حلب المعارضة تشن هجوماً واسعاً على مليشيات إيران

خالد الخطيب
السبت   2019/04/27
(انترنت)
بعد شهر من التصعيد المتواصل بالقصف، قادته المليشيات الإيرانية برياً، والطيران الروسي جوياً، ضد مناطق المعارضة في محيط إدلب وأرياف حلب الجنوبية والغربية، يبدو أن فصائل المعارضة الإسلامية قررت الرد. وانتظرت الفصائل حتى نهاية جلسات محادثات أستانة-12، لتشن هجوماً برياً واسعاً على أكثر من محور.

وشهدت جبهات ريف حلب الجنوبي وضواحي حلب الغربية، فجر السبت، أعنف الهجمات البرية والقصف المتبادل بين المعارضة ومليشيات النظام، منذ بداية العام 2019. وخسرت المليشيات الإيرانية في الهجمات البرية التي شنتها التنظيمات السلفية الجهادية أكثر من 50 قتيلاً من عناصرها، وآليات عسكرية مدرعة وناقلات الجند.

مصدر عسكري خاص، أكد لـ"المدن"، أن هجومين بريين متزامنين استهدفا مواقع المليشيات الإيرانية، بشكل مفاجئ وغير متوقع، لذا كانت الخسائر كبيرة في صفوفها. وبحسب المصدر، فإن المواقع المستهدفة تتمركز فيها مجموعات تتبع لمليشيات "فيلق المدافعين عن حلب" و"لواء الباقر" و"نبل والزهراء" و"حزب الله" اللبنانية.

محور الهجوم البري الأول انطلق من بلدة زمار في القطاع الجنوبي من ريف حلب الجنوبي، واستهدف موقعاً ونقطة عسكرية متقدمة للمليشيات في قرية حريشه. وتبنت العملية "غرفة عمليات وحرض المؤمنين"، التي يقودها تنظيم "حراس الدين". وأطلقت الكتيبة المهاجمة على نفسها اسم "جيش الموحدين"، واتبعت التكتيكات المعتادة في العمليات المشابهة التي تشنها عمليات "وحرض المؤمنين"؛ عملية تسلل، وما أن يصبح المهاجمون داخل المقار المستهدفة حتى يباشرون بإطلاق النار بشكل مكثف لتحقيق أكبر قدر ممكن من الخسائر، وفي وقت قياسي، وقبل وصول التعزيزات.

وقالت "وحرض المؤمنين" إنها قتلت أكثر من 25 عنصراً من مليشيات النظام، بينهم قادة وضباط، وأكدت أن الكتيبة تمكنت من الانسحاب بعدما دمرت الموقع، وأعطبت عدداً من الآليات العسكرية فيه. في حين أعلن "فيلق المدافعين عن حلب"، أنه أفشل الهجوم، وقتل عدداً من العناصر في محور زمار–حريشه، وأكد أنه استهدف بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية قرى وبلدات المعارضة، زمار والزربة والعثمانية وجزرايا ووتل باجر والمريودة وبانص وغيرها.

المحور الثاني للهجوم البري تبنت تنفيذ العملية فيه "هيئة تحرير الشام". وقاد العملية "جيش عمر ابن الخطاب" بمساندة من "جيش عثمان ابن عفان" التابعان لـ"الهيئة". وتركز الهجوم نحو مواقع المليشيات في المربع العسكري الذي يشرف على ادارته "حزب الله"؛ الحويز وجبل المشرفة ومستودعات خان طومان ومعراتة. وهو خط الدفاع عن نقطة المراقبة الإيرانية في تل وضيحي العتيق، ومستودعات الصواريخ في جبل المشرفة الذي استهدفته الغارات الإسرائيلية في آخر عملياتها الجوية في حلب بداية نيسان/أبريل.

وجرى الاشتباك المباشر بين الطرفين في مستودعات خان طومان والحويز. وقالت "الهيئة" إنها قتلت أكثر من 23 عنصراً من المليشيات بينهم ضباط من الصف الأول، وتمكن عناصرها من الانسحاب من المواقع بعدما كبدوا المليشيات خسائر كبيرة في صفوفها، ودمروا آليات عسكرية وناقلات جند، ومستودعات أسلحة مؤقتة قريبة من نقاط الاشتباك، وطالت قذائف المدفعية وصواريخ محلية الصنع التي أطلقتها "الهيئة" مواقع خلفية للمليشيات في جبل المشرفة ومحيط نقطة المراقبة الإيرانية.

مليشيات النظام في حلب قالت في مواقع التواصل الاجتماعي إنها تمكنت من التصدي لأعنف الهجمات التي تعرضت لها مواقعها في الحويز وخان طومان، وتمكنت من التصدي للهجمات وقتلت العشرات من المهاجمين.

مليشيات النظام كثفت من قصفها بعد الهجمات، واستهدفت بأكثر من 300 قذيفة صاروخية ومدفعية وبالهاون المدن والبلدات الواقعة قرب خطوط الاشتباك. وطال القصف بشكل أكبر مدن وبلدات ريف حلب الجنوبي والغربي في العمق، ومنطقة الضواحي، في الراشدين الخامسة الرابعة وخان العسل وريف المهندسين وأورم. واندلعت اشتباكات بين "الهيئة" ومليشيات النظام في محور المنصورة، وتمكنت "الهيئة" من قتل عنصرين من المليشيات في ذات المحور.

وفي الوقت الذي كانت فيه جبهات ريف حلب الجنوبي تشهد أعنف المعارك، كان الطيران الحربي يواصل قصفه الذي بدأه بشكل مكثف بعد صدور البيان الختامي لمحادثات "أستانة 12"، مستهدفاً بعد منتصف ليل الجمعة/السبت، قرى وبلدات ريف حماة الشمالي، وريف ادلب الجنوبي. وتسببت الغارات بوقوع مجزرة في بلدة العمقية في ريف حماة راح ضحيتها 6 مدنيين من عائلة واحدة. واستهدفت الغارات بشكل مكثف أيضاَ قرية العنكاوي ولم يعرف بعد حصيلة الخسائر البشرية في القرية.

وسبق مجزرة العمقية في ريف حماة، مجزرتان نفذهما الطيران الحربي قبل ساعات، مساء الجمعة، ما تسبب بقتل 7 مدنيين في قرية تل هواش بريف حماة، و3 على الأقل بينهم طفلة جنوبي كفرنبل بريف إدلب الجنوبي. وتقول المراصد المحلية في ريف حماة وادلب الجنوبي إن سربين من الطائرات الروسية مسؤولان عن القصف الجوي الذي استهدف بأكثر من ثلاثين غارة جوية قرى وبلدات ريف حماة وادلب واللاذقية الشمالي.

وكان القصف المدفعي والصاروخي للمليشيات، مساء الجمعة، مكثفاً، واستهدف بشكل عنيف ضواحي حلب الغربية والشمالي بصواريخ فيل شديدة الانفجار، واستهدف أرياف حلب وحماة وادلب واللاذقية.

وتعتبر العملية العسكرية التي نفذتها "غرفة عمليات وحرض المؤمنين"، هي الثانية خلال 24 ساعة، العملية الأولى وقعت فجر الجمعة، واستهدفت مواقع لمليشيا "الفرقة الرابعة" في جورين في القطاع الأعلى من سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي. وقالت الغرفة إنها قتلت أكثر من 10 عناصر من المليشيات، واستهدفت بالصواريخ من طراز غراد القاعدة العسكرية الروسية في حميميم.

القائد العسكري في "فيلق المجد" النقيب مهند جنيد، قال لـ"المدن": "منذ بداية تطبيق اتفاق خفض التصعيد في ادلب، لم تتوقف انتهاكات مليشيات النظام والميليشيات الإيرانية. وكذلك الحال في الاتفاق الثنائي، التركي–الروسي في سوتشي، لأن هذه المليشيات تؤمن بأن أي حل، أو تسوية سياسية ستؤدي حتماً إلى إنهاء وجود هذا النظام المجرم واستمرار الحرب هو الوسيلة الوحيدة لضمان استمراره ووجوده".

وأضاف جنيد: "مع كل جولة تفاوض سواء في استانة أو جنيف تحاول المليشيات الإيرانية فرض الخيار العسكري على المعارضة، من خلال التصعيد والقصف العنيف ضد المناطق المأهولة بالسكان، وهو ما يحصل حالياً في إدلب، التصعيد قد يستمر".