درعا والقنيطرة: "غرفة مركزية" لتنسيق عمليات المعارضة

قتيبة الحاج علي
الخميس   2018/06/21
تنظيم وتخطيط وقيادة الأعمال القتالية في الجنوب السوري (انترنت)
تتسارع التطورات في المنطقة الجنوبية في سوريا بشكل كبير، مع استقدام قوات النظام لتعزيزات كبيرة إلى ريف السويداء الغربي و"مثلث الموت" وريف درعا الشمالي، تحضيراً لمعركة واسعة في الجنوب السوري. وأعلنت فصائل المعارضة في عموم المنطقة الجنوبية عن تشكيل "غرفة العمليات المركزية" من تنسيق سبع غرف فرعية، في خطوة تنظيمية هي الأولى من نوعها منذ انطلاق الثورة السورية.

وأعلنت "الغرفة المركزية" في بيان تشكيلها أن هدفها الرئيسي هو "تنظيم وتخطيط وقيادة الأعمال القتالية في الجنوب السوري"، وأوضحت أنها باتت مسؤولة عن مختلف قطاعات الجنوب، في إشارة واضحة إلى أن المفاوضات الإقليمية والدولية التي كانت تهدف لمنع اندلاع المواجهات في المنطقة الجنوبية قد فشلت، وأن جميع الأطراف باتت تتجهز للمواجهة العسكرية.

انخراط جميع الفصائل العسكرية في محافظتي درعا والقنيطرة، ضمن غرفة عمليات واحدة، تتولى الإشراف على خطوط مواجهات تمتد مئات الكيلومترات من أقصى ريف القنيطرة الشمالي الغربي وصولاً لأقصى ريف درعا الجنوبي الشرقي، يعني أن الفصائل باتت تدرك أن المعركة المرتقبة هي معركة غير محصورة الجغرافية ولا الأهداف.

وتعتبر "غرفة عمليات البنيان المرصوص" من أبرز الغرف التي شكّلت "الغرفة المركزية"، وتنتشر "البنيان المرصوص" في الأحياء الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في مدينة درعا، وقادت خلال العام الماضي "معركة الموت ولا المذلة"، التي أفضت إلى سيطرتها شبه الكاملة على حي المنشية في درعا البلد. وتعتبر "كتيبة الهندسة والصواريخ" و"فرقة 18 آذار" أبرز الفصائل العاملة في "البنيان المرصوص"، ومن المتوقع أن يكون لها دور كبير في المعركة المقبلة، خاصة بعد تعزيزات قوات النظام التي وصلت إلى درعا المحطة في مدينة درعا، والترجيحات بانطلاق معركة في أحياء المدينة قد تكون مشابهة لتلك التي اندلعت قبل عام تقريباً وكانت سبباً رئيسياً في التوصل إلى اتفاق "خفض التصعيد" في المنطقة الجنوبية.

كذلك انضمت "غرفة عمليات رصّ الصفوف" إلى "الغرفة المركزية"، وتنتشر على أطراف بلدة النعيمة ومنطقة غرز في ريف درعا الشرقي، وتشرف الغرفة على طرق إمداد قوات النظام من بلدة خربة غزالة إلى مدينة درعا، وأعلنت خلال الأيام الماضية عن استهدافها لرتل لـ"المليشيات الإيرانية" على أوتوستراد دمشق–درعا. وتشكلت "رص الصفوف" قبل عام تقريباً، في إطار تصدي فصائل المعارضة للحملة العسكرية التي شنتها قوات النظام في محيط مدينة درعا، ويعتبر "جيش الثورة" من أبرز فصائلها.

بدورها أعلنت فصائل عاملة في ريف درعا الشرقي، من أبرزها "قوات شباب السنة" و"جيش الثورة" و"جيش أحرار العشائر"، عن تشكيل "غرفة عمليات توحيد الصفوف"، والتي انضمت لـ"الغرفة المركزية". وتنتشر "توحيد الصفوف" في بلدات ريف درعا الشرقي، التي تُعتبر خطوط المواجهة الأقوى في ضمن هذه المعركة، وتُصنف الفصائل العسكرية المنضوية في الغرفة بالأقوى والأكثر عدداً وعدة في المنطقة الجنوبية.

"غرفة عمليات صد الغزاة"، هي أيضاً ضمن "الغرفة المركزية"، وتنتشر على امتداد جغرافي قد يكون الأطول إلى جانب غرفة "توحيد الصفوف"، إذ تبدأ نقاط توزعها من أطراف بلدة خراب الشحم في ريف درعا الغربي، وصولاً لمدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الأوسط. وتأسست "صد الغزاة" أواخر العام 2016، ليُعاد إحياؤها اليوم.

"غرفة عمليات مثلث الموت"، ستتولى الإشراف على منطقة "مثلث الموت" التي شهدت تعزيزات كبيرة لقوات النظام متمثلة بـ"الفرقة الرابعة" بشكل رئيسي، وتُعتبر الفصائل العاملة في منطقة الجيدور من محافظة درعا أهم فصائل هذه الغرفة، ويُتوقع أن تشهد هذه المنطقة معارك واسعة تتزامن مع معارك ريف درعا الشرقي.

بدورها، أعلنت فصائل محافظة القنيطرة مجتمعة، عن تشكيل "غرفة عمليات النصر المبين"، لتكون ضمن "الغرفة المركزية". وتُعتبر جبهات محافظة القنيطرة على امتداد واحد مع جبهات منطقة ريف درعا الشمالي الغربي، ولذلك يتوقع أن يكون التنسيق والعمل المشترك قائم بين غرفتي "النصر المبين" و"مثلث الموت"، خاصة في بلدة جباتا الخشب، ومحيط مدينتي البعث وخان أرنبة.

وتعتبر "صد البغاة" الوحيدة خارج إطار المعركة المرتقبة، فهي تنتشر على الجبهات ضد "جيش خالد بن الوليد"، خاصة داخل بلدة حيط، وتخوض منذ تشكيلها قبل أكثر من عام، معارك متواصلة ضد الفصيل المُبايع لتنظيم "الدولة الإسلامية"، وتتجهز لأي سيناريوهات تتمثل بهجوم قد يشنه "جيش خالد" نحو مواقعها، مستغلًا انشغال فصائل المعارضة في معركتها ضد قوات النظام، في تكرار لما حصل خلال معركة "الموت ولا المذلة" في شباط/فبراير 2017.

الإعلان عن "الغرفة المركزية" يأتي بمثابة وضع اللمسات الأخيرة من قبل فصائل المعارضة على تحضيراتها للتصدي للحملة العسكرية لقوات النظام، وتجاوزاً للخطأ الذي وقعت فيه فصائل الغوطة الشرقية، بعدما غاب التنسيق في ما بينها ما ساعد قوات النظام على فصل قطاعات الغوطة عن بعضها والتفاوض معها منفردة. ويبقى السؤال عن جاهزية "الغرفة المركزية" لقيادة معركة جنوب سوريا بشكل موحد، وتجنب سيناريوهات التقسيم والحصار، رهناً بالأيام المقبلة.