انشقاقات الفصائل تصب في "جند الأقصى"

نسيب عبد العزيز
الخميس   2016/10/06
تخوف الفصائل مرتبط بمساعي "أبو محمد المقدسي"، لضم القيادات والمجموعات المنشقة إلى "جند الأقصى" (انترنت)
قال مصدر مقرب من رئيس "مركز دعاة الجهاد" عبد الله المحيسني، لـ"المدن"، إن هناك تخوفاً من قادة "الأحرار" و"فتح الشام"، وحتى من المحيسني، من الانشقاقات التي تلم بالتنظيمين. ومعظم المنشقين عن "الأحرار" و"فتح الشام"، هم من التيار السلفي الجهادي، ممن تجمعهم روابط فكرية متقاربة تساعد على التقائهم في كتلة واحدة. وباب الانشقاقات "سيزيد من تسلط الغلاة الذين سيعملون على استغلالها لمصالحهم"، بحسب ما نُقل عن المحيسني، الذي أشار إلى أن "الغلاة هم من يرفضون التكتل وينسحبون من أي مشروع يوحد الصف"، كانسحاب "جند الأقصى" من "جيش الفتح" بعد رفضهم قتال تنظيم "الدولة الإسلامية".

وكانت موجة من الانشقاقات قد ألمت بـ"حركة أحرار الشام" في الفترة الأخيرة؛ أبرزها انشقاق القياديين المصريين أبو اليقظان المصري وطلحة الميسر "أبو شعيب"، و"لواء أشداء". وجاءت هذه الانشقاقات على خلفية إصدار "المجلس الشرعي للأحرار" فتوى تجيز التعاون والتنسيق مع تركيا لقتال تنظيم "الدولة الإسلامية". كما أن موجة انشقاقات مماثلة شهدتها "جبهة فتح الشام" بعد فك الارتباط مع تنظيم "القاعدة"؛ وأبرزها انشقاق القياديين "أبو خديجة الأردني" و"أبو جليبيب" مع عناصرهم بالإضافة لـ"أبو همام السوري".

وتخوف الفصائل مرتبط بمساعي أبرز منظري "السلفية الجهادية" الأردني "أبو محمد المقدسي"، لضم القيادات والمجموعات المنشقة إلى "جند الأقصى"، لأنه الفصيل المتمسك بـ"السلفية الجهادية" بحسب "المقدسي". ووساطة المقدسي في تقريب وجهات النظر بين منشقي الفصائل وقيادة "جند الأقصى"، تتم مع عضو "مجلس الشورى" في "الأقصى" أبو ذر الجزراوي، العضو الأقوى في "جند الأقصى". وإذا ما نجحت مساعي المقدسي، ستكون "جند الأقصى" ملاذاً للسلفيين الجهاديين.

وتمّ انشاء "جند الأقصى" بعد انفصال "جبهة النصرة" عن تنظيم "الدولة الإسلامية"، والخلاف بين "أبو بكر البغدادي" و"أبو محمد الجولاني". فقد كان مؤسس "الأقصى" محمد يوسف العثامنة "أبو عبد العزيز القطري" الذي قتل مطلع العام 2014، يعمل لإصلاح الخلاف بين "النصرة" و"الدولة". وعندما فشل "القطري" أسس "جند الأقصى" منشقاً عن "النصرة" بسبب رفضه أسلوب قيادة "النصرة" في الإدارة. وكان رفض "الجولاني" لشرط "القطري" بعزل القيادي "أبو هاجر الحمصي" أو "أبو عمر سراقب"، السبب المباشر في انشقاق "جند الأقصى" عن "النصرة". و"أبو عمر سراقب" قتل في أيلول/سبتمبر في غارة جوية قيل إن "التحالف الدولي" قام بها. في حين أن "القطري" كان قد قُتل في العام 2014 أثناء محاولته حلّ النزاع بين "داعش" و"جبهة ثوار سوريا".

مصدر مقرب من قيادة "حركة أحرار الشام" والمعرف في "تويتر" بـ"مجاهد الشام" قال لـ"المدن"، إن التخوف من استغلال المنشقين من قبل "جند الأقصى" أمر منطقي، لأن "الجند" تأسست أصلاً من توحيد من انشق عن "النصرة" و"الدولة"، في العام 2014، واندماج مجموعتي "أبو عبد العزيز القطري" و"أبو مصعب جعبور". وتعود تسمية "جند الأقصى" لهذا الاندماج، بحسب "مجاهد الشام"، فـ"أبو عبد العزيز القطري" فلسطيني الأصل، في حين أن "سرايا القدس" كانت اسم كتلة السوري "أبو مصعب جعبور" في "النصرة" قبل انشقاقه. وتم الاتفاق أثناء تشكيل "الجند"، على أن يكون "أميرها" من "المهاجرين" و"وزيرها" من "الأنصار" السوريين. وبعد مقتل "القطري" استلم "جعبور" منصب أمير "الأقصى"، في تناقض مع الاتفاق التأسيسي لتوزيع المناصب بين المهاجرين والأنصار.

وتابع "مجاهد الشام" أن "جند الأقصى" بقيادته الحالية، تتبع سياسة هادئة تساعدها على تحقيق مصالحها. فقيادة "الجند" الحالية، والعائدة فعلياً لـ"أبو ذر الجزراوي"، كانت قد بدأت مسيرتها منذ مقتل "أبو عبد العزيز القطري" و"أبو مصعب جعبور"، وعملت بتخطيط سياسي واستراتيجي مميز. و"أبو ذر الجزراوي" مهاجر من شبه الجزيرة العربية، ويعمل من خلف الكواليس، بعدما رفض أن يكون "أمير الجند"، نتيجة مقتل "جعبور" و"القطري".

ويعود سبب تسليم "أبو ذر" لـ"إمارة" الجند إلى السوري "أبو دياب سرمين"، إلى أن "أبو ذر" ومستشاريه "أبو عبد الإله العراقي" و"أبو حمزة اليمني"، لا يريدون ارتباط "النهج التكفيري" بـ"المهاجرين". ولعل "المقدسي" المقرب من "أبو ذر"، من الداعمين لهذه الطريقة.

ويعمل "أبو ذر الجزراوي" كوسيط لضمّ المهاجرين المنشقين من "فتح الشام" و"أحرار الشام" إلى "جند الأقصى". وأضاف "مجاهد الشام"، أن انضمام المنشقين ومجموعاتهم لـ"جند الأقصى" قد تجعل من "الجند" كتلة ضخمة، قد تكون حليفة لـ"الدولة الإسلامية". فعلاقة "الجند" بـ"الدولة" ليست عدائية، وهم من خرج من "جيش الفتح" لرفضهم قتال "الدولة" في ريف حلب. ويُعتَبِرُ "الجند" أن "الدولة" هم أخوة، قد يكون "الاجتهاد أضلّهم". "مجاهد الشام" أشار إلى أن قيادات الفصائل، على حذر دائم، من العمل المستقل لـ"جند الأقصى"، وانفرادها في اتخاذ قرارات قد تؤثر سلباً على بقية الفصائل.

"جند الأقصى" كانت قد فتحت جبهات حماة وإعلان "غزوة مروان حديد"، أثناء معارك فك الحصار عن حلب، ورفضت مؤازرة الفصائل أثناء تقدم مليشيات النظام. الحذر دفع "الأحرار" و"فتح الشام" وفصائل أخرى، لرفض دخول معركة حماة، من دون تخطيط مسبق، خشية من توسع نفوذ "الجند" في مناطق جديدة، ما قد يجذب المنشقين عنهم، ومن يفكر بالانشقاق عن أي فصيل آخر. وكانت "جند الأقصى" قد انفردت بالسيطرة على مدينة مورك في ريف حماة الشمالي، بعد مشاركتها في معارك ريف حماة في العام 2015.

كما ساندت "جند الأقصى"، في أيلول/سبتمبر، القائد العسكري لـ"جيش السنة" المعروف بـ"أبو حيدر كعدة"، في انقلابه على قائد الجيش أمجد بيطار. وبحسب ما أفاد به مصدر مطلع في "جيش السنة" لـ"المدن"، فإن اتفاقاً بين قيادة "الأقصى" وبين كعدة، يقضي بدعمه في انقلابه على أن يعمل "جيش السنّة" ضمن رؤية وتوجهات "الأقصى"، وربما الانضواء تحت جناحها لاحقاً.

وأمير "جند الأقصى" الحالي هو السوري أيمن فرواتي "أبو دياب سرمين"، من ريف ادلب، كان قد صار "أميراً" لـ"الجند" بشكل مفاجئ، وهو غير المعروف بأي ظهور إعلامي أو حتى بسعة معرفته الشرعية. ولربما كانت تولية "سرمين" أميراً، بسبب انتمائه لبلدة سرمين التي سبق وانتقل منها "لواء داوود" بكامل عدته وعتاده إلى الرقة منضماً لتنظيم "الدولة" منذ سنتين.

مؤشرات عدم العداء بين "الجند" و"الدولة"، هي منبع تخوف الفصائل في الشمال السوري من "الجند". فالفصائل تخشى قيام كيان كبير مؤيد لـ"الدولة الإسلامية"، يجمع المنشقين عن الفصائل.