أسعد الشفتري رداً على محمد حجيري: لستُ نجماً

المدن - ثقافة
الجمعة   2020/12/04
جاءنا من عضو جمعية "محاربون من أجل السلام"، أسعد الشفتري، الرد الآتي:
حضرة الأستاذ محمد الحجيري المحترم
اكتب اليكم بعدما قرأت مقالاً لكم في موقع "المدن" وعنوانه "مأزق الثقافة كموضة: الحرب، الاعتذاريون، الجوائز".

أولاً، عليك ان تعلم انني أكن لك كل الاحترام بعدما قرأت بعض المقالات التي تتفضل بها. تتكلم في مقالك عن تفتيشنا عن النجومية في ما قمنا به خلال الحرب الأهلية البشعة، ثم تطاول البعض منا في ما نقوم به اليوم. إسمح لي ان أقول إن وضع الانسان حياته على كف عفريت من أجل قضية ما، والاستعداد للموت في كل لحظة حماية لما يظنه صحيحاً في لحظة ما دفاعاً عن وطن او جماعة او فكرة، هو أبعد ما يكون عن النجومية. النجومية تألق واستفادة ووجاهة، ولا اظن أن أحداً ممّن سمّيتَ في المقال كان يفتش عن ذلك في خضم المعارك.

دعني هنا أتكلم عن نفسي. دخلتُ النضال مغموراً، وبقيتُ كذلك مهما علا شأني في الهرمية التي كنت أنتمي إليها. وحدها مفاوضات الاتفاق الثلاثي، حيث مثلت "القوات اللبنانية"، دفعتني ان أُعرف وأظهر الى العلن، فكم بالحريّ وانا كنت اعمل في أجهزة الظل وهي الأمن والمخابرات.

أما في ما بعد، وبعدما تغيرت، ورأيت الأمور على حقيقتها ورأيت نفسي أيضاً على حقيقتها وواجهت مواقفي وأفعالي السابقة، كان من واجبي أن أنشر اعتذاري عن افعالي تجاه لبنان واللبنانيين علناً. ليس طلباً للنجومية، فأية نجومية أسعى إليها في تعريض نفسي وتعرية نفسي أمام الناس، أصدقاء كانوا، أو من كان يعاديني، والاعتراف بأخطائي وخطاياي؟ بل كان الذهاب الى الإعلام، لسبب واحد، وهو نشر هذا التغيير محبة في غد أفضل لوطننا وللأجيال اللاحقة حتى تتعلم ولا تكرر الأخطاء المميتة تجاه الانسان والوطن.

اما الاهتمام الذي حصل فليس لشخصي، بل للرسالة التي أصبحت أحمل، ولاهتمام الناس بالتفتيش عن كيفية خروجنا من لولب الجهل والخوف والبغض، الى العيش الواحد المحب والى الطمأنينة. لم أطلب يوماً من أحد ان يدعوني الى التكلم على شاشته أو صحيفته أو صفحته الإلكترونية، بل اكتفيت بتلبية طلب الناس المهتمين بصناعة السلام وباختزال زمن التفتيش عن الحلول. فالحل موجود في قلوبنا فقط، والتغيير ممكن، كما انا تغيرت وكما تغير رفاقي في "جمعية محاربون من أجل السلام". لم أسمع أحداً منا يهزأ بحزبه أو مجموعته أو "مقاومته". همنا ليس هذا، ولن يكون ذلك. نقول للجميع انبذوا العنف الموجه الى أولاد الوطن الواحد. لم أرَ يوماً زياد صعب يتكلم "بالتنكية"(*)-كما وصفتَ نضاله العسكري ومقاومته، كما أي أحد غيره ممن شارك في حرب أهلية كانت أطاحت بحياته من قضية سامية.

عزيزي، أدعوك الى التعرف أكثر علينا وعلى ما نقوم به وكيف نمضي أيامنا عاملين في كل قرنة من وطننا، ساعين لمقابلة الشباب خاصة، ولبلسمة جروح الضحايا، رأب الصدوع حيث الانقسامات وتحصين المجتمع. وعندها أملي ان تتفهم ما نقوم به وأن تشجعنا وتقف في صفوفنا لنبذ العنف والاعتراف بالمسؤولية حيث يلزم، ومقاومة العنف والانقسام، محبة في غد أفضل للبنان أجمل.
 
(*) للتوضيح لم تَرِد في مقالة محمد حجيري كلمة تنكية، بل "يسرد تاريخه القتالي كنكتة".