لقاء الدوحة الثلاثي حول سوريا:ماذا تريد روسيا؟

عقيل حسين
الجمعة   2021/03/12
© Getty
كشفت مصادر سورية معارضة عن جهود حثيثة بُذلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية تمهيداً لعقد لقاء الدوحة الثلاثي الذي جمع وزراء خارجية قطر وتركيا وروسيا الخميس، وخُصص لبحث إطلاق مسار تفاوضي جديد لحل القضية السورية.

ورغم الحديث عن خيبة أمل جراء تراجع روسيا عن وعود كانت قد قدمتها بشكل غير رسمي قبل الاجتماع واعتُبرت مشجعة، إلا أن هذه المصادر رأت ان ما حدث في هذا اللقاء يعتبر خطوة مهمة قد تفتح الطريق أمام مفاوضات جدية للوصول إلى حل في سوريا.

وكان وزراء خارجية قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وروسيا سيرغي لافروف، وتركيا مولود تشاووش أوغلو، أعلنوا عن إطلاق عملية تشاورية جديدة بين دولهم بشأن التسوية السورية، معربين في بيان ختامي، عن اقتناعهم بغياب أي حل عسكري للنزاع السوري، كما أكدوا عزمهم على المساعدة في تقديم عملية سياسية تحت إشراف الأمم المتحدة من أجل مساعدة أطراف الأزمة في التوصل إلى حل سياسي وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254.

وسبق الاجتماع مشاورات مطولة بين الأطراف الثلاثة بدأت مطلع العام 2021 من أجل التوصل إلى صيغة جدية تساعد على الخروج من الدائرة المفرغة التي راوح فيها مسار أستانة، ينطلق من خطورة الوضع الانساني المتدهور في سوريا.

وكشف مدير مكتب الدوحة في مركز حرمون للدراسات عمر إدلبي ل"المدن"، أن المسار التشاوري الثلاثين القطري-الروسي-التركي، الذي أُعلن عنه الخميس، جاء نتيجة جهود مطولة بُذلت خلال الأشهر الثلاثة الماضية من قبل شخصيات وناشطين في المعارضة طالبت الحكومتين في قطر وتركيا بالعمل لتحريك عملية الحل السياسي في سوريا، من خلال استثمار علاقاتهما للضغط على روسيا.

وأضاف أنه "بمقابل الخشية الروسية من انهيار مؤسسات الدولة السورية جراء معاناة النظام الاقتصادية، بسبب العقوبات المفروضة عليه وتدميره البنى التحتية ومقدرات البلاد، ما أدى إلى تفاقم التذمر الشعبي حتى في المناطق التي تعتبر مؤيدة له، ومع إبداء موسكو المتكررعدم رغبتها في تقديم المزيد من الدعم الاقتصادي لدمشق، فقد كان هناك شعور بأن هذا الموقف المعقد ربما يساعد على قبول موسكو بالتلاقي مجدداً مع رغبة المعارضة والدول الداعمة لها، بإعادة الفاعلية للحل السياسي، على أن يتم الأخذ بالاعتبار مصالح وشروط كل طرف".

مصادر معارضة أخرى أبلغت "المدن"، أن الروس وعدوا خلال التحضيرات للقاء الدوحة بتقديم مقترحات تتعلق بالسير قدماً في تطبيق هذا القرار، وفي مقدمتها العمل على إنشاء هيئة حكم انتقالي، بالتوازي مع استمرار عمل اللجنة الدستورية، وكذلك اقناع النظام بتأجيل الانتخابات الرئاسية، والسماح بدخول مساعدات إنسانية إلى مناطق سيطرة المعارضة من خلال المعابر التركية، وكذلك البحث في ملف المعتقلين كإجراءات لبناء الثقة بين المعارضة والنظام، مقابل مساعدة الدول الداعمة للمعارضة بتخفيف العقوبات المفروضة على دمشق، والمساهمة في المساعدات الانسانية المخصصة لمناطق سيطرة النظام ، والعمل على إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية.

لكن المصادر كشفت أن لافروف ركز خلال اللقاء الثلاثي على ملف المساعدات الانسانية والتحذير من انهيار مؤسسات الدولة وخطورة ذلك على الأمن الاقليمي والدولي، وبينما اعتُبر ذلك تراجعاً روسياً عن الوعود التي قدمتها خلال الفترة التحضيرية لاجتماع الدوحة، لم تستبعد المصادر أن يكون النظام قد رفض التعاطي مع أي مطلب من أجل تطبيق القرارات الدولية حتى من الجانب الروسي.

وعليه، فقد استبق لافروف لقاء الدوحة بالتوجه إلى السعودية والإمارات على أمل الحصول على دعم مالي لسوريا، وتعهد بتأييد مساعي إعادة النظام لشغل مقعد سوريا في الجامعة العربية، إلا أنه وعلى الرغم من الموقف المرن الذي عبرت عنه كل من الرياض وأبو ظبي بهذا الخصوص، إلا أن الجميع كان مقتنعاً أنه لا يمكن تجاوز الموقف الأميركي والأوروبي المتشدد حيال تطبيع العلاقات مع النظام قبل تحقيق تقدم فعلي بالعملية السياسية.

وكان الموقف القطري حاسماً على هذا الصعيد، حيث أكد وزير الخارجية في المؤتمر الصحافي المشترك عقب اللقاء الثلاثي، أن "الأسباب التي أدت إلى خروج سوريا من الجامعة العربية لا تزال قائمة"، الأمر الذي رأت فيه المعارضة رفضاً تركياً-قطرياً واضحاً لتقديم أي تنازلات مجانية على هذا الصعيد قبل أن يبادر الطرف الآخر إلى تقديم تنازلات حقيقية.

ومن المتوقع أن يعقد مسؤولون في الإئتلاف وهيئة التفاوض لقاءات مع ممثلين عن قطر وتركيا للاطلاع على ما تم بحثه في لقاء الدوحة الثلاثي، وما تم الاتفاق عليه، خاصة مع الكشف عن تحديد موعد مبدئي لاستئناف أعمال اللجنة الدستورية قبل شهر رمضان المقبل، كما تم الاتفاق على عقد الاجتماع الثاني لدول المسار الجديد في أنقرة منتصف نيسان/أبريل 2021.

وبهذا الصدد، التقى وزير خارجية تركيا، رئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب، في الدوحة الخميس، وحسب عمر إدلبي، فقد تم خلال اللقاء بحث نتائج اجتماع الدوحة وسبل تطوير عمل مؤسسات المعارضة السياسية، وكذلك إصلاح الوضع الأمني والخدمي في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني شمال غرب البلاد.

والجمعة، أصدر الائتلاف الوطني السوري المعارض بياناً رحب فيه "بجميع الجهود الرامية إلى دعم الشعب السوري ومساعدته في مواجهة الكارثة التي جرّها عليه نظام الأسد"، مشيراً إلى أنه "رغم إدراك طبيعة الدور الروسي الهدّام والمعطل على كل مسارات الحل، ورغم إصرار الكرملين على دعم النظام ومشاركته القتل والتهجير؛ فإننا على ثقة بالأشقاء في تركيا وقطر وقدرتهم على تنسيق جهودهم والمساهمة في هذا الملف بطريقة تلتقي مع المصالح الحقيقية للشعب السوري، وبما يحول دون استغلاله من قبل النظام وحلفائه أو توظيفه للإضرار بالمدنيين".

وأضاف البيان أن "رؤيتنا للحل كانت وما تزال مرتكزة إلى الشرعية الدولية، وعلى أي مبادرة دولية أو مسعى لإنقاذ الشعب السوري أن ينطلق من تنفيذ القرارات الدولية، بالتوازي مع العمل من أجل الانتقال إلى نظام سياسي مدني وفق مقتضيات بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254".