المصالحة الإعلامية الفلسطينية: حب في زمن البراغماتية

محمود عمر
الخميس   2014/05/08
رئيس الحكومة الفلسطينية المُقالة اسماعيل هنية يقرأ في غزة صحيفة "القدس"
أنهى تبادل توزيع الصحف الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، أزمة منع الصحف التي تلت الإنقسام السياسي بين السلطة الفلسطينية وحكومة حماس. واستُكملت خطوة توزيع صحيفة "القدس" في غزة، اليوم الخميس، بتوزيع صحيفة "الأيام" الفلسطينية المحلية، في القطاع، فيما وزعت صحيفة فلسطين بالضفة، بطباعة ألفي عدد في رام الله وتوزيعها لأول مرة منذ العام 2007، المدير العام لصحيفة فلسطين إياد القرا. 
 
وجاء هذا التطور معطوفاً على اتفاق المصالحة الأخير الذي تم توقيعه بين حركتي فتح وحماس في منزل رئيس وزراء حماس في غزّة. هذه البادرة الإيجابيّة المحسوبة، بدأت بتوزيع صحيفة "القدس" في غزة، قبل أن تُستكمل اليوم، في حين لم يتضح ما إذا كان توزيع صحيفتي "الرسالة" و"الإستقلال" سيتم خلال اليومين المقبلين في الضفّة الغربيّة.
 
الطابع البراغماتي للخطوة وخضوعها التّام لحسابات السياسة، لم يمنع كثيرين من تلقّفها والترحيب بها. نقابة الصحافيين الفلسطينيين إعتبرت القرار الحمساويّ "مقدمة أساسيّة لطيّ صفحة الإنقسام الذي طاول الجسم الصحافي وأضرّ بواقع الحريّات العامّة"، كما رحّبت النقابة بقرار الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس بالسماح بتوزيع صحف حماس في الضفّة الغربيّة، مطالبةً بتنفيذه على وجه السّرعة. 
 
يأتي هذا القرار وما شاكله من إفراج عن معتقلين أمنيين من مناصري فتح في غزّة، وتسليم منزل الرئيس محمود عبّاس، ليؤكّد حاجة حماس البنيويّة إلى المصالحة واستعدادها لإبداء أكبر قدر من المرونة مع تفشّي الأزمة الماليّة في أروقة المؤسسات الرسميّة والضباب الكثيف الذي يحجب الرؤية عن الموعد المقبل لصرف رواتب عشرات الألوف من موظفي حماس في الدوائر والوزارات المختلفة.
 
 دفعاً في هذا الاتّجاه، حاول الإعلام الحمساويّ تضخيم دلالات خطوة السماح بنشر صحيفة "القدس" في غزّة من خلال لفيف من المقالات والصور التي كان من بينها صورة لإسماعيل هنيّة وهو يقرأ عدد صحيفة "القدس" في مكتبه. تواطأت الجهات الإعلاميّة في الضفّة مع هذا المسعى ناشرة بدورها صوراً لتوزيع العدد في أنحاء مختلفة من القطاع مضيفة نكهة إحتفاليّة على هذا الحدث الطارئ. 
 
شعبياً، عبّر كثيرون عن رضاهم المشوب بالحذر من هذه الخطوة، ناشرين صورهم وهم يقرأون عدد جريدة القدس الذي دخل إلى غزّة وكان الخبر الرئيس على صفحته الأولى، في صدفة لها ما لها، وعليها ما عليها، متعلقاً بتهنئة أمير قطر لعبّاس ومشعل بإنجاز إتفاق المصالحة الفلسطينيّة الأخير. 
 
مردّ هذا الشكّ بصدقيّة الإشتغال بملفّ الحريّات في الضفة وغزّة، الى أن رغبة حماس وفتح في الحصول على فسحة من حريّة الحركة في مزرعة الطرف الآخر، لا يعني بالضرورة رغبتهما في أن يشمل نعيم المصالحة المرتقب المجموع الشعبيّ في الضفّة والقطاع، بالإضافة إلى فشل الطرفين عبر السنوات الماضية في إنهاء الانقسام بشكل جذريّ لأسباب من بينها إرتهان ملفّ المصالحة برمّته لحسابات إقليميّة. 
 
ستنتقل الطمأنينة الشعبيّة في غزّة إلى مستوى أعلى إذا ما قرأ الغزيّون في صفحات الجرائد، وبينها "القدس" و"الأيّام"، أخباراً عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنيّة المنصوص عليها في إتفاق المصالحة وفتحاً دائماً لمعبر رفح ورفعاً للحصار الإسرائيليّ. ولكن، إلى حينه، فإنّ الشكّ يظلّ سيّد الموقف.