نشطاء المعارضة يلوذون بـ"تيليغرام" هرباً من التنصت

منى حمدان
الخميس   2017/09/21
"لا تواصل هنا.. دعينا نتواصل عبر تيليغرام". بهذه الجملة، ردّت إحدى الناشطات السعوديات المعروفات عبر فايسبوك، إثر دعوتها للتواصل. وأذاعت سراً بأن تيليغرام، بات، نوعاً ما، خلية سرية للناشطين السياسيين المعارضين للسلطات في بلدانهم، خصوصاً في بعض البلدان العربية.

في بلدان يسجن فيها الناشطون بسبب منشور في "فايسبوك" أو تغريدة في "تويتر"، بات هؤلاء مراقبين وخائفين طوال الوقت. فبعض الناشطين في بلدان مثل السعودية والإمارات ومصر، وصلت فترة سجنهم إلى 10 سنوات وأكثر بسبب نشاطهم في مواقع التواصل الاجتماعي.

ودفع التنصت على الهواتف، ومواقع التواصل الاجتماعي، الناشطين باتجاه "تيليغرام" الذي بات التطبيق الوحيد "الآمن"، كما بات ملاذاً لهؤلاء الناشطين والناشطات للتواصل مع بعضهم البعض وللتنسيق لأي تحرك، أو للتواصل مع الصحافيين.

في العام الحالي، أعلنت خدمة التراسل الفوري "تيليغرام" عن إطلاق ميزة المكالمات الصوتية إلى تطبيقها على الهواتف الذكية. وبذلك بات تطبيق التراسل هذا منافساً شرساً لوسائل التراسل الأخرى وأبرزها "واتسآب". 

وعلى الرغم من إضافة WhatsApp لبعض المزايا الأمنية مثل التشفير التام والتحقق بخطوتين، إلا أن خدمة Telegram يُشار إليها على أنها خدمة التراسل الفوري الأكثر قوة من الناحية الأمنية. كما أنه يتيح إنشاء قناة عليه، ما فعلته بعض المحطات التلفزيونية والمواقع الإلكترونية لإيصال أعمالها إلى من يريد الاشتراك بالخدمة.

واعتمد مطورو التطبيق على تصميم بروتوكول يتمتع بالحماية الأمنية المتقدمة، هو MTProto، يجمع بين التشفير المتقدم والسرعة.

ويروي الناشط الحقوقي السعودي يحيى عسيري لـ"المدن" أنه بدأ باستخدام تطبيق Telegram منذ عام 2013، ويقول: "نستخدم التليغرام لكونه آمن حسب توصية الخبراء، ولضمان استمرار التواصل بالنشطاء والضحايا من دون أي اختراق أمني لمحادثاتنا، وإلحاق ضرر بهم".

ويؤكد عسيري، الموجود خارج السعودية بسبب نشاطه السياسي، أن الـTelegram هو أفضل وسيلة تواصل، إذ يساهم في عملية توثيق الانتهاكات وإيصال الرسائل إلى الصحافة الخارجية عما يحدث.

فـ"الحكومات تخاف من حرية الكلمة، وتعاقب على الأنشطة السلمية، وتحاول إسكات الجميع وتجهيل الجميع، بداية التغيير تكون بحرية الكلمة، وكل هذا يخيف الأنظمة الفاسدة ويدفعها للقمع، فتراقب وتمنع وتضيق الخناق على كل وسائل التواصل، حتى لا يتواصل الناس ببعضهم ويرتفع وعيهم، وينكشف لهم فساد حكوماتهم، وحتى لا يتم التنسيق بينهم لأعمال سلمية قد تحد أو تنهي فساد هذه الحكومات"، يختم عسيري.

في شباط/فبراير 2016، أوقفت الحكومة البحرينية خدمات برنامج Telegram على شبكات الهواتف النقالة، بدعوى مكافحتها للإرهاب والحفاظ على الأمن القومي. التطبيق كان مستخدماً بكثرة بين الناشطين والإعلاميين قبل إيقافه، كما يؤكد سيد يوسف المحافظة، نائب رئيس منظمة "سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان".

ويقول المحافظة لـ"المدن": "كمسؤول في منظمة حقوقية، أنا في تواصل مستمر مع الضحايا والمحامين والصحافيين، وأهالي المعتقلين"، لافتاً الى ان "تيليغرام" كان أحد الوسائل الهامة التي أستخدمها منذ 4 سنوات تقريباً، فمن خلاله كنا نستلم صور الضحايا والفيديوهات حول المسيرات، أو الانتهاكات، والمعلومات حول توثيق انتهاكات حقوق الإنسان، كان برنامجاً آمناً للتواصل الآمن مع الضحايا". 

ويرى المحافظة أن السبب الحقيقي وراء حجب التطبيق حتى الآن هو خوف الدولة من المعارضة ونشاطها، ويشير إلى أن "البحرين وغيرها من الدول العربية، لجأت إلى شركات كبرى في أوروبا وكندا وبريطانيا وأستراليا، التي توفر برامج تجسس، للتنصت على نشطاء ومعارضين ومحامين، عملهم سلمي وعلني وقانوني". 

إلا أن هذا التطبيق، المتاح للجميع، والآمن كلياً، قد يشكّل خطراً حقيقياً، من انتشار قنوات على Telegram  تحرّض على التشدد والإرهاب، وأبرزهم قنوات تنظيم "داعش".

وفي تموز/يوليو الماضي، حجبت إندونيسيا خدمات التطبيق، المستخدم بكثرة فيها، وهددت بفرض حظر كامل على التطبيق، بسبب المواد المرتبطة بالإرهاب التي يتضمنها، بحسب الحكومة. وأعلنت وزارة الاتصالات الإندونيسية: "الكثير من القنوات في الخدمة تضم مواد مرتبطة بالتطرف والإرهاب، ونصائح من أجل تجميع القنابل وشن هجمات، وهو ما يستدعي حظرها". وأكدت انها بصدد تحضير عملية لإغلاق التطبيق بالكامل في أنحاء إندونيسيا، في حال لم يقدم إجراءات تشغيل معيارية للتعاطي مع المواد المنتهكة للقانون.