نساء الجهاديين في سوريا.. دراما روسية

المدن - ميديا
الخميس   2019/04/25
مسلسل "على الحافة"
يروي مسلسل جديد عبر التلفزيون الروسي العام، قصة متخيلة لثلاث نساء انتقلن إلى سوريا، بعدما أقنعهن جهاديون بالانضمام إلى صفوف المقاتلين الإسلاميين، في أحد الأعمال الثقافية الأولى التي تخوض هذه المسألة "الحساسة" في روسيا.


وفي إحدى اللقطات من السلسلة التي تحمل عنوان "على الحافة" تظهر امرأة شابة ترتدي الحجاب تتحدث بهدوء باللغة الروسية أمام الكاميرا، وتصف نفسها بأنها طالبة من موسكو وتخدم الآن في صفوف جماعة إسلامية متطرفة في سوريا. وتقول مخاطبة المشاهد: "من أنت أولاً وقبل كل شيء: روسي أم مسلم؟ ماذا يوجد في قلبك: الله أم الخوف؟".

ورأى مخرج العمل إيفجيني لافرينتييف أنه "من الواضح تماماً" أن قصة المسلسل تدور حول تنظيم "داعش"، مع مشاهد تجنيد العناصر بلغات مختلفة والرايات السود والأطفال المسلحين. لكن بسبب القوانين الروسية الصارمة في شأن التنظيمات المتطرفة، لم يأت المسلسل على ذكر اسم التنظيم في أي من مشاهده، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس".

وأوضح لافرينتييف: "من السهل لهؤلاء الإسلاميين المتطرفين تقديم أنفسهم على أنهم أبطال" و"الترويج لكل الأكاذيب الممكنة في شأنهم، لأن الناس لا يعرفون شيئاً عنهم ولا أحد يريد التحدث بالحقيقة عنهم".

والتحق الآلاف من مواطني الجمهوريات السوفياتية السابقة بصفوف التنظيمات المتطرفة في العراق وسوريا، بحسب أرقام أجهزة الاستخبارات الروسية. وكما الحال مع كل البلدان الأوروبية والولايات المتحدة، تواجه روسيا معضلات شائكة تتعلق بإعادة عائلات الجهاديين الراغبين في العودة إلى ديارهم، ورغم مخاوف السلطات من تنامي مخاطر التشدد على أراضيها، عادت عشرات النسوة والأطفال إلى الجمهوريات الروسية ذات الغالبية السكانية المسلمة في القوقاز.

وفي نيسان/أبريل، نالت الطالبة السابقة في موسكو فارفارا كاراولوفا إطلاق سراح مشروطاً، بعد إدانتها العام 2016 بتهمة محاولة الالتحاق بمقاتل أغواها عبر الإنترنت، في قضية حظيت بتغطية إعلامية كبيرة.

وأشار لافرينتييف إلى أن تنظيم "داعش" يستهدف عموماً الأشخاص الذين يعانون مشكلات مهنية أو شخصية لأنهم الأكثر عرضة للالتحاق بصفوفه. علماً أن الشخصيات الرئيسية في المسلسل هي طالبة لغات تعتنق الإسلام بعدما تشعر بالغدر من عائلتها وصديقها، وامرأة ريفية فقيرة تحلم بالاقتران برجل أجنبي ثري وأرملة مقاتل في تنظيم "داعش" ينبذها جيرانها.

وبحسب لافرينتييف: "عندما يفقد أي شخص هدف حياته عندها يجب إيجاده والتحدث إليه". ولا يترك المسلسل أي مجال للشك حيال نهاية أبطاله، إذ إن شخصيته الرئيسية الوحيدة فعلياً التي تتوجه إلى سوريا طوعاً، وهي أرملة جهادي، تموت بقنبلة يدوية قبل إنقاذ الآخرين. وقال لافرينتييف: "هنا، لا أشكك في شيء: إذا ما انضم شخص ما بكامل إرادته إلى منظمة إرهابية، فيجب إيداعه السجن".

وجاءت ردود أفعال الجمهور على هذا العمل الذي صور في روسيا ومصر، متضاربة. وأشاد موقع "ميدوزا" الإخباري الروسي بهذا العمل بوصفه "أول مسلسل روسي يكشف كيف يعمل المسؤولون عن التجنيد في دولة الخلافة على الإيقاع بالنساء الروسيات"، أما وكالة "روسبالت" الروسية فرأت فيه عملاً "شجاعاً وحتى استفزازياً"، معتبرة أنه قد يشكل "درساً للشابات التعيسات الأخريات".

أما موقع "تريكولور تيليفيجن" فوصف من ناحيته المسلسل بأنه "تافه ومليء بالأفكار النمطية"، منتقداً على وجه الخصوص اختيار الممثلين لهذا العمل، ومن بينهم ممثل بيلاروسي يؤدي دور مسؤول عربي عن التجنيد. وتضمن فيلم روسي آخر عُرض العام الماضي بعنوان "بروفايل" لتميور بيك مامبيتوف، توصيفاً دقيقاً لطريقة استقطاب تنظيم "داعش" للنساء.

يذكر أنه تم الكشف عن المسلسل لأول مرة في آذار/مارس من العام الماضي، ويشارك فيه الممثل والمذيع المصري تامر شلتوت، مجسداً دور "داعشي سوري"، إلى جانب صوفيا شاتكينغ وبيزو جيير وليلى الباكي ودعاء طعيمة.

وتسعى روسيا من خلال هذا النوع من الإنتاجات التلفزيونية إلى تأكيد سرديتها التي تبرر بها تحركاتها العسكرية الجدلية في سوريا، بعد انحيازها للنظام السوري ودعمه سياسياً وعسكرياً، عبر تأكيد وجود "إرهابيين" فيها وانتشار "الفكر المتطرف" بشكل ينسف وجود ثورة شعبية سلمية في البلاد.