مصر: الاوقاف تضبط المساجد من الاخوان والسلفيين

عبد الرحمن إياد
الثلاثاء   2014/10/21
اعتبر القرار محاولة من النظام المصري، لفرض سيطرته على المساجد، وجعلها ذراعاً دينياً للسلطة. (أ ف ب)
دأبت الحكومة المصرية مؤخراً على اتخاذ البعض من قراراتها، في أوقات انشغال الرأي العام ووسائل الإعلام بقضايا أخرى. كما أن القرارت باتت تتخذ في وقت متأخر ليلاً؛ مثل قانون العقوبات الذي وقعه الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل سفره لنيويورك بساعات، وقرار مجلس الجامعات بالموافقة على اللائحة الطلابية. ويعلل البعض هذا التصرف، بطول المناقشات وانشغال أجندة الحكومة بالكثير من الملفات، لكن طريقة اتخاذ القرارات تعيد للأذهان، ما كانت تفعله الحكومات السابقة، حين دأبت على إصدار قوانينها وقراراتها يوم الخميس، لتفادي سخرية المعلق الكوميدي باسم يوسف، الذي كان يصور برنامجه الشهير "البرنامج"، مساء الأربعاء من كل أسبوع.

وفي هذا الإطار، أصدر وزير العدل، المستشار محفوظ صابر، ليل الأحد، قراراً بمنح أئمة الأوقاف، حق إحالة المخالفين لتعليمات وزارة الأوقاف إلى النيابة العامة. أي اعطائهم ما يسمى حق "الضبطية القضائية". وبموجب هذه الضبطية مُنِحت قيادات وزارة الأوقاف، الحق في إحالة أي شخص يصعد منابر المساجد، دون إذن مسبق من الوزارة، إلى النيابة. وأكدت وزارة الأوقاف أن قرار "الضبطية القضائية" يهدف إلى تطهير المساجد من جماعة الإخوان و"العناصر المتطرفة".

يأتي هذا القرار، على الرغم من تصريح وزير الأوقاف، محمد مختار جمعة، في حوار تلفزيوني معه، بأنه قضى على أعضاء الإخوان في وزارته وطهرها منهم، بعد أن قامت وزارته بفرض سيطرتها على المساجد التي كانت تحت إدراة الجماعة. ولم تسلم المساجد التابعة لجمعيات أو جماعات أخرى من هذه السيطرة، كتلك التابعة لإدارة الجمعية الشرعية "السلفية"، التي تمارس أنشطة لا علاقة لها بالسياسة. ومَنعتِ الحكومةُ من خلال وزارة الأوقاف، أعضاء وقيادات "الدعوة السلفية"، أحد أبرز حلفاء إدارة ما بعد أحداث 30 حزيران/يونيو من الخطابة في المساجد، وقامت بمصادرة أشرطة "الكاسيت" الخاصة بها من مساجدها، والتي تحتوي على دروس دينية صوتية. بالإضافة إلى ذلك، تمّ حظر عدد من أنشطة المساجد الثقافية، مثلما حدث في مسجد السلطان حسن.

ويرى البعض أن ما فعلته وزارة الأوقاف كافٍ، ولا توجد حاجة لقرار منح الضبطية القضائية لقياداتها، إلا أن صدور القرار دفع البعض لاعتباره محاولة من النظام لفرض سيطرته، على المساجد، وجعلها ذراعاً دينياً للسلطة.

يأتي هذا الإجراء، ضمن سلسلة قرارت للحكومة بهدف استبعاد أنصار جماعة الإخوان وأعضائها من أجهزة الدولة؛ فقبل أسابيع أحالت وزارة الكهرباء عدداً من مهندسيها إلى التحقيق، بحجة تسببهم في انقطاع التيار الكهربائي، وتحريض المتظاهرين من أتباع الجماعة، على استهداف أبراج الكهرباء. لكن الوزير محمد شاكر، عاد بعد أيام ليؤكد عدم قدرته على استئصال الإخوان من وزارته، لكثرتهم، وعدم وجود بديل يقوم بأعمالهم. كما أنه لن يُقدم على فصل من لم يثبت قيامه بأعمال تخريبية، بحسب تصريحات تلفزيونية.

ولم تسلم الهيئات القضائية من ملاحقة الإخوان وأنصارهم، ففي شهر أيلول/سبتمبر فُصِل المستشار طلعت عبدالله، الذي كان يشغل منصب النائب العام في عهد الإخوان، ورَفضَ "مجلس التأديب" التابع لـ"المجلس الأعلى للقضاء" التماساً تقدم به عبدالله لإعادته للخدمة. كما فُصِل سبعة مستشارين من أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر"، المؤيدة للإخوان، بتهمة الاشتغال بالسياسة، وتأييد الرئيس المعزول محمد مرسي، في مؤتمرات جماهيرية.

وتستعد وزارة الداخلية، خلال الأيام القليلة المقبلة، لإقالة مئة ضابط وعنصر من الشرطة، ممن تقول أنهم متعاطفون مع جماعة الإخوان المسلمين. فى وقت تعكف فيه الوزارة على إعداد قانون يسمح لها بإنشاء جهاز جديد يسمى "الشرطة المجتمعية". ويكتنف الغموض دور هذا الجهاز، غير أن المعلومات الأولية التي نشرتها الصحف المحلية، تنبئ أنه سيزيد من القبضة الأمنية على البلاد، ويقنن دور المرشدين والمخبرين. ويُتوقع أن يكون للجهاز دور في قمع المعارضين للسلطة، وعلى رأسهم جماعة الإخوان، مع توقعات بأن تحصل "الشرطة المجتمعية" على حق الضبطية القضائية، رغم أن أفرادها من المدنيين.

وتعكس هذه القرارات، محاولات إدارة ما بعد 30 يونيو، لاستبعاد الإخوان وأنصارهم من المناصب الحكومية المختلفة، وخاصة المهمة والحساسة منها، وسط توقعات بعدم إمكانية استبعاد الموظفن العاديين من أعضاء تنظيم الإخوان وأنصاره، بسبب كثرة عددهم.