بالصور:عودة أهالي الباب.. تدريجياً

خالد الخطيب
الجمعة   2017/03/10
المدنيون الذين عادوا إلى مدينة الباب، هم في الغالب من الفقراء الذين أرهقهم التنقل المستمر (خالد الخطيب)
على الرغم من سيطرة المعارضة المسلحة في "درع الفرات" على مدينة الباب، شرقي حلب، منذ ما يقارب أسبوعين، إلا أن الطريق إليها ما يزال محفوفاً بالمخاطر. ويتوجب على المدنيين من سكان المدينة، أخذ الحيطة والحذر، إذا ما فكروا بالعودة إلى منازلهم، لكثرة الألغام التي تركها تنظيم "الدولة الإسلامية" خلفه في البيوت ومنصفات الطرق العامة وزوايا المحال التجارية التي دمرت واجهاتها بشكل كبير، بفعل المعارك العنيفة التي جرت داخل أحياء المدينة.



حالفنا الحظ عندما سمح لنا عناصر الجيش السوري الحر، المتمركزين في بلدة تل بطال شمالي الباب، بالدخول إلى المدينة، لأننا حظينا بمرافقة قافلة مساعدات إنسانية، كانت الأولى التي تقدمها منظمة "IHH" الإغاثية التركية، إلى سكان المدينة، الذين بدأوا بالعودة تدريجياً.



ووقفت عشرات السيارات على طرفي الطريق، بانتظار دخول المدينة، وهي تفيض بالعائلات والمتاع. وبرر عناصر الحاجز منعهم للمدنيين، بأن أعمال نزع الألغام من الطرق الرئيسية في المدينة، مازالت جارية، وأن دخولهم سيشكل خطراً على حياتهم.



وفي الطريق باتجاه المدينة، كان علينا أن نسلك طرقاً فرعية أرشدنا إليها عناصر الجيش السوري الحر ممن يتوزعون على حواجز على أطراف المدينة. وقالوا لنا إن الطرق الرئيسية غير مؤمنة بعد، وهناك مناطق عسكرية لا يمكن العبور من أمامها على الطريق السريع. الأمر الذي جعل المسافة التي احتجناها للوصول إلى المدينة، مضاعفة تقريباً.



مع دخولنا إلى المدينة من مدخلها الشمالي، كانت مشاهد الدمار الذي حل للبيوت والمحال على جانبي الطريق، كافياً ليذهلنا. الباب الآن لا تشبه تلك التي كنا نعرفها قبل سيطرة التنظيم عليها مطلع العام 2014. كل شيء تغير. فقد حولها التنظيم إلى ثكنة عسكرية. الخنادق، والسواتر، والدشم في كل مكان، داخل المدينة وفي محيطها. السوق الرئيسي تعرض هو الآخر لدمار واسع.



مدينة الباب كانت ضحية إصرار التنظيم على المقاومة فيها، وتحويلها إلى مركز عسكري، وتسخير كل بناها العمرانية السكنية والتجارية والخدمية، في سبيل معركة التصدي لمقاتلي "درع الفرات"، على خلاف المدن والبلدات التي انسحب منها التنظيم في ريف حلب الشمالي والشمالي الشرقي، أواخر العام 2016.



الدمار الواسع الذي حلّ بالمدينة، تجاوز 40 في المئة من كامل عمرانها، فالمعركة داخل الأحياء كانت حاسمة، وعنيفة بين طرفي القتال، واستخدم فيها التنظيم كل امكاناته التفجيرية والتخريبية، ما دفع مقاتلي الجيش السوري الحر لاستخدام الأسلحة الثقيلة في بعض المواقع التي كانت الأكثر تحصيناً والتي لجأ اليها قناصو التنظيم ومقاتلو النخبة.



بضعة آلاف من المدنيين فقط تمكنوا من العودة إلى منازلهم في مدينة الباب، وتوزعوا على مختلف الأحياء الشمالية والغربية والشرقية والجنوبية. لكن هناك أحياء بعينها شهدت عودة أسرع لأعداد أكبر من المدنيين، نظراً لقلة الدمار الذي حلّ بها مقارنة بأحياء أخرى كانت مسرحاً للمعارك. أما المحال التجارية التي افتتحت أبوابها للمتسوقين فهي اقتصرت على بائعي الخضروات والمواد الغذائية والتموينية بشكل عام. ولا تتجاوز نسبة المحال المفتوحة 5 في المئة من حجم السوق التجاري للمدينة.



وينشط "المجلس المحلي" الذي تشكل مع تحرير المدينة، في كل القطاعات التي من شأنها تسهيل عملية عودة آلاف المدنيين إلى بيوتهم، لكنه يواجه صعوبات كبيرة بسبب ندرة الامكانات مقارنة بحجم الضرر الكبير الذي لحق بمعظم المرافق العامة والخاصة. وعلى الرغم من ذلك، لا تتوقف فرق "الدفاع المدني" وإزالة الألغام والمكاتب الإغاثية، عن تقديم ما يلزم، بحسب امكانياتها، لتحسين الوضع. وتتضافر جهود "المجلس المحلي" مع تلك التي تبذلها الفصائل المسلحة العاملة في "درع الفرات"، لرفع وإزالة الأنقاض والألغام، وتأمين دخول المدنيين.



المدنيون الذين عادوا إلى مدينة الباب، هم في الغالب من الفقراء الذين أرهقهم التنقل المستمر، وسكن المخيمات الحدودية، أو ما عادوا يطيقون ارتفاع أسعار الإيجارات في بلدات ومدن الشمال الحلبي، كإعزاز مثلاً التي وصل إيجار المنزل فيها إلى 200 دولار تقريباً. وهناك عدد كبير من أهالي الباب يقيمون في تركيا، في المخيمات، أو داخل المدن الجنوبية في كيليس وغازي عينتاب، ممن هربوا خلال السنوات الثلاث الماضية من سيطرة التنظيم على المدينة.