الصالون الفرانكفوني سيجذب القراء إلى.. الكافيتيريا

روجيه عوطة
الجمعة   2017/11/03
في حال كان الطقس مساء اليوم ممطراً، فسيبدو إفتتاح صالون الكتاب الفرانكفوني (لمستمر حتى 12 من الشهر الحالي) شبيهاً بافتتاحه في العام 2015. أما إذا كان الصحو، فسيبدو شبيهاً بالعام 2016. هذا ما يخلص إليه الفرانكفونيون عند إطلاعهم على برنامج "الصالون" في دورته الـ24. فلا شيء تغير في جوّه. والجوّ هنا، على ما تعلمنا الفرنسية والعربية، يعني ظاهره وباطنه على حد سواء. في الظاهر، عدد كبير من النشاطات الموزعة بين لقاءات وحوارات وعروض سردية وسينمائية، فضلاً عن تواقيع الكتب وتقديم جديدها على الرفوف. وفي الباطن، الدينامية ذاتها، إصطفاء سريع، وتجميع بلا انسجام، وبلا عكسه أيضاً، واهتمام بيروقراطي بالشؤون الثقافية، التي تتحول إلى استفهامات، تجري الإجابة عليها من جوارير الكلام وخزائنه.

لم يحمل الصالون هذا العام عنواناً أو شعاراً مثلما اعتاد في دوراته الماضية، بل تضمن تحية تكريمية إلى الراحل سمير فرنجية، وقد أخطأ في كتابة اسم عائلته بالعربية، فظهر "فرنجيّي" في لافتته الأساس، قبل أن يصححه في لافتاته الأخرى. ولم يتمحور الصالون حول موضوع محدد، لكنه حشد في مساحته مواضيع كثيرة، كان قد تناول غالبيتها في السابق، من قبيل السياسة المتوسطية، والتراث اللبناني، والحرب وذاكرتها. أفرد حصةً من برنامجه للشعر، وأخرى للقصص المصورة، فضلاً عن شؤون الشباب، وعن طعوم المطبخ. غير أن ذلك لا يبدد استقرار جوّه على رتابة عامة (للإطلاع على البرنامج).

ومع ذلك، ثمة حضور لضيوف جديرين بكسر جوّ الصالون. المحللة النفسية سابين كاليغاري وكتابها "الحياة المرتفعة"، الصحافية دلفين مين وي وكتابها "مهربو كتب داريا"، والكاتب والشاعر سيريل ديون وكتابه "Imago"، والمؤلفة جوستين أوجييه وكتابها عن الرفيقة رزان زيتونة، والسوسيولوجي البارع دومينيك ولتون وكتاب مقابلاته مع البابا فرنسوا، بالإضافة إلى حضور الروائي والمسرحي والمخرج إريك-إيمانويل-شميت. ومع هؤلاء، من الملاحظ أن هناك استحضار لوجوه بعينها، وهو ما لا يبدو ملائماً، بل نافراً وكاريكاتورياً، لا سيما حين يتكرر من نشاط إلى غيره.

وفي صعيد النشر، تغيب دور النشر الفرنسية عن الصالون، وتتواجد فيه الدور الفرانكفونية، التي لطالما أهلته. الأمر نفسه ينسحب على المكتبات والمؤسسات الثقافية والإعلامية الداعمة له. وربما يكون المتبدل الوحيد في ما خصّ المشاركين في الصالون، هو الأثر الإعلاني الكثيف لشركة "طيران الشرق الأوسط"، التي أخذت على عاتقها إغاثة الجوّ إياه، وجعله مليئاً بحوار الأفكار، على ما يشدد المنشور، ويعاود التشديد، مرة تلو المرة. وبالطبع، تصميم الصالون هو نفسه في دورته الحالية، من ناحية توزيعه على الدور والمكتبات والصالات، ومن ناحية تجهيزه بشاشات التلفزيون، التي ستعرض مجرياته، أو قناة MTV. فعلياً، من الممكن المبالغة، وبنبرة تكهنية، والقول ان كافيتيريا الصالون ستجذب جمهور القراء أكثر من الصالون نفسه، بحيث أن هؤلاء سينتبهون إلى أنه ما زال مثلما تركوه يوم رفع شعار "نقرأ معاً". وبالتالي، سيتصرفون كأنهم أتوا إلى الإطمئنان عليه، أكثر مما أتوا للتزود بما ينشطهم ثقافياً.

بين الندوات، ندوة حول مآل الفرانكفونية. قد يكون من الجيد التطرق خلالها إلى وضع الصالون، بما هو الاحتفائية الفرانكفونية الرئيسة في البلاد، وطرح بعض الأسئلة حول وقعه الذي يتراجع من دورة إلى أخرى، ليمسي مجرد بروتوكول بيروقراطي يستمد حيويته من ضيوفه. لكن الأرجح ألا يجري التطرق إلى وضعه، فلا داعي للقائمين على الفرانكفونية إلى ذلك. لا حاجة، ما دام الصالون يبغي أن يستقبل في ربوعه أكثر من 80 ألف شخص. إذاً، أكثر من ثمانين ألف شخص سيجيئون للإطمئنان على الصالون. وفي أثناء هذا، عليهم أن يتلزموا بمعيار من معايير زيارته: ألا يسألوه عن سبب نكوصه وثبوته.