"خلية إبراهيم" الداعشية التي إستنفرت التحالف الدولي في سوريا

المدن - عرب وعالم
الخميس   2021/09/16
مقاتلو داعش لم يُهزموا بالكامل في سوريا
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية إن مقاتلي "داعش" تراجعوا في شمال شرقي سوريا لكنهم لم يُهزموا، مشيرة إلى أن التنظيم يشن حرباً جديدة، بعد عامين ونصف العام على هزيمته.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه "بعد عامين ونصف العام من القضاء على التنظيم وسط غارات جوية شنتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في بساتين النخيل في الباغوز في ريف دير الزور الجنوبي، تراجع المقاتلون في شمال شرق سوريا لكنهم لم يُهزموا".

وتابعت: "لقد عادوا إلى جذورهم المتمردة، وزرعوا الخلايا النائمة في جميع أنحاء المنطقة، وكذلك في العراق المجاور، واستخدموا المتفجرات المرتجلة والأسلحة الصغيرة لاستهداف قوات الأمن والموظفين الحكوميين".

ونشرت الصحيفة تفاصيل جديدة عن حادثة اختطاف ومقتل القياديتين في قسد وهما هند لطيف الخضر وسعدة فيصل الهرماس، من قبل أعضاء خلية نائمة تابعة لداعش. ولفتت إلى أن الجثتين وجدتا بالقرب من قرية الدشيشة، مشيرة إلى أن "هذا الجزء من سوريا تديره سلطة يسيطر عليها الأكراد وتؤمنها قوات قسد، وهي قوة مسلحة ومدربة لخوض القتال ضد التنظيم".

وقالت الصحيفة إن جرائم قتل عديدة نُفذت بالقرب من قرية الدشيشة النائية، فيما نقلت عن قائد قوات قسد شفان سيلمو قوله إن "عمليات القتل هذه رسالة للجميع". وأشارت إلى أن المسلحين الذين خطفوا القياديتين من منزليهما في بداية عام 2021، كانوا واثقين من أن أحداً لن يتعقبهم.

وأوضحت الصحيفة أن أحد مقاتلي داعش، وهو مراهق مجند يدعى إبراهيم، قد تفاخر قبل أيام بأنه يشعر بأنه لا يمكن المساس به، وقال لابن عمه: "نتحرك بحرية هنا"، مضيفاً "لا تقلق، لا أحد يعرف حتى من نحن"، بحسب رسائل صوتية نشرتها قوات قسد، قالت إنها عثرت عليها من هاتف المقاتل.

وقال إبراهيم (18 عاماً) في مقابلة بعد القبض عليه واحتجازه في سجن الشدادي، إنه تم تجنيده في التنظيم من قبل رجل يُدعى أبو عمر، معروف لدى عائلة إبراهيم كعضو في داعش. وأضاف أنه كان يتطلع إلى كسب بعض المال.

لكن الصحيفة نقلت عن ضباط استخبارات قوات قسد قولهم إن إبراهيم طلب منذ البداية الانضمام إلى العمليات المسلحة للتنظيم، وأنه كان يشاهد دعاية داعش على الإنترنت لفترة من الوقت.

ونقلت عن ضابط في سجن الشدادي قوله إن مسار الشاب كان شائعاً بين المعتقلين لتورطهم في الخلايا النائمة لتنظيم داعش، وتابع: "لديهم تعليم ضعيف.. معنوياتهم منخفضة.. إنهم يرون أن حمل البنادق هو وسيلة للشعور بالقوة".

وذكر الضابط أن إبراهيم تعرّف على التنظيم من خلال الدروس الدينية، وسرعان ما تم اختياره للمهام، لافتاً إلى أنه "في البداية، طُلب منه نقل الدراجات النارية والحقائب عبر الصحراء، وخلال العملية التالية، قُتل رجل كعقاب على ما يبدو لأنه كان عضواً في قوات قسد".

ونقلت الصحيفة عن إبراهيم قوله لابن عمه، إنه كان الشخص الذي أطلق النار من البندقية، وإنه "لم يتوقف حتى رأى دماغه". وعند عودته إلى المنزل في هذا اليوم، يتذكر إبراهيم أنه كان يفكر في نفسه أنه لا عودة للوراء. وقال: "كان لدي هذا الشعور بأنني الآن تورطت".

مراكز اختباء داعش

وأشارت الصحيفة إلى أن خلية إبراهيم بدأت التخطيط لقتل الشابات، ليتم القبض على المقاتل لاحقاً بعد أيام بناء على معلومات استخبارية قدمها التحالف الدولي.

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين في سجن الشدادي قوله: "كنا نتتبعهم منذ فترة"، مضيفاً أن "بقية خلية إبراهيم قُتلت في غارة جوية بعد أسبوع". وقالت الصحيفة إن قوات قسد اعتقلت عشرات الخلايا النائمة في الأشهر الأخيرة، غالباً على أساس معلومات استخبارية من التحالف الدولي أو بدعم جوي من التحالف.

ولكن في المناطق النائية مثل الدشيشة، فإن التضاريس في جانب المقاتلين، بحسب الصحيفة، التي أضافت أن "القرية، الواقعة بالقرب من الحدود العراقية، محاطة بالصحراء لأميال ونقاط التفتيش قليلة ومتباعدة"، مشيرة إلى أنه "على طول الحدود السورية العراقية، يختبئ مقاتلو داعش في أنفاق مخفية أو في مبان أفرغها قصف التحالف الدولي".

وتابعت الصحيفة أن "خلايا مثل خلية إبراهيم تضم عادة حوالي ستة من الرجال، وأنه عادة ما يتخذون قرارات في ما بينهم تلتزم بدعاية التنظيم التي أصبح الآن بلا قيادة إلى حد كبير". ولفتت إلى أنه على الرغم من وجود بعض الاتصالات بين الخلايا، إلا أنها في الغالب معزولة، مما قد يجعل من الصعب تتبعها.

وأضافت أن خلايا داعش تنشط أيضاً عبر نهر الفرات إلى الجنوب الغربي، في الأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام السوري. ونقلت الصحيفة عن مسؤولي التحالف قولهم إن قوات النظام بذلت جهوداً ضعيفة للتصدي للمسلحين، مما منحهم منطلقاً لإعادة تجمعهم.

ويحذر مسؤولو قوات قسد والتحالف الدولي من أن الخلايا المحلية يمكن أن تتعزز يوماً ما بفارين من السجون ومخيمات النزوح، التي تديرها قوات قسد في أماكن أخرى في شمال شرق سوريا والتي تؤوي الآلاف من مقاتلي داعش السابقين وعائلاتهم. ويقول المسؤولون إنه تم تهريب بعض الرجال والنساء من المعسكرات والسجون، وانضم بعضهم إلى القتال.

ويقدر التحالف الدولي أن ما بين 8000 و16000 من مقاتلي داعش ما زالوا يعملون في سوريا والعراق. ومع قيام المسلحين بالتخندق على المدى الطويل واستمرار تجنيد الشباب، وإن كان على نطاق أصغر من ذي قبل، يراقب المسؤولون المحليون ظهورهم الآن أثناء عملهم في المجتمعات الريفية.


ولا يزال حوالي 900 جندي أميركي متمركزين في المناطق الخاضعة لسيطرة قسد في شمال شرق سوريا، يقومون بدوريات ويدعمون قوات قسد في عملياتها ضد التنظيم.