إقرار موازنة 2018.. الهشة

عزة الحاج حسن
الجمعة   2018/03/30
استبعاد عجز الكهرباء وبعض النفقات من الموازنة لخفض العجز "إسمياً" (المدن)
صوّت مجلس النواب، الخميس 29 آذار، على قانون موازنة العام 2018، ليسجل بذلك إنجازاً على مستوى المالية العامة يحمله لبنان إلى مؤتمر سيدر 1 بعد أيام قليلة، لعله بذلك يعزز ثقة المجتمع الدولي بالدولة، ولكن أي موازنة؟ وأي إنجاز مالي شهده مجلس النواب؟

أقرت موازنة 2018 بعد انقضاء أكثر من خمسة أشهر على المهلة الدستورية المحددة لتقديم مشروع الموازنة إلى المجلس النيابي، نالت 50 صوتاً واعترض عليها نائبان وامتنع عن التصويت 11 نائباً.

خرجت موازنة 2018 بعجز "مُعلن" بلغ 5250 مليار ليرة أي نحو 3.469 مليار دولار. وقد بلغ مجموع نفقات الموازنة العامة 23.891.224.583.000 ليرة أي نحو 15.927 مليار دولار، في مقابل إيرادات بلغت 18.686.869.000.000 ليرة أي نحو 12.4 مليار دولار، وتم استبعاد عجز الكهرباء بقيمة 2100 مليار ليرة وهي عبارة عن تحويلات من الخزينة العامة إلى مؤسسة كهرباء لبنان لدعم تعرفة الكهرباء، إضافة إلى خدمة دين، ونفقات استثمارية، ونفقات إنشائية بواسطة قوانين البرامج.

بمعنى آخر، جهدت الحكومة ومن بعدها لجنة المال والموازنة لتدوير زوايا الموازنة العامة لعلها تخفف من حجم عجزها وإن "إسمياً"، فتم استبعاد عجز الكهرباء، إضافة إلى إجراء بعض التخفيضات الخجولة بالإنفاق منها خفض مبلغ 489.500.000 ليرة من بند الإيجارات في ديوان المحاسبة وخفض مبلغ 143.722.000 ليرة من اعتمادات مجلس الخدمة المدنية بناء على اقتراح المجلس المذكور. وتم خفض مبلغ 84.692.996.000 ليرة من الاعتماد المخصص كاحتياطي للنفقات الطارئة والاستثنائية من أجل تغطية النفقات المضافة.

وتم زيادة الإيرادات من تحصيل ضرائب من مكلفين متخلفين أو متهربين وغير ذلك، بعد إقرار سلسلة من الإعفاءات الضريبية أهمها وأكثرها خطورة التسوية الضريبية المرتبطة بضريبة الدخل، فهي تسمح بتسوية أوضاع المكلفين بضريبة الدخل لغاية عام 2016 ضمناً وتبرئة ذمة جميع المكتومين والمخالفين والمتهربين والمتقاعسين بصورة نهائية وشاملة، من أي مسؤولية أو ملاحقة، لقاء قيم زهيدة لا تتناسب مع حجم المخالفات والتهرب المتعمد والإحتيال.

إلى ذلك تم توزيع اعتمادات بعض الإدارات ودون تعديل القيمة الإجمالية المخصصة لنفقاتها، باستثناء حالات محدودة جداً، لاسيما في وزارتي العدل والدفاع الوطني.

الخفض الخجول في نفقات موازنة 2018 لم يخفِ ضخامة العجز، ولم تجعل بعض الإجراءات "التصحيحية" من موازنة 2018 موازنة إصلاحية بالمعنى الحقيقي، وتالياً لم تسقط صفة الهشاشة عنها بحسب بعض خبراء المال الذين اعتبروا أن موازنة 2018 هشّة في إصلاحاتها وغير محفزة للاقتصاد.

والنتيجة أن موازنة 2018 وإن تم إقرارها قبل انعقاد مؤتمر سيدر 1، فهي لن تفي بالضرورة بمطالب المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية، لاسيما أن الإصلاحات المطلوبة أبعد من بعض التعديلات الطفيفة. فموازنة 2018 أقرت لكنها لم تشهد ولم تترافق مع إصلاح مالي. وإقرارها لم يترافق مع خطط لمكافحة الفساد، أو إصلاح نظام التقاعد ونهاية الخدمة، وإصلاح قطاع الكهرباء وغيرها.