"صفقة القرن"تستيقظ الثلاثاء المقبل لحسم انتخابات إسرائيل

أدهم مناصرة
الجمعة   2020/01/24
© Getty
"البيت الأبيض يدعو نتنياهو وغانتس إلى واشنطن للتباحث بملفات إقليمية وبشأن خطة السلام".. هذا ملخص رسالة الدعوة التي سلمها نائب الرئيس الأميركي مايك بنس لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس المعارضة بني غانتس في القدس.

وفق معلومات "المدن"، فإنّ شخصيات من حزب "أزرق أبيض" الذي يتزعمه غانتس هي أوّل مَن سارع إلى تسريب فحوى الدعوة التي تسلمها الأخير لمجرد انتهاء لقائه مع نائب الرئيس الأميركي.

وما أن تلقّف الإعلام الإسرائيلي النبأ حتى أخذ يفسر دوافع ذهاب غانتس ونتنياهو إلى واشنطن الثلاثاء المقبل، مشيراً إلى أنه مرتبط بإطلاعهما من قبل الإدارة الأميركية على تفاصيل صفقة القرن.

وتحدثت القناتين "12" و"13" الإسرائيليتين، نقلاً عن مصادر إسرائيلية وأميركية لم تسمهما، أن البيت الأبيض سيصدر خلال 24 ساعة بياناً بخصوص نشر تفاصيل "صفقة القرن"، فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عزمه إعلان ما وصفها ب"خطة السلام العظيمة" قبل يوم الثلاثاء، موعد لقائه مع نتنياهو وغانتس.

وقال ترامب إن الإدارة الأميركية تحدثت إلى الفلسطينيين "لفترة وجيزة"، وسوف تتحدث إليهم "في فترة زمنية". وتابع: "لديهم الكثير من الحوافز للقيام بذلك. أنا متأكد من أنهم ربما يتفاعلون بشكل سلبي في البداية، لكنه في الواقع إيجابي للغاية بالنسبة لهم".

وقال ترامب إنه "فوجئ" بأن نتنياهو وغانتس، سيتركان حملاتهما الانتخابية الجارية من أجل الذهاب إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل. وأضاف: "كلاهما يرغب في القيام بالصفقة. إنهم يريدون أن يروا السلام. انظروا إسرائيل تريد السلام والفلسطينيون يريدون السلام. إنهم جميعا يريدون السلام".

وذهبت بعض محطات التلفزة الإسرائيلية إلى نشر ما قالت إنها بعض بنود خطة السلام الأميركية، من قبيل أنها تشمل "ضم المستوطنات المعزولة وأن القدس تبقى موحدة، إضافة إلى ضم إسرائيل 30 إلى 40 في المئة من المنطقة المصنفة (ج) بالضفة الغربية، علاوة على أن الصفقة تنص على دولة فلسطينية منزوعة السلاح مع تبادل أراضٍ محدود بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل".

بغض النظر عن مدى صحة ما نُشر بشأن بنود الصفقة، فإنّ إشغال الإعلام بمعلومات متضاربة حول قرب اعلان "صفقة القرن" وقبل الانتخابات الإسرائيلية المرتقبة مطلع اذار/مارس المقبل، ليس المرة الاولى، بل شهدنا هذا السيناريو أيضا-ولو بوتيرة أقل- قبيل انتخابات الكنيست الأولى والثانية العام الماضي..

 هذا الأمر يفسره مراقبون على أساس أنه مؤشر على أن الإدارة الأميركية تثير "صفقة القرن" قبل كل انتخابات في إسرائيل كما لو أنها عامل يمكن أن يساعد نتنياهو "إنتخابياً".
مصدر سياسي يروي ل"المدن" حكاية دعوة البيت الأبيض لغانتس أسوة بنتنياهو، بناء على طلب الأخير من ترامب بأن يستدعي غانتس بمعيته إلى واشنطن.

جاء ذلك، بينما عكف نتنياهو على التفكير مع ترامب في الفترة الأخيرة وقبل دعوة غانتس،  بمسألة جدوى إعلان مضامين "صفقة القرن" ومدى فائدة هذه الخطوة لنتنياهو من أجل الفوز بانتخابات الكنيست القادمة خاصة في ظل تقديرات أنه سيحصل على نتيجة أقل مما حصل عليه بالإنتخابات السابقة.. نتنياهو يطمح أن يُمكّنه إعلان الصفقة الأميركية من كسب 300 الف صوت ممن هم محسوبون على جبهة غانتس ويحملون فكراً يمينياً.

ولما أدرك ذلك غانتس تراجع عن موقفه الرافض لإعلان "صفقة القرن" قبيل الانتخابات- باعتبار أنها تمثل منفعة سياسية لنتنياهو- فغيّر رأيه مؤخراً وأعرب هو الآخر عن ترحيبه بنشرها قبل الانتخابات، وذلك خشية خسارته مقاعد لصالح نتنياهو.

ويريد نتنياهو من اصطحاب غانتس إلى واشنطن، صورة إخراجية له، تظهره في المقدمة مع ترامب بينما غانتس يقف في الخلف. وعندها يحقق نتنياهو مراده بطرح نفسه أمام الرأي العام في الدولة العبرية كرجل إسرائيل الأول الذي يناقش معه رئيس أميركا ملفات إقليمية وصفقة القرن "المصيرية لإسرائيل"، وأنه الأقدر على تنفيذها أو تعديلها.

كما أن اختيار الثلاثاء، موعداً للقاء الثنائي الإسرائيلي نتنياهو-غانتس في واشنطن، بدا أنه ليس بريئاً من قبل إدارة ترامب.. ففي اليوم نفسه تنعقد الهيئة العامة للكنيست كي تقرر تشكيل لجنة غالبا ما ستكون مهمتها رفض طلب نتنياهو منحه حصانة من المحاكمة بسبب ثلاثة ملفات فساد متهم بها. إذاً، ظهر يوم الثلاثاء الأميركي وكأنه محاولة من إدارة ترامب لدعم نتنياهو وزيادة فرص حظوظه بالفوز.

وعلق الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة على ما تردده وسائل الإعلام ومصادر أخرى، حول قرب الإعلان عما تبقى من "صفقة القرن"، بالقول: "إننا نحذر من أي خطوة أميركية تخالف الشرعية الدولية، وإلا سنعلن عن سلسلة اجراءات نحافظ فيها على حقوقنا الشرعية، وسنطالب اسرائيل بتحمل مسؤولياتها كاملة كسلطة احتلال".

مصادر سياسية مطلعة أفادت "المدن" أن التفسير الوحيد لأي اعلان عن صفقة القرن قبل شهر ونيّف من الإنتخابات الإسرائيلية هو أن ذلك يأتي بهدف دعم نتنياهو الذي يواجه موقفاً حرجاً ومصيرياً في هذه الإنتخابات.

وقال مصدر مقرب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ل"المدن" أن معلومة وصلتهم منذ فترة مفادها أن في نية الإدارة الأميركية اتخاذ خطوة ما بالنسبة الصفقة القرن، لكن لم يوضح هذا المصدر كيف وصلت المعلومة وعبر أي طرف.. كما ورفض أن يفسر ماهية هذه الخطوة المقصودة.

بدوره، قال الكاتب الصحافي المختص بالسياسة الأميركية داود كُتّاب ل"المدن"، أنه لا يمكن تأكيد جدية ترامب بإعلان الصفقة من عدمه، أو أنه سيعلن كل تفاصيلها أو فقط ملامحها العامة؛ لأن إدارته وعدت بإعلانها مرات عديدة على مدار ثلاث سنوات ثم تراجعت.. 

لكن كُتّاب أوضح أن هناك مفاوضات يجريها إسرائيليون مع اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة تتركز حول مستقبل الفلسطينيين. بيد أنه يستبعد أي حراك فعلي بصفقة القرن؛ ذلك أن 2020 سنة انتخابات أميركية، عدا أنّ إثارتَها الآن متصل بشأن داخلي اسرائيلي.