بصرى الشام: لماذا سلم"شباب السنّة" دبابة لقوات النظام؟

وليد النوفل
الإثنين   2018/07/02
وافق أحمد العودة على المقترح الروسي (Getty)
أثار مقطع مصور يُظهر تسليم فصيل "قوات شباب السنة" في مدينة بصرى الشام شرقي درعا لدبابة وعربة "BMP" إلى قوات النظام مواقع التواصل الاجتماعي. وجاءت تلك الحادثة، أثناء انسحاب الوفد الروسي من مدينة بصرى، عصر الأحد، عقب انتهاء جولة من المفاوضات مع الوفد العسكري التفاوضي عن "الجبهة الجنوبية".

وعقب نشر الفيديو قالت قيادات في "الجبهة الجنوبية" إن قائد "قوات شباب السنة" أحمد العودة، وافق على المقترح الروسي، وعلى "المصالحة الفردية"، بعد انسحاب بقية أعضاء الوفد العسكري الذين تحدثوا عن قرار المواجهة والحرب. وانتشرت اتهامات على نطاق واسع للعودة بـ"الخيانة"، وعقد "مصالحة فردية"، تاركاً "الجبهة الجنوبية" لمواجهة مصيرها وحدها.

وبعد الاتهامات الواسعة ردّ العودة بتسجيلات صوتية، حصلت عليها "المدن"، تحدث عن موافقة كافة الوفد التفاوضي على الشروط التي عرضها الروس، ومكذباً ما تحدثت عنه بقية القيادات عن انفراده في "مصالحة فردية".

وحتى اللحظة لم تصدر "شباب السنة" أو أي من فصائل "الجبهة الجنوبية" نسخة واضحة للشروط الروسية، إلا أن ما تم تداوله من مصادر مقربة من "شباب السنة" تتحدث عن اتفاق "مصالحة" يشمل وقف إطلاق النار فوري وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط وتحويل الفصائل إلى "شرطة مجتمعية" تعمل إلى جانب الشرطة العسكرية الروسية، بالإضافة لإدخال مؤسسات النظام الخدمية، وعودة الأهالي للقرى وتسوية أوضاع العسكريين وعودة المنشقين لثكناتهم بعد إعطائهم مهلة لمدة 6 أشهر، وتشكيل "فيلق الاقتحام" لمن يرغب بالتطوع لقتال "داعش" والخدمة في مناطق الجنوب السوري. وتعهد الروس بعدم السماح لقوات النظام والمليشيات الشيعية بالدخول للمناطق المشمولة بالاتفاق.



العودة وعبر تسجيلاته الصوتية برر الهدف من الاتفاق بحفظ "أعراض الأهالي وتجنيبهم ويلات النزوح والتشرد" من خلال عدم دخول قوات النظام والملشيات الإيرانية للمنطقة. وتقول مصادر "المدن" إن المنطقة التي دخلت في "التسوية" حتى اللحظة تمتد من مدينة درعا غرباً حتى صماد شرقاً، ومن بصر الحرير شمالاً حتى الحدود الأردنية جنوباً، وإن الروس هم الضامن الوحيد لذلك.

وذكرت مصادر من "شباب السنة" أن الدبابة التي سلمت للنظام "مهترئة" وتم سحبها عبر "تركس"، مبيناً أن الأمر كان بمثابة بادرة حسن نية من "شباب السنة" وأن الأمر تم على مرأى من بقية أعضاء الوفد التفاوضي.

مصادر متقاطعة قالت لـ"المدن" إن وفد "الجبهة الجنوبية" التفاوضي، والذي يضم ممثلين عن مدينة درعا وريفها الغربي، لم يحسم أمره بعد بشأن "المصالحة" وقبول الشروط الروسية أو الحرب. وحصلت "المدن" على تسجيلات صوتية للقيادي في "جيش الثورة" وعضو الوفد التفاوضي بشار الزعبي، يتحدث فيه عن اجتماع يضم فصائل مدينة درعا والريف الغربي إلى جانب فعاليات مدنية بشأن تقرير مصير المنطقة ككل.

وقبل خروج الوفد الروسي من بصرى الشام نشر "فريق إدارة الأزمة" في حوران بياناً قال فيه: "نظراً لضبابية الرؤية والطرح، وعدم الوضوح في محاور التفاوض بشكل يثير الشكوك، ولتعنت الروس في محاولة فرض شروطهم، وعدم رغبتهم بإيقاف القصف أثناء عملية التفاوض مما يشكل لدينا سبباً كافياً لعدم الثقة بهم للخوف المبرر والمشروع على أبنائنا في الجيش الحر بعد انتهاء المفاوضات وتسليم السلاح". مضيفاً "نؤكد لأهلنا جميعاً بأن أي اتفاق لن يكون ملزماً لحوران ولأهلها ما لم يتم التوقيع عليه من كافة المشاركين في الفريق التفاوضي مدنيين وعسكريين وأن أي إعلان لاتفاق دون ذلك يعتبر ممثلاً لمن وقع عليه كأشخاص عاديين دون أية صفة اعتبارية".

وتقول مصادر "المدن" إن الدعوة لجولة مفاوضات الأحد استثنت أعضاء "فريق الأزمة" من فعاليات المجتمع المدني، وإن وفد "الجبهة الجنوبية" العسكري تفرد بالحضور مع الوفد الروسي. وأثار ذلك تساؤلات حول استبعاد "فريق الأزمة" بعد حضورهم للجولة الأولى التي جرت السبت. وكان المنسق العام لـ"فريق إدارة الأزمة"، قد أعلن السبت، رفضه للمشاركة في المفاوضات عقب الجلسة التي جمعته مع الروس والانسحاب منها بشكل فوري.

مصادر في "فريق الأزمة"، قالت لـ"المدن"، إن موقف الفصائل بالنسبة لمعركة درعا "لم يكن جيداً"، وأن المعارك كانت تسير وفق ما خطط له الروس، متهمة الفصائل بأنها "ساقت الشباب للمحرقة" وأنه كان يجب إشعال كافة الجبهات في الجنوب السوري لقلب الموازين على الروس.

واتهمت المصادر قائد "شباب السنة" بأنه عاد إلى درعا متأخراً، بعد مضي أيام على الحملة العسكرية، من أجل التفاوض فقط، وبعدما أصبحت الأرضية جاهزة للبدء بالتفاوض وقبول الناس بأي شروط تحت جحيم الطيران الروسي. وأضاف المصدر بأن الفعاليات المدنية في حوران لن تقبل بالنزول تحت سقف المطالب الموضوعة، وأن الوفد الروسي قرر الاجتماع فقط بالوفد العسكري نظراً لوجود ضغوط مورست على فصائل "الجبهة الجنوبية" للقبول بالشروط الروسية.

ورغم المفاوضات، واصل الطيران الحربي غاراته الجوية على قرى وبلدات ريف درعا. كما تتواصل الاشتباكات على جبهات "كتيبة الدفاع الجوي" في مدينة درعا، وعلى جبهات نوى وطفس واليادودة في ريف درعا الغربي، إلى جانب العمليات العسكرية المستمرة بالريف الشرقي لاستعادة مناطق تقدمت إليها مليشيات النظام خلال الأيام الماضي. وكانت الشرطة العسكرية الروسية وقوات النظام قد دخلت مدينتي داعل وإبطع، في ريف درعا الغربي، بعد "مصالحات" أبرمتها بشكل منفرد.