"المؤشّر العربيّ"2016: أربعة شروط متكاملة للقضاء على الإرهاب

المركز العربي للابحاث
الإثنين   2017/03/13

أعلن المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة اليوم عن نتائج استطلاع المؤشّر العربيّ لعام 2016 الذي نفّذه في 12 بلداً عربيّاً، هي: موريتانيا، والمغرب، والجزائر، وتونس، ومصر، والسّودان، وفلسطين، ولبنان، والأردن، والعراق، والسعوديّة، والكويت.


وشمل الاستطلاع (18310) مستجيبين أُجريت معهم مقابلات شخصيّة وجاهية ضمن عيّناتٍ ممثّلة للبلدان التي ينتمون إليها، وبهامش خطأ يتراوح بين  2-3%. ويعادل مجموع سكّان المجتمعات التي نُفّذ فيها الاستطلاع 90% من عدد السكّان الإجماليّ لمجتمعات المنطقة العربيّة. وقد نُفِّذ هذا الاستطلاع الميداني بين شهري أيلول/ سبتمبر وكانون الأول / ديسمبر 2016. وأوضح الدكتور محمد المصري، منسق وحدة الرأي العام في المركز العربي، أنّ استطلاع المؤشر العربي الذي ينفذه المركز للعام الخامس على التوالي هو أضخم مسحٍ للرأي العام في المنطقة العربيّة، سواء أكان ذلك من خلال حجم العينة أو عدد البلدان التي يغطيها أو محاوره. وأشار إلى مشاركة 840 باحثاً بتنفيذه، واستغرق التنفيذ نحو 45 ألف ساعة، وقطع الباحثون الميدانيون خلاله أكثر من 760 ألف كيلومترٍ من أجل الوصول إلى المناطق التي ظهرت في العينة في أرجاء الوطن العربي. كما اشار إلى أن تعدد موضوعات المؤشر ومحاوره يجعل بياناته مصدراً مهماً لصنّاع القرار والباحثين والمهتمين بشؤون المنطقة العربية.


والمؤشّرُ العربيُّ هو إستطلاعٌ سنويّ ينفّذه المركز العربيّ في البلدان العربيّة؛ بهدف الوقوف على اتّجاهات الرّأي العامّ العربيّ نحو مجموعةٍ من الموضوعات: الاقتصاديّة، والاجتماعيّة، والسياسيّة، بما في ذلك اتّجاهات الرّأي العامّ نحو قضايا الدّيمقراطيّة، والمشاركة السياسية والمدنيّة. ويتضمن المؤشر في هذا العام اتجاهات الرأي العام نحو تنظيم الدولة "داعش"، وتقييم سياسات قوى دولية وإقليمية نحو الأزمات في المنطقة العربية.


أظهرت نتائج المؤشر العربيّ أنّ الرأي العام العربي شبه مجمعٍ، وبنسبة 89% من المستجيبين، على رفض تنظيم الدولة "داعش"، مقابل (2%) أفادوا أنّ لديهم نظرةً إيجابيةً جداً و(3%) لديهم نظرة إيجابيةً إلى حدٍ ما تجاهه. ولا ينطلق الذين يحملون نظرةً إيجابيةً نحو تنظيم "داعش" من اتفاقهم مع ما يطرحه التنظيم من موقفٍ وآراء ونمط حياةٍ؛ إذ إنّ نسبة الذين يحملون وجهة نظر إيجابية نحوه بين المتدينين جداً هي شبه متطابقة مع النسبة عند غير المتدينين.


يعكس هذا بشكلٍ جليٍ أنّ من يحمل وجهةَ نظرٍ إيجابية نحو "داعش" ينطلق من موقفٍ سياسي مرتبطٍ بتطورات الأوضاع في المنطقة العربية والإقليم. ويتكرّس هذا من خلال تأكيد نحو ثلث المستجيبين أنّ استخدام الدين هو عنصر قوة "داعش" بين مؤيديه، مقابل أكثر من نصف الرأي العام يرى أنّ العوامل السياسية هي عناصر قوته بين مؤيديه.


ولدى الرأي العام وجهات نظر محددة تجاه الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل القضاء على الإرهاب وتنظيم "داعش"، فقد أفاد 17% أن الإجراء هو تكثيف الجهد العسكري في الحرب على التنظيم، فيما أفاد 14% أنّ دعم التحول الديمقراطي في البلدان العربية هو الإجراء الذي يجب اتخاذه للقضاء على الإرهاب وتنظيم الدولة، وأفاد 14% أنّ حلّ القضية الفلسطينية هو أهم إجراء يجب اتخاذه من أجل القضاء على الإرهاب. وشدد 12% على أن إيجاد حلّ للأزمة السورية بما يتناسب وتطلعات الشعب السوري هو أهم إجراء للقضاء على الإرهاب وتنظيم الدولة. وعموماً يرى الرأي العام العربي أن مواجهة الإرهاب تعني تبنّي حزمة متكاملة من الإجراءات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والعسكرية.


وترى أغلبية الرأي العام العربي أن الثورات خلال عام 2011 وخروج الناس في تظاهرات واحتجاجات سلمية، إيجابية. ويجمع الرأي العام على أن هذه الثورات والاحتجاجات الشعبية كانت بدافع الثورة ضد الأنظمة الدكتاتورية والتحول إلى الديمقراطية وضد الفساد المالي والإداري. فيما عبّر 3% من المستجيبين عن أسباب تنطلق من موقفٍ معادٍ للثورات على اعتبار أن ما جرى في عام 2011 مؤامرة، أو أن المواطنين كانوا مدفوعين من الخارج.


نتائج الاستطلاع أظهرت أن الرأي العام العربي منقسم حول واقع الثورات العربية ومسقبلها، فقد رأى ما نسبته 45% أنّ الربيع العربي يمرُّ بمرحلةِ تعثرٍ، لكنه سيحقق أهدافه في نهاية المطاف، مقابل 39% يرون أنّ الربيع العربي قد انتهى وعادت الأنظمة السابقة إلى الحكم.


وقد عبّر مواطنو المنطقة العربية (52% من المستجيبين) عن مخاوف محدودة أو كبيرة من زيادة نفوذ الأحزاب الإسلامية السياسية، مقابل 42% قالوا إنه ليست لديهم مخاوف منها. وأفاد 59% من المستجيبين أنّ لديهم مخاوف من الحركات العلمانية مقابل 33% أفادوا أنْ ليس لديهم مخاوف منها. إنّ وجود مخاوف من الحركات الإسلامية والعلمانية في آنٍ واحدٍ يعبِّر عن أنّ حالة الانقسام والاستقطاب في الرأي العام العربي قد أدت إلى رأيٍ عامٍ متحفظٍ تجاه كلا الطرفين، وإلى تخوف منهما. إنّ عدم التوافق بين هذه الحركات من ناحية، وعدم قدرتها على تبديد مخاوف المواطنين سيشكل عائقاً أمام التحول الديمقراطي ويفسح المجال لأجهزة ومؤسسات غير ديمقراطية باستغلال هذه المخاوف والاتجاه نحو السلطوية.


أورد المواطنون العديد من المشاكل والتحديات التي تواجه بلدانهم، وتوافق 44% على أن أولوياتهم هي أولويات اقتصادية. فيما عبر 20% من المستجيبين عن أن أولوياتهم تتعلق بأداء الحكومات وسياساتها مثل سياسات أنظمة الحكم أو انتكاسات التحول الديمقراطي أو ضعف الخدمات العامة وانتشار الفساد المالي والإداري. وركز 18% من المستجيبين على قضايا تتعلق بالأمن والأمان والاستقرار السياسي. وتظهر نتائج استطلاع 2016 تراجع نسبة الذين أكدوا على الأمن والأمان مقارنة باستطلاعي 2015، و2014؛ إذ أكد نحو ثلث المستجيبين فيهما على ذلك.


وكشفت نتائج المؤشر العربي أنّ الأوضاع الاقتصادية لمواطني المنطقة العربية هي أوضاع غير مرضية على الإطلاق؛ إذ إنّ 49% قالوا إنّ دخول أسرهم تغطّي نفقات احتياجاتهم الأساسية، ولا يستطيعون أن يدخروا منها (أسر الكفاف)، وأفاد 29% من الرأي العامّ أنّ أسرهم تعيش في حالة حاجةٍ وعوز؛ إذ إنّ دخولهم لا تغطّي نفقات احتياجاتِهم.


أمّا على صعيد اتّجاهات الرأي نحو الديمقراطية، فيسود شبه إجماع؛ إذ عبّر 72% من المستجيبين عن تأييدهم النظام الديمقراطي، مقابل 22% منهم عارضوه.


وقد أفاد 77% من المستجيبين أنّ النظام الديمقراطي التعدّدي ملائم ليطبَّق في بلدانهم، في حين توافَق ما بين 61% إلى 75% على أنّ أنظمة مثل النظام الديكتاتوري السلطوي، أو حكم الأحزاب الإسلامية فقط، أو النظام القائم على الشريعة من دون انتخابات وأحزاب، ونظام مقتصر على الأحزاب غير الدينية، هي أنظمةٌ غير ملائمة لتطبَّق في بلدانهم.


أمّا على صعيد المحيط العربيّ، فقد أظهرت النتائج أنّ 77% من الرأي العامّ العربيّ يرى أنّ سكّان العالم العربيّ يمثّلون أمّةً واحدةً، وإنْ تمايزت الشعوب العربيّة بعضها عن بعض، مقابل 19% قالوا إنّهم شعوب وأمم مختلفة.


يعكس تقييم الرأي العام لسياسات بعض القوى الدولية والإقليمية عدم ثقته فيها، إذ إن أكثرية الرأي العام تنظر بسلبية إلى سياسات الولايات المتحدة وروسيا وإيران وفرنسا تجاه المنطقة العربية، ويعد تقييم هذه السياسات في هذا الاستطلاع أكثر سلبية من الاستطلاعات السابقة.


ووصف نحو ثلاثة أرباع المستجيبين السياسات الأميركية نحو فلسطين وسورية والعراق وليبيا واليمن بأنها سيئة، كما اعتبر نحو ثلثي الرأي العام أن السياسات الإيرانية والروسية تجاه فلسطين وسورية والعراق واليمن وليبيا سيئة.


أمّا بالنسبة إلى الأمن القوميّ العربيّ، فإنّ 67% أفادوا أنّ إسرائيل والولايات المتّحدة هما الأكثر تهديداً للأمن القومي العربيّ. ورأى 10% أنّ إيران هي الدولة الأكثر تهديداً لأمن الوطن العربيّ. وفي السياق نفسه، سُئل المستجيبون عن مصادر التهديد لأمن المنطقة واستقرارها. وأظهرت النتائج أنّ الرأي العامّ متوافق بما يقترب من الإجماع وبنسبة 89% على أن سياسات إسرائيل تهدّد أمن واستقرار المنطقة العربية. كما توافق 81% من الرأي العام على أن السياسات الأميركية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها، وعبّر 73% من المستجيبين عن اعتقادهم بأن السياسات الإيرانية تهدّد أمن المنطقة واستقرارها، بينما كانت النسبة 69% في ما يتعلق بالسياسات الروسية و59% بالنسبة إلى السياسات الفرنسية. وهذا يظهر بشكل جلي أنّ الرأي العامّ يرى في إسرائيل المصدر الأكثر تهديداً لاستقرار المنطقة وأمنها.


وأظهرت النتائج أنّ 86% من مواطني المنطقة العربية يرفضون الاعتراف بإسرائيل، وفسّر الذين يعارضون الاعتراف بإسرائيل موقفهم بعددٍ من العوامل والأسباب معظمها مرتبطٌ بالطبيعة الاستعمارية والعنصرية والتوسعيّة لها. وأكّد الدكتور المصري أنّ النتائج تُظهر أنّ آراء المواطنين الذين يرفضون الاعتراف بإسرائيل لا تنطلق من مواقف ثقافية أو دينية.


يتزايد استخدام الإنترنت؛ إذ أفاد 38% من المستجيبين أنّهم لا يستخدمون الإنترنت مقابل 61% قالوا إنّهم يستخدمونها، وإنّ 82% من مستخدمي الإنترنت لديهم حساب على "فيس بوك"، و33% لديهم حساب على "تويتر" و32% لديهم حسابات على "انستغرام".


ويقوم 70% من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي باستخدامها للحصول على أخبار ومعلومات سياسية، و33% يستخدمونها بشكل يومي لأكثر من مرة، و68% من أصحاب الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعي يستخدمونها للتعبير عن الرأي العام في أحداث سياسية، و19% يستخدمونها يومياً أو عدة مرات في اليوم، و51% يستخدمونها للتفاعل مع قضايا سياسية.


بالنسبة لدرجة التدين أظهرت النتائج أنّ مواطني المنطقة العربيّة منقسمون إلى ثلاث كتل؛ الكتلة الأكبر هي التي وصفت نفسها بأنها متديّنة إلى حدٍ ما وبنسبة 65%، أما الكتلة الثانية فهي التي أفاد المستجيبون فيها أنهم "متدينون جدّاً" (20%)، بينما قال 11% إنهم "غير متديّنين".


ترفض أغلبية الرأي العامّ تكفير من ينتمون إلى أديان أخرى أو من لديهم وجهات نظر مختلفة في تفسير الدين. كما تشير النتائج إلى أنّ أكثريّة المواطنين لا تميز في التعامل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي سلباً أو إيجاباً بين المتديّنين وغير المتديّنين. كما أنّ أغلبية الرأي العامّ ترفض أن يؤثّر رجال/ شيوخ الدين في قرارات الحكومة أو في كيفية تصويت الناخبين. وترفض الأكثرية أن تقوم الدولة باستخدام الدين للحصول على تأييد الناس لسياساتها، كما رفضت أن يستخدم المترشّحون للانتخابات الدينَ من أجل كسب أصوات الناخبين. وكشفت بيانات المؤشّر العربيّ أنّ الرأي العامّ في المنطقة العربيّة منقسمٌ بخصوص فصل الدين عن السياسة، مع أغلبية تميل إلى فصل الدين عن السياسة.