سأطلق النار الآن"، قبل أن تُسمع نيران مدفع رشاش سريع. ويقول له ضابطه: "أطلق النار أطلق النار، أنا أراقبك"، علماً أن الحوارات جرت باللهجة العامية.

وأكدت التقارير المحلية المتوافقة مع تاريخ ووقت الاتصالات اللاسلكية، بحسب الصحيفة، أن النساء قتلن في الهجوم، مشيرة إلى أن استهداف المدنيين عمداً يعتبر جريمة حرب بموجب القانون الدولي، علماً أن الاتصالات اعترضت بعد أن اكتشف مراقبون في مرصد قريب التردد اللاسلكي للجيش، ومن ثم نقلوه إلى الصحيفة عبر مجموعة ناشطين مستقلة هي مركز "ماكرو ميديا".


والحال أن هذه هي التسجيلات الثانية التي تكشفها الصحيفة، بعد نشرها الشهر الماضي، تسجيلات مسربة للمجموعة نفسها تكشف وجود مليشيات إيرانية وأفغانية تقاتل مع قوات فيلق القدس، التي اغتيل قائدها الجنرال الإيراني قاسم سليماني في بغداد، في شمالي سوريا. مع الإشارة إلى أن الهجمات على المدنيين أصبحت جزءاً من إستراتيجية النظام لترهيب السكان المحليين حتى يفروا من مناطق سيطرة المعارضة المتبقية، ما يسهل عمليات اعتقالهم.

وباتت هذه النوعية من التسجيلات أساساً لجهود استقصائية تقوم بها الصحف الكبرى، لإثبات جرائم النظام السوري، ومنها التحقيقات التي قدمتها صحيفة "نيويورك تايمز" خلال العام الماضي، وأثبتت فيها بالأدلة القاطعة استهداف النظام السوري والطيران الروسي للمشافي والمرافق الطبية في إدلب.

وكانت مسؤولة المفوضية الأممية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، قالت الأسبوع الماضي أن "سوريا تشهد حالياً أكبر حركة نزوح منذ بداية الحرب"، محمّلة النظام السوري والأطراف الداعمة له مسؤولية ذلك، مضيفة في بيان أن الوضع الإنساني في شمال غربي سوريا "يدعو للدهشة"، فيما تقدر معطيات الأمم المتحدة نزوح 900 ألف مدني سوري منذ مطلع كانون الأول/ديسمبر 2019.

وفي أيار/مايو 2017، أعلنت تركيا وروسيا وإيران توصلهم إلى اتفاق "منطقة خفض التصعيد" في إدلب، في إطار اجتماعات أستانة المتعلقة بالشأن السوري. وعلى الرغم من تفاهمات لاحقة أبرمت لتثبيت وقف إطلاق النار في إدلب، وآخرها في كانون الثاني/يناير الماضي، فإن قوات النظام السوري وداعميه تواصل شنّ هجماتها على المنطقة.