شوقي بزيع... نسخة تقريبية عن الجحيم الآخر

المدن - ثقافة
الأربعاء   2021/08/04
بريشه شوقي شمعون
عبثاً أحاول العثور على كلمات مناسبة لتوصيف ذلك الهول الكارثي الذي أحاق ببيروت قبل عام من الآن. كأن ما اندلع عند الخاصرة البحرية للعاصمة اللبنانية، هو نسخة تقريبية عن الجحيم الآخر الذي يتلقف بلا شفقة مصائر البشر الخطّائين في الحياة الثانية. لم يسبق لمدينة على الأرض أن دفعت مثل هذه الكلفة الباهظة لجمالها الآسر، كما هو حال لؤلؤة الشرق، الشبيهة بجنةٍ متلألئة عند فوهات البراكين، والمصنوعة من مقايضات غير قابلة للنفاد بين الموت والقيامة.

اما الشعراء الذين راوا في بيروت يوتوبيا أرضيةً لأحلامهم وفضاء لمخيلاتهم، فقد واكبوها في الحالتين معاً، فكتب الشاعر اليوناني أغاتيوس في رثاء المدينة التي تحولت الى ركام، بعد ان أحاق بها زلزال مدمر عام 566 للميلاد:
انا وردة فينيقيا التي ذوت بفعل الزلزال
وزال عنها جمالها الرائع
ودكّت أبنيتها البديعة المنظر
الرائعة الهندسة
هاءنذا المدينة التاعسة
كومة من الخرائب وأبنائي أموات
هل تبكون أيها العابرون الماشون فوق أطلالي؟
هل تأسون لمجد بيروت التي لا وجود لها؟
وداعاً ايها الملاحون الباحثون عن مرفأ لهم
وداعا أيتها القوافل الآتية من وراء البحار.

وفيما قُدّر لمواطنه ننوس الديونيزي، من جهة ثانية، أن يواكب المدينة نفسها في لحظات ازدهارها القصوى، كتب محتفياً بها في قصيدته النادرة "ملحمة بيروت الميمونة":
يا بيروت
انت ارومة الحياة ومرضعة المدن
انت مفخرة الأمراء،
أولى الأماكن المنظورة'
الأخت التوأم للزمن،
المعاصرة للكون،
أرض العدالة، 
مدينة الشرائع،
عرزال البهجة،
معبدُ كلّ حب،
ونجمةُ بلاد لبنان.

(*) مدونة نشرها الشاعر شوقي بزيع في صفحته الفايسبوكية