إسرائيل: كورونا يزيد خطر "إيران النووية"..ويستدعي التفاوض؟

أدهم مناصرة
الخميس   2020/04/09
© Getty
"لا تدعوا كورونا تُنسينا مشروع إيران النووي". عنوانٌ لمقال جديد نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" بقلم الباحث الإسرائيلي في مركز "هرتسليا" أودي افينتال.. المقال يعكس حجم القلق في الأوساط الأمنية في تل أبيب حيال استثمار طهران أزمة كورونا لتتقدّم "نووياً".

وكانت صحيفة "إسرائيل اليوم" قد بدأت بتسليط الضؤ قبل أسبوع على المخاوف المذكورة، مبينةً أن ثمة قلقاً كبيراً في إسرائيل من احتمال قيام إيران باستغلال اهتمام العالم بأزمة كورونا للتقدم بمشروعها النووي.. وكانت الباحثة في معهد دراسات "الأمن القومي" سيما شاين، "السبّاقة" حينما حاولت أن تقرأ في مقالها، جهود إيران للدفع قدماً بمصالحها لا سيما النووية في ظل وباء الكورونا.

أما الباحث اودي افينتال، فإنه تحدث عن سبب آخر (غير الإنشغال بكورونا) من شأنه أن يجعل مشروع إيران النووي وتوسيعه "تهديداً لإسرائيل" لا يمكن التوقف عن معالجته. ويتعلق السبب بخلفية الإحساس بأن تل أبيب ركزت أكثر في السنة الأخيرة على كبح تمركز إيران في سوريا خاصة، وفي المنطقة عامّة.

إذاً، تطرح تقديرات إسرائيلية، كورونا والتركيز على التموضع الإيراني في سوريا، كعاملين يمكن أن يُساهِما بتطور مشروع طهران النووي لدرجة الخطورة؛ الأمر الذي ولّد مطالبات لحكومة إسرائيل الجديدة –إذا تشكلت- أن تعطي "مطامع إيران النووية" أولوية عليا، إلى جانب محاربة كورونا. فالمشروع النووي الإيراني وتوسيعه يشكلان تهديداً لا يمكن التوقف عن معالجته.

افينتال حسم في مقاله مقاصد إيران في هذا المضمار، بالقول: "على الرغم من كارثة إيران بسبب وباء كورونا، فإنها تواصل توسيع مشروعها النووي. النظام يستغل تركيز العالم على محاربة الفيروس، والمصاعب التي يراكمها الوباء على قدرات الوكالة الدولية للطاقة النووية للقيام بعمليات الرقابة في بلاده".

ولكن، لماذا يتعاظم قلق إسرائيل من مشروع إيران النووي الآن؟.. هل هي الخشية من إنشغال الرقابة أم معلومة "سرية"؟

افينتال يُجيب عبر سرد الظروف والدوافع المستجدة، خاصة وأن إيران بذلت مجهوداً على مدار الساعة، لاستكمال تطوير وتشغيل أجهزة طرد مركزية استعداداً ل"اليوم النووي الوطني" الذي صادف الأربعاء... فيما أفادت وكالة الطاقة الدولية أن طهران تعمق انتهاكها للاتفاق النووي من خلال زيادة مخزون اليورانيوم المخصب بدرجة منخفضة (إلى 1020 كيلوغراماً) فضلاً عن تشغيل ستة أجهزة طرد مركزي في المنشأة المحصنة في فوردو.

ويتفق خبراء ومسؤولون في الولايات المتحدة وإسرائيل على اعتبار الأزمة الخطيرة التي تعانيها إيران كفرصة لتشديد الخناق عليها.. لكنّهم يختلفون بشأن طريقة استغلالها؛ فهناك مَن يدعو إلى زيادة الضغط على النظام حتى انهياره، وآخرون يرون أنه من خلال التخفيف من العقوبات أو موافقة أميركية على السماح لصندوق النقد الدولي بمساعدة إيران، يمكن تمهيد الطريق للعودة إلى حوار معها.

ويُعزز الخلاف التقليدي بين واشنطن وتل أبيب حيال طريقة مُعالجة "المسألة الإيرانية"، ما كشفته مصادر سياسية مطلعة ل"المدن"؛ إذ بيّنت أنه بالإضافة إلى المسوّغ الأمني "الطارئ" للغارة الإسرائيلية على مطار "الشعيرات" في حمص قبل أسبوعين، فإن هناك هدفا آخر لها. ويتمثل بمقصد إسرائيل أن تّحذّر- بلغة النار والقصف- الولايات المتحدة والعالم من أنّ "كورونا لم يمنع عدوانية إيران".

الدولة العبرية أرادت بذلك أن تقطع الطريق على أي فرصة لفتح قناة اتصال أميركية-إيرانية كنتيجة لكورونا، وذلك بغية المحافظة على الجو الإعلامي والسياسي المشحون بين البلدين.

وتخشى إسرائيل دائماً أي محاولة للتقريب بين واشنطن وطهران وجمعهما على طاولة واحدة حتى لو كان العنوان هو "الوصول إلى اتفاق نووي جديد". وبالنسبة لتل أبيب "عدم وجود اتفاق" أفضل من الإتفاق الذي يُقيدّ ممارساتها ودعايتها في المنطقة والعالم.

الفرصة التي أتاحتها جائحة كورونا لخلق مقاربة أميركية-إيرانية، عالجتها صحيفة "هآرتس" سابقاً، عبر عنوان هو "طهران تنتظر ترامب: كورونا يفتح نافذة فرصة للتقارب".

وتسلط "هآرتس" في مقالها التحليلي الضوء على تصريحات المسؤولين الإيرانيين "الساخرة" إزاء مقترح أميركي بتقديم مساعدة لطهران لمواجهة كورونا.. حيث ركزت على تصريح الرئيس حسن روحاني الذي قال فيه: "ليس لديهم أسرّة في المستشفيات ولا يجرؤون على الذهاب إلى العمل، لكن هذا لا يمنعهم من مواصلة نشر الأكاذيب عن إيران"... بيدَ أنّ الصحيفة اليسارية رأت أنه بالرغم من كل شيء، فإن كورونا فرصة للتقريب بين البلدين، وخلق أساس لمفاوضات بشأن المشروع النووي.

الحال، أن إسرائيل لا تستطيع بناء استراتيجيتها على هدف تغيير النظام في طهران. وتعلل أقلامٌ إسرائيلية ذلك، عبر الإشارة إلى "قوته الداخلية التي تأكدت المرة تلو الأُخرى منذ الثورة، أو في ظل ضعف حركة الاحتجاج في إيران التي تعاني انقساماً عميقاً. وحتى مع حدوث سيناريو انهيار النظام، قد يأتي حكم متشدد بقيادة الحرس الثوري، لن يكون أقل التزاماً بالمشروع النووي".

كما وتعتقد صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن السعي لإسقاط النظام الإيراني يزيد فقط من إصراره على التزود بسلاح نووي كضمانة لبقائه، وتمسكه برفضه العودة إلى طاولة المفاوضات.

وتنصح الصحيفة، بدلاً من حرمان إيران حقها في تخصيب اليورانيوم بأي درجة كانت (واحدة من النقاط ال12 لوزير الخارجية بومبيو)، أن تطالب إسرائيل الولايات المتحدة باستخدام دبلوماسية خلّاقة بهدف تصحيح "العيوب الجوهرية" في الاتفاق النووي، وخاصة بنود تتعلق بفترة انتهاء الاتفاق، وحقوق الرقابة والرصد للوكالة الدولية للطاقة النووية.