"مباراة الموت" بين الأوكران والنازيين.. ومارادونا غشاشاً بقدر عبقريته

محمد صبحي
الإثنين   2022/11/21
بيليه في لقطة من فيلم "انتصار"
من المستحيل كتابة مقال عن الرياضة في السينما من دون الإشارة إلى أكثر الرياضات عالمية: كرة القدم. اللعبة التي، بالإضافة إلى تحريكها الجماهير في أنحاء العالم، صارت الأكثر تمثيلاً في وسيطٍ، جماهيري أيضاً، مثل السينما.

نظراً للعدد الكبير من الأفلام التي تناولت كرة القدم، إن لم تكن موضوعها الرئيسي، أو باعتبارها جزءاً أساسياً من إطار القصة؛ من الصعب جداً تحديد منطلق حصري، أو اختيار فيلم بعينه للبدء في مراجعة لائحة واسعة (حيث ستُفقد العديد من الأعمال على طول الطريق)، أو حتى الحديث عن مقدمة مختصرة وافية التمثيل لعلاقة السينما وكرة القدم، لأن هذا ببساطة سيعني افتراض وحدة عنصرية لموضوع لا يعترف بمثل هذا التعميم، بسبب تنوع الأساليب والموضوعات الفرعية التي يقدّمها.

عادةً ما تظهر في هذه المساحة مراجعات لأفلام بناءً على معايير تاريخية أو كرونولوجية، ولن تكون هذه المرة مختلفة. لكن الآن السبب مختلف تماماً. جزء هائل من "سينما كرة القدم" حديث جداً، بما أن اللعبة نفسها حديثة، إذ بدأت كما نعرفها الآن في أوائل القرن العشرين. لذلك، من المناسب الإنطلاق من سابقة سينمائية مشهورة كنموذج تاريخي. ولا نحتاج إلى العودة إلى ما هو أبعد من العام 1981 للحديث عن الفيلم الأسطوري "انتصار" للمخرج الكبير جون هيوستن.

عبر استخدام الحرب العالمية الثانية كخلفية اجتماعية وسياسية، يسحب المخرج الأميركي حبكة مجنونة نسبياً من قبعته، تمزج سينما الحرب بالأفلام الرياضية، غير إنها، وللدهشة، حققت انتصاراً مظفراً في شباك التذاكر. تسير القصة كالتالي: خلال الحرب العالمية الثانية، قرر كبار القادة النازيين (على رأسهم ماكس فون سيدو) تنظيم مباراة بين فريق كرة قدم ألماني (نازي) ومجموعة من السجناء (من قوات الحلفاء) في أحد معسكرات الاعتقال، فقط ليجدوا أنفسهم مشاركين في حيلة دعائية ألمانية قبل أن يقرروا قلب الطاولة واستخدام المباراة كفرصة للهروب من الأسر. إلى جانب الممثل السويدي العظيم، ضمّ طاقم الفيلم ممثلين من مكانة مايكل كين وسيلفستر ستالون، مع لاعبي كرة قدم حقيقيين مثل بيليه وبوبي مور وأوزفالدو أرديليس، بالإضافة إلى العديد من لاعبي فريق إبسويتش تاون الإنكليزي، ثاني الدوري الإنكليزي في ذلك العام والفائز ببطولة الكؤوس الأوروبية (الدوري الأوروبي حالياً).


("انتصار"، جون هيوستن، 1981)

الفيلم مستوحى من القصة التي فقدت مصداقيتها الآن لما تعرف بـ"مباراة الموت"، التي هزم فيها نادي دينامو كييف الجنود الألمان، وعلى إثرها احتلت القوات الألمانية أوكرانيا في الحرب العالمية الثانية. وفقاً للأسطورة، تغلّب الفريق الأوكراني على الفريق الألماني بنتيجة خمسة أهداف لهدفين، ومن ثمّ حدثت مذبحة مروعة راح خلالها لاعبي الفريق الأوكراني. القصة الحقيقية أكثر تعقيداً إلى حد كبير، حيث لعب الفريق الأوكراني سلسلة من المباريات ضد الفرق الألمانية خلال الاحتلال النازي لأوكرانيا، وخرج منتصراً فيها جميعاً، قبل أن يرسل الغستابو (الشرطة النازية السرية) أياً منهم إلى معسكرات الاعتقال. تم توثيق مقتل أربعة لاعبين على يد الألمان، لكن هذا حدث بعد فترة طويلة من تواريخ المباريات التي فازوا بها.

عدوانية وشغب
المسار الطبيعي لهذه البسطة الكروية السينمائية يتضمّن، بالطبع، توقفاً إلزامياً في إنكلترا، البلد الذي ولدت فيه اللعبة الجميلة في منتصف القرن التاسع عشر. هنا، يمكننا بالفعل البدء في التمييز بين اتجاهات محددة. الأول ذو جودة واضحة، ممثل بأفلام مثل "يونايتد الملعون" (2009، توم هوبر)، والذي يعيد بناء أحداث حقيقية (رغم الجدل بشأن دقته التاريخية)، من خلال تناوله الصراع الأخلاقي لبريان كلوف، المدرب المتهور والمشؤوم، بعد توليه مسؤولية أفضل نسخة من ليدز يونايتد في التاريخ (1974)، فريق حقق نجاحاً في الدوري الإنكليزي الممتاز من خلال ممارسة شيئاً مضاداً لكرة القدم؛ ولكن ليس بمعنى "اللعب القبيح" الذي نعرّف من خلاله هذا الأسلوب اليوم، بل بمعناه العدواني، والذي يعتمد عليه بدوره أحد أكثر المظاهر الرياضية إثارة للاهتمام وواحدة من أسوأ ويلات كرة القدم: شغب الجماهير.

في هذا الصدد، هناك عدد قليل من الأفلام الشائكة والملتبسة والمفتوحة لإثارة النقاشات، اثنان من أشهرها هما "غرين ستريت" (2005، ليكسي ألكسندر)، والذي لم يستطع إيجاد ممثل أقل ملاءمة من بطله إيليا وود لتحويله إلى مشجّع كروي مشاغب، وفيلم "I.D." (1995، فيليب ديفيس)، ويذهب إلى أبعد من ذلك في تناوله ذلك الجانب المظلم من تشجيع كرة القدم، عبر حبكة تدور تدور حول مجموعة من ضباط شرطة العاصمة يُرسلون متخفّين للتسلل إلى عصابة من مثيري الشغب الخطرين في كرة القدم. غير أن المفضّل لدى كاتب هذه السطور في هذا الجانب هو "Awaydays" (2009، بات هولدن)، وهو فيلم، بعيداً من تقليله لأهمية العنف باعتباره استجابة حصرية للظاهرة الرياضية، يأخذ صعود شغب الملاعب في الثمانينيات لتحديد نمط جمالي وشبه أخلاقي لحركة روابط المشجّعين.

 

"البحث عن إريك"

الأكثر إلحاحاً وصِلَة يتمثّل في اتجاه ثالث ملحوظ للغاية، مسؤول عن جعل كرة القدم أداة للسينما الاجتماعية. وما من طريقة أفضل لتوضيح هذا الجانب سوى بالاستشهاد بأحد أعمال كين لوتش، "البحث عن إريك" (2009)، والذي يستخدم الشخصية الأسطورية لإريك كانتونا كسلاح ترويجي ومفتاح لتطوّر قصة عن الهروب من تجارب الحياة الحديثة التي يمكن أن تجلبها كرة القدم وأبطالها لمحبّيها. كتب السيناريو بول لافيرتي، وشمل طاقم الفيلم، بالإضافة إلى لاعب كرة القدم المحترف السابق، ستيف إيفيتس، عازف الغيتار السابق في فرقة The Fall.

يلعب الفرنسي دور محلل نفسي يحمل اسمه، بينما يلعب إيفيتس دور ساعي بريد متعصب لكرة القدم (مانشستر يونايتد بالتحديد) تنحدر حياته إلى أزمة. مطلّق، ولديه ولدان متعارضان، وابنة لا تتحدث معه. بعدما اعتبر الانتحار الحل الوحيد الفعّال لمشاكله، يظهر له من بين سحابات دخّان الحشيش شبح كانتونا ليؤكد له دور كرة القدم باعتبارها الدواء الشافي لمشاكل الجماهير. قال لوتش عن الفيلم، "أردنا تفريغ فكرة أن المشاهير أكثر من كونهم بشراً. أردنا أن نصنع فيلماً يستمتع بفكرة ما أسمّيه التضامن، ويسمّيه آخرون دعماً للأصدقاء، والفكرة القديمة القائلة بأننا أقوى كفريق مما نحن عليه كأفراد".

في الفيلم البريطاني أيضاً "ثبّتها مثل بيكهام" (2002، غوريندر شادا) تُستخدم صورة لأحد رموز كرة القدم مرة أخرى، ليس فقط للدعاية والترويج، وإنما أيضاً كنموذج للتنديد، في هذه الحالة، بالتكوينات الثقافية التي تقلل من قيمة النساء. في إطار هذه التقاليد الكارهة للنساء، يقع الفيلم الإيراني الرقيق والحاذق "أوفسايد" (2005، جعفر بناهي)، حيث تحاول بعض الشابّات الإيرانيات المحبّات لكرة القدم التسلل لحضور مباراة لمنتخب بلادهن، وهو أمر مسموح فقط للرجال في إيران.

لكن التبرير والدفع الاجتماعي من خلال كرة القدم على الشاشة الكبيرة لا يقتصر على الأفلام الروائية، كما هو متوقع. يستكشف الفيلم الوثائقي The Two Escobars (2010، جيف ومايكل زيمباليست) حقيقة محزنة: الترابط الصامت للّعبة بتهريب وتجارة المخدرات في كولومبيا، والذي يجرؤ على مناقشة قصة تشابك حياة لاعب كرة القدم الكولومبي أندريس إسكوبار وزعيم المخدرات بابلو إسكوبار، والأحداث الغامضة التي أدت إلى وفاة الأول.

مارادونا بطلاً وأسطورة
النهج الوثائقي الأكثر شيوعاً يتمثّل في تصوير أحداث معينة، مثيرة للاهتمام بسبب أهميتها التاريخية، أو بسبب نقصٍ عام في معرفتها وهنا يكون الهدف هو التخفيف من هذا الجهل. والكاميرا الوثائقية كذلك مكرسة لدراسة حياة أيقونات الشاشة العظيمة، وما أكثرهم من لاعبي كرة القدم الذي أدخلهم التلفزيون في قلب كل بيت.

من المحتمل أن يكون دييغو مارادونا أكثر المعتزّين بين زملائه بوفرة الأفلام حول حياته ومعجزاته (هناك ما يشبه الهالة المقدّسة حول شخصيته)، كونه الأكثر شهرة وفضائحية وحياته زاخرة بالأحداث والتفاصيل والتصريحات. أبرز ما ظهر من هذه الوثائقيات بدأها فيلم "مارادونا بحسب كوستوريتسا" (2008، أمير كوستوريتسا)، والذي بالرغم من امتلاكه لبعض اللقطات الأرشيفية المثيرة للإعجاب، إلا إنه يكاد يكون أقرب لسير القديسين بتوقيع مُعجب غير قادر على رؤية أي عيب في الرجل الذي أمامه.

البريطاني آصف كاباديا حاول تصحيح هذا الخطأ بفيلمه "مارادونا" (2019)، بمزجه بين الشخصية والمهنية في مقاربته لبطله الأسطوري، ليصل إلى نقطة تعادل لافتة وقيّمة سينمائياً: بالنسبة لعشاق كرة القدم، الفيلم لا يُقدّر بثمن، وأولئك الذين لا يعرفون أي شيء عن مارادونا سيصادفون رجلاً كان غشاشاً بقدر ما كان عبقرياً.


فيلم آخر هو "بطل: الفيلم الرسمي لكأس العالم 1986" (1987، توني مايلام)، الذي يصوّر صعود مارادونا المذهل إلى المجد في ميدان اللعب خلال كأس العالم 86 في المكسيك.

أدّت خلافاته وإثاراته المستمرة، بالإضافة إلى تحولّه إلى خيال الثقافة الشعبية، إلى جعله موضوعاً متكرراً حتى في الأفلام والقصص الروائية، كما في "يد الله" (2021، باولو سورينتينو)، أو "إجرين مارادونا" (2019، فراس خوري)، الذي يعود بأحداثه إلى كأس العالم 1990، لنتابع طفلين فلسطينيين في رحلة بحثهما عن "اجرين مارادونا"؛ الملصق الأخير في ألبوم لاعبي منتخبات كأس العالم، للحصول على أتاري مجاني. أو في "طريق سان دييغو" (2006، كارلوس سورين)، حيث نقابل حطّاباً شابّا ارجنتينياً مهووساً بمارادونا: الرقم 10 موشوم على ظهره، ولديه ببغائان يصرخان "مارادونا" من حين لآخر. يمزح أصدقاؤه أنه ليس متزوجاً من زوجته بل من مارادونا. يعرف كل إحصائية ممكنة عن مسيرة مارادونا المهنية، ولديه قدر كبير من المعرفة فيما يتعلق بحياة بطله. في أحد الأيام يسمع الشابّ من أصدقائه أن مارادونا يعاني مشاكل في القلب (نتيجة لإدمانه المعروف على المخدرات)، فيقرر الذهاب في مهمة مقدّسة لمعبوده في المستشفى السويسري الأرجنتيني في بوينس آيرس (حيث يتعافى) ليسلّمه منحوتة خشبية على هيئته.

مساحة للجميع
بتغيير الموضوع والنبرة والأسلوب، لكن من دون ترك الخصوصية اللاتينية، يمكننا أن ندرج في هذه المساحة نماذج لافتة وغريبة نسبياً مثل الكوميديا ​​المكسيكية "رودو وكورسي" (2005، كارلوس كوارون)، حول شقيقين فقيرين يعيشان في مزرعة موز في المكسيك. لاعبان موهوبان في كرة القدم، لكن أحلامهما تكمن في مكان آخر: يريد تاتو الأصمّ أن يصبح مغنياً، في حين أن بيتو يكتفي بالبقاء في المزرعة. في أحد الأيام، رأى وكيل رياضي الشابّين يلعبان كرة القدم ويعرض عليهما اصطحاب أحدهما إلى مكسيكو سيتي للحصول على فرصة للنجومية الرياضية. الموهبة والطموح موجودان أيضاً في قصة "أخّ" (2010، مارسيل راسكين)، وهو فيلم فنزويلي مأساوي يوضّح مرة أخرى أن كرة القدم، بالإضافة إلى تأليب الرجال ضد بعضهم البعض، يمكن أن تتحد بلا خجل مع غرائزهم الأساسية.

ومن أميركا اللاتينية إلى إسبانيا، حيث يعتبر الكثيرون هناك كرة القدم فناً، إذا صدّقنا الإعلان الترويجي للدوري الإسباني. تأتي اللعبة غالباً للقيام بدور الرابط المتين بين ذكور محبطين، كما في فيلم "أيام كرة القدم" (2003، ديفيد سوريانو)، حيث يتفق مجموعة من الأصدقاء القدامى أن الوقت قد حان لتغيير حياتهم فيقومون بإعادة تجميع فريق كرة القدم الذي كان لديهم عندما كانوا صغاراً، والفوز في النهاية بشيء في حياتهم، حتى لو كان كأساً صغيراً في ملعب لا يتسع سوى لسبعة لاعبين.

ثم هناك خطّ رفيع يمكن أن يفصل بين الخاسر والبطل، كما في "أطول ركلة جزاء في العالم" (2005، روبرتو سانتياغو)، حيث فرناندو، الرجل الذي يعمل في سوبر ماركت الحي ويلعب كحارس مرمى بديل لفريق كرة القدم، يجد حياته المملة تأخذ منعطفاً مثيراً عندما يلعب أخيراً مباراة لكرة القدم.

وأيضاً هناك مساحة لحكّام اللعبة، كما في الكوميديا السوداء "ماتياس، الحكم المساعد" (1995، سانتياغو أغيلار ولويس غوريدي). في الفيلم، ماتياس، حكم مساعد لكرة القدم، وعد والدته وهي على فراش الموت أنه لن يكذب أبداً. عندما كان يحكم مباراة لمنتخب إسبانيا، أشار إلى وجود ركلة جزاء ضد إسبانيا في اللحظة الأخيرة للوفاء بوعده. لا تتأهل إسبانيا لكأس العالم، ويضطر ماتياس إلى الفرار حتى لا يقتلوه. لجأ إلى مسقط رأسه، حيث يعيش والده، المدمن على الكحول والذي لم يره منذ سنوات. وسرعان ما انتهى به الأمر إلى اكتشاف أن جميع الجيران يقومون بتهريب الكحول.


(من فيلم اهرب)

في المنطقة الكوميدية أيضاً يلعب فيلم "اهرب" (2007، ألفارو فرنانديز أرميرو)، والذي يتابع حياة أحد الحكّام المرموقين في الدوري الإسباني أثناء مروره بوقت عصيب في حياته. سمعته المهنية تضررت مؤخراً نتيجة لسلسلة من القرارات المثيرة للجدل في المباريات الأخيرة. حياته الشخصية ليست أفضل بكثير، فهو ما زال يحبّ زوجته السابقة، ولتعقيد الأمور أكثر، تُعلن أن لديها حبيباً جديداً. في مواجهة هذا الموقف المحبط، يتخذ البطل قراراً محفوفاً بالمخاطر بتحكيم المباراة الأخيرة والحاسمة في الموسم مع أفضل مساعديه وأقرب أصدقائه. بعد أن يكشف له "سراً غامضاً"، سيشارك الاثنان في سلسلة من المغامرات الممتعة في طريقهما إلى اللعبة، حيث سيناقشان الحبّ والصداقة وكرة القدم.

ملاحم ونوادر
ولإعطاء خاتمة لطيفة للمقال، أود الإشارة إلى بعض الأفلام الخفيفة التي برأيي نوادر في مهمة توضيح الرياضة التي نتعامل معها هنا، بمعارضتها لكافة النماذج السالفة، وتقديمها قصصاً وحبكات يوتوبية وباعثة على إشعار مشاهديها بمشاعر طيّبة. ولا يتضحّ ذلك بصورة أفضل مما في ملحمة رياضية عن التمكين وتحقيق الأحلام بروح هوليوودية كلاسيكية من طراز "هدف" (2005، داني كانون)، والجزء الثاني منه من إخراج الإسباني خاومي كوليت سيرا.

يتابع الفيلم الأول حلم الطفل الفقير سانتياغو مونيز بأن يصبح لاعب كرة قدم محترف، رغم إدراكه لصعوبة تحقق حلمه. عندما يعبر الحدود من المكسيك وينتقل إلى أميركا مع عائلته، لا يأخذ معه سوى كرته الخاصة وصورة ممزقة لكأس العالم. عندما يكبر، يدرك أن الأرض الموعودة التي أخذها والده إليه ليس لديها الكثير لتقدمه لصبي شغوف بلعب كرة القدم. ولكن عندما رأى البريطاني غلين فوي، لاعب كرة القدم السابق الذي يأتي إلى الحي، سانتياغو يلعب في مباراة، يتعرّف فيه فوراً على لاعب كرة قدم ماهر وسريع وشجاع؛ نوع المواهب الذي يتوق إليه الدوري الإنكليزي الممتاز. يخبر غلين، سانتياغو أنه إذا سافر إلى إنكلترا، يمكن أن يجعله على اتصال بناد يعرفه جيداً: نيوكاسل يونايتد. يعتقد سانتياغو أن هذه هي الفرصة التي كان ينتظرها طوال حياته، ولكن بصفته مهاجراً غير شرعي، يعلم أنه إذا غادر فسوف يغيب عن عائلته إلى الأبد، لأنه لن يتمكّن من العودة.

بعد عامين من تحقُّق الحلم، يعود سانتياغو في الفيلم المتمم "هدف 2: عيش الحلم" (2007) نجماً ولاعباً مفضّلاً لجماهير نيوكاسل، تتمنّاه أكبر أندية أوروبا. وفيما تنظّم خطيبته ترتيبات حفلة الزفاف، يحقق حلمه بارتداء القميص الأبيض لفريق ريال مدريد ليزامل ديفيد بيكهام وزين الدين زيدان وراؤول. لكن عندما تغريه دخيلة شابّة طموحة وجميلة ومتعطشة إلى الشهرة، توشك حياته على الانهيار. يكتشف بعد ذلك الوجه الأكثر قتامة للنجاح، والذي سيقوده إلى تعريض حياته المهنية وصداقاته وزواجه المزمع للخطر.

في الفيلم الإسباني "النهائي الكبير" (2006، جيراردو أوليفاريس) يُعمّم الشغف بكرة القدم على المستوى الدولي، من خلال متابعة الحدث ذاته، من خلال ثلاث قصص متوازية، تظهر لنا مغامرات رجال يجمعهم شيئان مشتركان: العيش في مناطق نائية ومعزولة من الكوكب، والهوس بفكرة مشاهدة نهائي كأس العالم لكرة القدم 2002 بين ألمانيا والبرازيل. مفترق طرق للقصص العابرة للحدود ينعكس أيضاً في الفيلم الألماني "يوم في أوروبا" (2005، هانيس شتور). يروي الفيلم أربعة أحداث مماثلة وقعت في اليوم نفسه (ليلة مباراة في دوري أبطال أوروبا بين غلطة سراي التركي وديبورتيفو لاكورونيا الإسباني)، في الوقت عينه، في أربع مدن أوروبية (موسكو وأسطنبول وبرلين وسانتياغو دي كومبوستيلا). يتعرض أربعة مسافرين، في مواقع مختلفة، للسرقة ويجب عليهم التواصل مع الشرطة المحلية بشكل فعّال (بتجاوز الاختلافات اللغوية وصعوبة التواصل) لإيجاد مخرج.


(شاولين سوكر، 2001، ستيفن شاو)

لكن الفيلم الأكثر غرابة بلا شك هو الكوميديا الهونغ كونغية "شاولين سوكر" (2001، ستيفن شاو)، الذي يجمع بمهارة أعراف وخصائص كرة القدم المصورة مع جماليات فنون الدفاع عن النفس، في تحية واضحة لمسلسلات الأنمي اليابانية الأسطورية وأبطالها من لاعبي كرة القدم (أشهرهم بالطبع كابتن تسوباسا، أو "كابتن ماجد" كما نعرفه في النطاق العربي).

كونغ فو شاولين واحد من أقدم وأكبر الأساليب القتالية الأكثر شهرة في الكونغ فو، يجمع بين بوذية تشان وفنون الدفاع عن النفس. كان فناً يُمارس عبر العصور؛ ومهارة يتقنها القلب. في الفيلم، يصبح أكثر من مجرد فلسفة بالنسبة لستة شباب مؤمنين. يصير طريقة حياة كاملة. لكن مع تغيّر العالم من حولهم، حيث أصبح الشرف والانضباط فضائل منسية، فقدوا طريقهم، باستثناء أحد الأتباع المخلصين. بمساعدة نجم كرة قدم سابق، يجمع التابع المخلص بين أصدقائه القدامى غير المناسبين وغير الأكفاء، ويجنّد امرأة شابة تتمتع بمهارات غير عادية في الكونغ فو. معاً، سيجمعون بين القوة القديمة لشاولين مع لعبة كرة القدم الحديثة، وفي هذه الأثناء، قد يأخذون الرياضة الأكثر شعبية في العالم إلى أقصى درجاتها. باختصار، فيلم يعرض نسخة أخرى من كرة القدم، وبالرغم من ذلك لا تتوقف عن مشاركة خصائصها المحددة مع رياضة تحافظ على قدرتها التي لا يمكن إنكارها لإثارة جمهورها.