حلب: استكمال الإجلاء..بعد تعطيل متبادل بين النظام والمعارضة

خالد الخطيب
الخميس   2016/12/22
الجولة الأخيرة من المفاوضات قد حققت جانباً كبيراً من المطالب للمعارضة (انترنت)
غطت التعقيدات التي رافقت اتفاق إخلاء أحياء شرق حلب، وتعطيله لمرات متتالية من قبل مليشيات النظام تارة، والمعارضة المسلحة تارة أخرى، على قساوة المشهد والأوضاع الانسانية الصعبة التي يعانيها آلاف المدنيين المحاصرين.

وظلّ البعض ينتظر فرصة الخروج لأكثر من 72 ساعة في معبر العامرية في طقس بارد وانعدام شبه كامل لأدنى مقومات الحياة، وعلق آخرون لساعات طويلة في مناطق سيطرة النظام أثناء ترحيلهم عن أحيائهم الشرقية، لأن مرورهم في تلك اللحظة تزامن مع تعثر الاتفاق بين الطرفين وظهور تعقيدات جديدة ومطالب ربما لتحقيق مكاسب اضافية.

وكان من المقرر أن تخرج الدفعات الأخيرة من المحاصرين في حلب الثلاثاء/الأربعاء نحو ريف حلب الغربي، وفي الوقت نفسه يخرج العدد المتفق عليه من بلدتي كفريا والفوعة الشيعيتين في ريف ادلب باتجاه حلب. لكن العملية لم تستكمل وتعطل الخروج مساء الثلاثاء لتبدأ بعدها جولات وجولات من المفاوضات بين طرفي الاتفاق الرئيسيين المعارضة والنظام وبرعاية تركية روسية.

عرقلة الاتفاق التي حصلت الثلاثاء وربما قد تكون الأخيرة، كانت مشتركة، فالمعارضة وجدت الفرصة مناسبة لتحسين شروط الاتفاق والمطالبة بالمزيد، بعدما أصبح لديها ورقة ضاغطة على المليشيات متمثلة في قافلة مؤلفة من 10 حافلات على الأقل خرجت من بلدتي كفريا والفوعة تم إيقافها في منطقة الراشدين ومنعتها المعارضة من إكمال طريقها باتجاه حلب إلى حين استجابة المليشيات، والتي رفضت المطالب وقدمت مطالب واقتراحات أخرى بقي التفاوض عليها 24 ساعة على الأقل.

ونجح الطرفان في التوصل لتفاهم جديد مساء الأربعاء، واستؤنفت عمليات الخروج مجدداً، وتم الافراج عن القافلة القادمة من بلدتي كفريا والفوعة ودخلت حلب، بينما تواصل خروج المحاصرين من الأحياء الخاضعة لسيطرة المعارضة حتى صباح الخميس، ومعظمهم من مقاتلي المعارضة وعدد قليل من المدنيين والنشطاء وعائلاتهم.

ونجحت المعارضة هذه المرة من تعديل شروط الاتفاق المجحف بحقها بعدما استفادت من ادخال ملف بلدتي كفريا والفوعة ضمنه. وتمكنت من إخراج عدد كبير من سياراتها الخاصة والعسكرية، والأسلحة المتوسطة والخفيفة، وجزءاً من ذخائرها، حيث خرجت أكثر من 500 سيارة عسكرية ومدنية الأربعاء/الخميس وعلى متنها مقاتلون وأسلحة، ومن تبقى من مدنيين ونشطاء، ووصلت تلك القافلة فعلاً إلى ريف حلب الغربي من دون أي عراقيل تذكر أثناء مرورها في مناطق سيطرة مليشيات النظام.

في المقابل حصلت المليشيات على بعض مطالبها بشأن جثث القتلى الذين خسرتهم في المعارك الأخيرة في حلب، وتسلمتهم من المعارضة، كذلك تم اطلاق سراح بعض الأسرى التابعين للنظام والمليشيات، من "النجباء" و"الأفغان" و"حزب الله"، بالإضافة لضمان خروج دفعات جديدة من الخارجين من بلدتي كفريا والفوعة.

قائد "غرفة عمليات الراشدين" النقيب أمين ملحيس، قال لـ"المدن" إن مئات السيارات التابعة للمعارضة خرجت من الأحياء المحاصرة في حلب خلال الساعات الماضية، ولاقت صعوبات كبيرة أثناء خروجها بسبب الطقس المثلج، كذلك تم سحب الكثير من السيارات من الداخل المحاصر باتجاه ريف حلب الغربي لأنها معطلة ولا يمكن قيادتها، لذلك استغرقت وقتاً طويلاً إلى أن وصلت النقطة صفر أي منطقة الراشدين.

النقيب ملحيس أكد أن الجولة الأخيرة من المفاوضات حققت جانباً كبيراً من المطالب للمعارضة، بعدما توقف العمل باتفاق الخروج المتبادل من حلب ومن بلدتي كفريا والفوعة لمدة 24 ساعة تقريباً، فالمليشيات أبدت تجاوباً على مضض بسبب الضغط الروسي الذي يريد انهاء العملية في أسرع وقت ممكن قبل دخول "لجان المراقبة الدولية".

من جانبه، قال القائد العسكري في حركة "أحرار الشام الإسلامية" والمفاوض نيابة عن فصائل المعارضة الحلبية الفاروق أحرار، لـ"المدن"، إن عملية التهجير مستمرة، والسيارات تستمر في الخروج من الأحياء المحاصرة من حلب باتجاه ريف حلب الغربي، وإذا ما سارت الأمور بشكل جيد وبدون أي عراقيل إضافية فإن آخر المهجرين سيخرجون من حلب خلال ساعات نهار الخميس.

وأوضح الفاروق أن هناك المزيد من السيارات والعائلات وعناصر تابعين لفصائل المعارضة يتحضرون للخروج، فالعملية تسير بشكل جيد إلى الآن وما من عراقيل تعطل استمرارها، لكن الأحوال الجوية تجعلها تسير ببطء شديد.

الدفعات الأخيرة من مقاتلي المعارضة والمدنيين الذين كان من المقرر خروجهم الثلاثاء لا يزيد عددهم عن 4 آلاف معظمهم مقاتلون وعائلاتهم، وبعض النشطاء وعائلاتهم الذين فضلوا البقاء ليكونوا آخر الخارجين كي لا يزاحموا المدنيين على الخروج.

وبقي في الأحياء التي أخلتها المعارضة مئات المدنيين والعائلات، ممن قرروا البقاء رغم معرفتهم أن مليشيات النظام ستسيطر على الأحياء التي ستخليها المعارضة المسلحة، وهي المشهد والزبدية والأنصاري والسكري وتل الزرازير، وأجزاء من أحياء سيف الدولة وصلاح الدين.

ومنذ بدء العمل باتفاق الخروج نحو ريف حلب الغربي ومناطق ادلب، فإن عدد المُهجّرين من أحياء حلب الشرقية تراوح بين 25 و35 ألف عسكري ومدني، ولا توجد إلى الآن احصاءات دقيقة عن عددهم بسبب الانقطاع المستمر في عمليات الخروج، وخروج أعداد كبيرة في سياراتهم الخاصة.