عائلات الجنوب النازحة: كيف يوزع "الحزب" تقديماته المالية؟

حسين سعد
الأحد   2024/04/21
بدأ الحزب بمنح كل عائلة 25 دولاراً بدل اشتراك بمولد كهربائي (Getty)

آلاف من العائلات الجنوبية النازحة، تلقت معونات مادية إضافية، مع بداية شهر رمضان ونهايته الفائتين، بلغت أربعمئة دولار أميركي. مئتان دُفعت في بداية الشهر، ومئتان عشية العيد إستثائياً، وذلك ربطاً بالتكاليف والمصاريف الإضافية لهذا الشهر .

الحمية والاستغلال
فمنذ بدايات النزوح من بلدات وقرى الحافة الأمامية على طول الحدود، البالغة نحو 120 كيلومتراً، استنفرت شُعب حزب الله في البلدات والقرى والمدن المضيفة، وتعاونت مع الأهالي والبلديات، إلى جانب حركة أمل، في تأمين منازل لإيواء النازحين، من دون بدل مالي، بعدما أخذت الحمية أصحاب المنازل الشاغرة، غالبيتهم من المسافرين، تجاه أبناء بلدهم، فيما احتضنت عائلات كثيرة أخرى في مناطق صور والنبطية والزهراني وصيدا وجزين وسواها، أقاربهم ليتشاركوا معهم المنازل وحتى المأكل والمشرب.

مع ارتفاع أعداد النازحين، الذي بلغ في آخر تحديث له تسعين ألفاً وخمسمئة مواطن، النسبة الأكبر هم من الأولاد والنساء، نشأت ظروف جديدة، لناحية ندرة البيوت المقدمة مجاناً. فبدأ النازحون الجدد يستأجرون منازل، استغلها بعض أصحاب الشقق والمنازل المفروشة، تحت وطأة الحاجة، لرفع أسعار إيجارات شققهم المفروشة وغير المفروشة، ليصل بعضها إلى أكثر من ألف دولار.

معونات وسلة غذائية
تدخل حزب الله (العمل الاجتماعي) على خط دفع بدلات إيجار، خصوصاً للنازحين الذين لا يملكون منازل بديلة، في أماكن نزوحهم. واستثنى من ذلك العائلات المستضافة، التي كغيرها من غالبية العائلات النازحة، تستفيد من معونة مادية شهرية قيمتها مئة دولار أميركي لكل أسرة، وأيضاً لأفراد لديهم حالات خاصة (غير متزوجين) إلى جانب تقديم سلة غذائية شهرياً. فيما تُقدم عبر وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور، حصة كل ثلاثة أشهر، لحوالى سبعة آلاف عائلة في منطقة صور، من بينهم عائلات تقيم في خمسة مراكز إيواء في صور والبرج الشمالي. وهذه الحصص الغذائية والسلة الصحية، تقدمها منظمات حكومية ودولية، حسب ما قال لـ"المدن" مدير الوحدة مرتضى مهنا.

بدأ حزب الله، وفق عدد كبير من العائلات النازحة إلى غالبية المناطق اللبنانية، بما فيها المناطق خارج الجنوب، بدفع مبلغ مالي فصلي للمستأجرين النازحين، قيمته 1000 دولار، عن ثلاثة أشهر، ثم أصبحت تدفع شهرياً بمعدل 300 دولار، لأكثر من 15 ألف عائلة، بكلفة تبلغ ملايين الدولارات شهرياً.

بدلات الإيواء والكهرباء
وفيما يتعلق بموضوع التعويضات للمنازل والبيوت المدمرة كلياً، التي تبلغ المئات، عدا آلاف المنازل المتضررة، فهي مجمدة إلى ما بعد انتهاء الحرب، سواء من قبل مجلس الجنوب. وسبق له البدء بأعمال الكشف في أيام الهدنة، وتوقفت مع عودة المواجهات. كذلك من جانب حزب الله، الذي يبادر إلى تقديم ما يصطلح عليه "بدلات الإيواء"، لأصحاب المنازل المدمرة، وتبلغ قيمتها أربعة آلاف دولار أميركي، عن سنة كاملة. لكنها حتى الآن لم تشمل كافة أصحاب المنازل، من كل المكونات الاجتماعية في البلدات والقرى الجنوبية، التي تتعرض للعدوان الإسرائيلي.

وفي جديد تقديمات حزب الله للنازحين، إلى جانب الخدمات والمساعدات الصحية، المساهمة ببدل اشتراكات المولدات الكهربائية، بقيمة تبلغ 25 دولاراً، التي بدأت الشهر الحالي، في حين أن الكثير من أصحاب الاشتراكات، في العديد من القرى والبلدات ومنها منطقة صور، لا يتقاضون بدلات من النازحين، الذين باتت تقلقهم على أبواب الصيف عودة المغتربين، الذين يحتاجون إلى منازلهم لتمضية إجازاتهم وعطلهم الصيفية في ربوع الجنوب.

عدم التعكير على المقاومة
لا يبدي معظم النازحين، الذين يتذمرون ويتأففون من واقع نزوحهم، وحتى رؤساء غالبية المجالس المحلية، رغبة في مناقشة مسألة التعويضات. فيعتبرونها أمراً سابقاً لأوانه، في ظل استمرار واشتداد المعارك، وارتفاع نسبة الأضرار بشكل يومي. ويقاربون القضية من زوايا أخرى، في مقدمها "عدم التعكير على المقاومة- حزب الله". وكل ما ينشدونه حالياً هو وقف الحرب والعودة إلى بيوتهم وأرزاقهم، التي يحنون إليها.

يؤكد عدد من النازحين، ممن دمرت بيوتهم، في الضهيرة وعيتا الشعب وبيت ليف وعيترون وغيرها، أنهم تلقوا بدلات إيواء من حزب الله، لكنها لم تسر على أصحاب البيوت المدمرة الذين يملكون بيوتاً بديلة خارج بلداتهم. بينما يتحدث آخرون بأن بدلات الإيواء لم تصلهم حتى الآن، لكنهم تلقوا وعوداً من المسؤولين في الحزب بإنجاز ملفاتهم عما قريب.

علما الشعب
منيت بلدة علما الشعب بخسائر فادحة بثرواتها وبيوتها، لا سيما بالأعداد الكبيرة من أشجار الزيتون المعمرة والتاريخية، وأسطول السيارات الأثرية.

ويقول نائب رئيس البلدية، وليام حداد، إن مرجعيتنا أولاً وأخيراً هي الدولة. ولكن للأسف تنامى إلى مسامعنا أن علما الشعب لا تتعرض للقصف وليس فيها نزوح، وللحقيقة فإن سبعة بيوت على الأقل دمرت تدميراً كاملاً، وأكثر من تسعين منزلاً أصيب بأضرار مختلفة. مؤكداً أن الذين دمرت بيوتهم لم يحصلوا على بدلات إيواء إلى الآن، فيما عائلات قليلة على عدد أصابع اليد تحصل على بدلات إيجار، مقيمة في صور. أما باقي العائلات النازحة التي يقارب عددها 250 عائلة، فلا تحصل على بدلات إيجار، وغالبيتها استأجرت بيوتاً على نفقتها.
وفيما أكد ان إطالة أمد الحرب أصبحت ثقيلة على الأهالي، نوّه حداد بكل من ساهم وساعد النازحين من أبناء البلدة والمقيمين الصامدين، سواء كانوا مؤسات حكومية أو حزبية أو مرجعيات روحية وأفراد.

الجبين
تعتبر بلدة الجبين واحدة من القرى الأمامية، وسقط على أرضها شهداء، من بينهم فريق "الميادين" الإعلامي. وتعرضت منازلها ومزروعاتها لأضرار كبيرة.

ويشير رئيس بلدية الجبين بالوكالة، محسن عقيل، إلى أن المعنيين بملف الإيواء وبدلات السكن، يؤمنون المتطلبات بالحد المقبول والإمكانات المتوفرة. وقال لـ"المدن"، إن أكثر من 13 منزلاً دمر في الجبين، وتضرر حوالى خمسين منزلاً.

وقال عقيل إن كل شيء يتم تعويضه. وأكثر ما نأمله العودة إلى بلداتنا لنعمل على إعادة ما هدمته وخربته آلة القتل الإسرائيلية. منوهاً بالجهود التي تقوم بها وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور، ممثلة برئيس الاتحاد حسن دبوق ومديرها مرتضى مهنا، بالرغم من الإمكانات المتواضعة.

الضهيرة
لا يمضي يوم واحد من دون أن تتعرض الضهيرة للاعتداءات الإسرائيلية. ومن حدودها كانت بداية العمليات العسكرية في الثامن من تشرين الأول الماضي.

دمرت الطائرات الأسرائيلية حتى الآن أكثر من 14 وحدة سكنية تدميراً كاملاً، وتضرر أكثر من مئة منزل، حسب ما يوضح رئيس بلدية الضهيرة عبدالله غريب، والذي يؤكد بأن أبناء الضهيرة جميعهم نزحوا عن البلدة بفعل تفاقم الاعتداءات الإسرائيلية.
ويضيف غريب لـ"المدن"، أن غالبية النازحين يتوزعون على مركزي إيواء في البرج الشمالي، وقسم آخر استأجر منازل في أكثر من منطقة. مؤكداً بأن الأشخاص الذين دمرت بيوتهم يحصلون على بدلات إيواء من حزب الله. كما أن الكثيرين يحصلون على بدل إيجار للمنازل المستأجرة، تبلغ 330 دولاراً شهرياً، مضيفاً أن الحزب لم يقصّر، و"همنا الأساسي قبل كل شيء وقف العدوان والعودة إلى منازلنا، لكي نعيد الحياة إلى بلدتنا وإعادة إعمار ما هدمه العدوان".