رسوم الطاقة البديلة..دائرة الأسد تُقصي الشركات الصغيرة

منصور حسين
الأحد   2022/06/26
دخل قطاع الطاقة البديلة في سوريا مرحلة الهيمنة والاحتكار، بعد تطبيق قرار اللصاقة  الليزرية من قبل مختبر الطاقات البديلة الاستثماري الخاص في سوريا، وهو ما اعتُبر موجهاً للشركات المستثمرة في مجال الطاقة للتضييق عليها، دون الأخذ بالاعتبار المواطن الذي كان أكبر المتضررين من القرار.
ونهاية شهر أيار/مايو، منح المركز الوطني لبحوث الطاقة مختبر الطاقات البديلة في سوريا صلاحية اختبار المعدات وتجهيزات الطاقة المستوردة من الخارج، ووضع لصاقة ليزرية للتأكد من جودة التجهيزات مقابل رسوم مالية ثابتة.
وسيتقاضى مختبر الطاقات البديلة 65 ليرة سورية عن كل واط في اللوح الشمسي، وبالتالي فإن لوح الطاقة بقدرة 400 واط تصل رسومه إلى 26 ألف ليرة، بينما تبلغ رسوم الأمبير الواحد للبطاريات 288 ليرة، مايعني أن البطارية بقدرة 240 أمبير تكون رسومها 69120 ليرة، وأيضاً 17 ليرة لكل واط في جهاز الأنفيرتر (محول تيار من مستمر إلى متناوب) ما يعني أن رسوم الجهاز المستخدم تبلغ 85 ألف ليرة سورية.

الشركات والمستهلك خاسرون
وكان لافتاً منح اعتماد فحص الأجهزة لمختبر الطاقات البديلة الاستثماري الخاص، وإلزام أصحاب الشركات بالتقيد به واعتبار الأجهزة التي لا تحمل بطاقة ليزرية صادرة عن المختبر في حكم المهربة وتعرض الباعة والشركات للمساءلة القانونية، بينما يفترض أن تكون اللصاقة  بديلة عن شهادة التخليص الجمركي المدفوعة سلفاً عن المعدات المستوردة.
ويوضح الخبير الاقتصادي يونس الكريم ل"المدن"، أن الهدف الرئيسي من رسوم الجباية يتمثل بالسيطرة على سوق الطاقة الشمسية الذي بدأ بالنمو خلال السنتين الماضيتين وإخراج الشركات الصغيرة منه.
ويقول: "ظاهرياً يمكن اعتبار أن تطبيق رسوم اللصاقة الليزرية إجراء طبيعي، إلا أنه في الحقيقة يحمل أبعاداً وأهدافاً كبيرة بالنسبة إلى النظام والدائرة الاقتصادية المتحكمة في السوق السورية اليوم، خاصة وأن ما سيتم تحصيله ذاهب إلى الشركة الخاصة متمثلة في مختبر الطاقات البديلة".
ويضيف أن "المواطن العادي يُعتبر المتضرر الأكبر من الرسوم الجديدة، بعد ارتفاع تكاليف التجهيز وتركيب ألواح الطاقة الشمسية فور صدور قرار الفحص، إلا أن هذه الزيادة لن تستفيد منها الشركات العاملة في قطاع الطاقة المتجددة، بل ستكون ضمن دائرة المتضررين إلى جانب المستهلك، بسبب ارتفاع التكاليف عليها".
وما يؤكد حديث كريم، ارتفاع تكلفة تركيب منظومات الطاقة، حيث بلغت تكلفة المنظومة الصغيرة الخاصة بالإضاءة فقط نحو سبعة ملايين ليرة (حوالي 1750 دولار أميركي)، بعد أن كانت لا تتجاوز تكلفتها الأربعة ملايين ليرة، نتيجة زيادة أسعار الأجهزة والملحقات الداخلة في عملية تشغيل الأجهزة.
وبحسب متابعة "المدن"، فقد بلغ سعر لوح الطاقة الشمسية 400 واط نحو مليون و 200 ألف ليرة سورية بدلاً من مليون ليرة، إضافة إلى ارتفاع أسعار الأجهزة الملحقة من بطاريات ومعرجات وجهاز الأنفيرتر وتمديدات وغيرها، بنسبة زيادة وصلت إلى 200 ألف ليرة لكل جهاز.

دائرة أسماء الأسد الاقتصادية
ومع تمكين مختبر الطاقات البديلة من تحصيل الرسوم عن كل قطعة كهربائية مستوردة،  فإن المختبر سيحصد مليارات الليرات مقابل لصاقة غير حكومية، الأمر الذي يثير التساؤلات حول الجهة المالكة للمختبر الذي تحول إلى ذراع حكومي بعد القرار الملزم.
وفي شهر أيار/مايو، منحت هيئة الاستثمار السورية إجازة استثمار لمشروع مختبر الطاقات البديلة في منطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق، بتكلفة استثمارية وصلت إلى 20 مليار و383 مليون ليرة سورية، لاختبار منتجات الطاقة البديلة وتحديد جودتها ضمن مختبرين يشرف عليهما المركز الوطني لبحوث الطاقة، دون ذكر الجهة المالكة والمستثمرة للمشروع.
ويعتبر مختبر الطاقات البديلة في سوريا من ضمن المشاريع الملحقة بقانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021، والذي يمنح أصحابها حق الاقتراض بما يوازي 70 في المئة من تكلفة المشروع، ما يعني أن ملّاك المختبر قد حصلوا على قرض بقيمة 14 مليار ليرة سورية.
ويؤكد يونس الكريم، وهو المدير التنفيذي لمنصة "اقتصادي"، على وجود نقاط مهمة في آلية عمل هيئة الاستثمار السورية، متمثلة بمحاولة الدائرة الاقتصادية المقربة من أسماء الأسد توسعة هيمنتها على السوق الداخلية والقطاعات ذات الأرباح العاجلة.
ويقول: "منذ سنوات والنظام يروج لنظام سوق جديد تتخلى فيه الدولة عن جزء من أعمالها لصالح الشركات الخاصة وتطبيق قانون التشاركية، إلا أنه بالمقابل قام بإنشاء شركاته الخاصة للسيطرة على القطاعات الحيوية والمربحة والتضييق على عمل الشركات المنافسة من خلال دعم شركاته وتقديم الامتيازات لها كما يحصل مع سوق الطاقة الشمسية وقبلها سوق المواد الغذائية، والقائمة تطول".
ويضيف أنه "لم يعد خافياً قيام أسماء الأسد باحتكار كامل القطاعات والمشاريع التي تفرزها هيئة الاستثمار، من خلال اختيار طبقة التجار الموالين لها من المتحكمين في السيولة النقدية من ناحية، ومن ناحية أخرى عملها الدؤوب للسيطرة على البنوك وجعلها تحت رحمة الهيئة التي تقترض الأموال".
ويشير إلى أن الهدف من هذه السياسة هو "التحكم بمختلف المجالات التجارية والاقتصادية الداخلية في سوريا لتمكين سيطرتها على سوق الاستيراد الذي بات شبه محتكر بشخصيات محددة".
بعد سلّة من القرارات المحفّزة وحملات الترويج للطاقة البديلة وأهمية الاعتماد عليها كبديل عن الطاقة الكهربائية الغائبة في سوريا، بدأ النظام السوري بتفعيل المصائد التي أعدها لتفريغ جيوب قاطني مناطقه وحتى أصحاب الشركات الصغيرة المستوردة للأجهزة الكهربائية، ليكون قرار اللصاقة الليزرية أول الافخاخ في مشروع جباية الأموال من الطاقة البديلة.