تحرير الشام تعتقل "صندوقها الأسود"..استبدال الحرس القديم ب" إصلاحيين"

خالد الخطيب
الإثنين   2022/07/04
تجري هيئة تحرير الشام بشكل غير معلن تغييرات جذرية في بيتها الداخلي. ويعمل التيار المتحكم داخل الهيئة، والذي يضم مجموعة من السلفيين "الإصلاحيين"، على إبعاد شخصيات تقليدية متشددة تعارض التحولات البراغماتية وشخصيات سلفية أخرى تُعتبر من جيل المؤسسين يُثار حولها الجدل وفي سجلها الكثير من الانتهاكات.

اعتقال الشامي
واعتقلت تحرير الشام مؤخراً القاضي أبو القاسم الشامي بعدما دهمت قوة أمنية تتبع لجهاز الأمن العام التابع لتحرير الشام منزله في إدلب، وتمت مصادرة سيارته الخاصة وسلاحه وأجهزة الاتصالات الخاصة به وبعائلته، واقتادت القوة الأمنية الشامي إلى سجن محكمة القضاء الداخلي.
ويُعتبر الشامي من أهم قضاة تحرير الشام وينتمي لجيل المؤسسين، ويأتي اعتقاله بعد مدة من استقالته. وكان الشامي يشغل مناصب عدة في محاكم تحرير الشام وحكومة الإنقاذ التابعة لها، وأهم المناصب التي شغلها، قاضي الجناح العسكري، ومسؤول القضاء الداخلي في تحرير الشام، ومسؤول المحكمة العسكرية في إدلب، ومسؤول قضاء المنظمات، بالإضافة لعضويته في المحاكم الجنائية.
والشامي سلفي سوري من عشيرة بوشعبان العربية، وكان تعرض سابقاً لمحاولة اغتيال بعبوة ناسفة زُرعت في سيارته بمدينة إدلب في العام 2018، وأصيب الشامي حينها بإصابة بليغة، ووجهت أصابع الاتهام إلى خلايا تنظيم "داعش" التي تعتبر الشامي المسؤول الأول عن مقتل أعداد كبيرة من معتقلي التنظيم في سجون تحرير الشام، بسبب الأحكام القضائية التي أصدرها بحقهم في الفترة ما بعد العام 2017.

دور الشامي
وخلال السنوات الماضية اعتمدت تحرير الشام على الشامي في محاكمة عدد من القادة البارزين الذين انشقوا عنها، وأبرزهم أبو العبد أشداء الذي اعتقلته تحرير الشام في العام 2019، بسبب تسجيل مصور يعلن فيه انشقاقه ويهاجم فيه زعيمها أبو محمد الجولاني. وأطلق سراح أشداء بداية العام 2020 بعدما جرد من أملاكه، وسلب سلاح كتيبته تنسيقية الجهاد.
وقالت مصادر سلفية ل"المدن"، إن "اعتقال الشامي جاء بعدما فشلت جهود قيادة تحرير الشام لإعادته إلى عمله تحت إمرة التيار الإصلاحي المتحكم داخل الهيئة والذي يقوده كل من السلفي مظهر الويس الشرعي العام، والسلفي العراقي وعضو مجلس الشورى أبو ماريا القحطاني". وأوضحت أن "الشامي بمثابة الصندوق الأسود بالنسبة لتحرير الشام ولا تريد أن يخرج عن قبضتها".
وقال المنشق السابق عن تحرير الشام السلفي المصري طلحة المسير على "تلغرام"، إن "اعتقال تحرير الشام لأبي القاسم الشامي أحد أهم القضاة طوال السنين الماضية، وكذلك قبل أيام طرد أبو الفتح الفرغلي من عضوية المجلس الشرعي لتحرير الشام، يؤكد المؤكد وهو أن خلافنا مع الطاغية أبو محمد الجولاني ليس فكرياً ولا منهجياً، وإنما هو خلاف مع عصابة مجرمة لا علاقة لها بالجهاد ولا حفظ الثغور، عصابة تهدف للسرقة والسيطرة تشبعت بالأساليب البعثية التي تربت عليها في أيام جاهليتها وأيام داعشيتها".

حملة التطهير
وبالفعل لم يعد الشرعي العسكري السابق في تحرير الشام أبو الفتح الفرغلي يظهر في إعلام الهيئة الرسمي والرديف. وأعفي الفرغلي من منصبه مع بداية العام 2022 ليحل مكانه مظهر الويس الذي بات الأكثر ظهوراً بين قادة تحرير الشام المقربين من الجولاني، وأصبح ينوب عن الجولاني في رعاية الكثير من المناسبات العسكرية والمدنية التي تقام في إدلب.
ويُعتبر الفرغلي من القادة المؤسسين، وكان له دور فاعل في خلق المبررات الشرعية للحرب التي شنتها تحرير الشام على فصائل المعارضة، كما عمل على إقناع المقاتلين بأن قتال الفصائل والتغلب عليها مشروع من الناحية الدينية.
واستفادت تحرير الشام أيضاَ من وجود الفرغلي لتبرير تحولها في العلاقة مع تركيا وإقناع مقاتليها بأن السماح بدخول الجيش التركي إلى إدلب في الفترة ما بعد العام 2017 أمر مشروع وفق محددات السياسة الشرعية التي تحول الفرغلي لمنظر فيها خلال الأعوام القليلة الماضية.
وطاولت حملة التغييرات في البيت الداخلي لتحرير الشام عدداً خر من السلفيين والوجوه التقليدية البارزة، وبالأخص المهاجرين، ومن بينهم السلفي الفلسطيني الزبير الغزي الذي تم استبعاده بسبب معارضته التحولات البراغماتية السريعة التي شهدتها الهيئة خلال العامين الماضيين. ويقدم الإعلام الرديف والرسمي في تحرير الشام شخصيات سلفية جديدة تتبنى مشروع الجولاني، وهم في الغالب سلفيون سوريون، وفي مقدمتهم أبو عبد الله الدمشقي الذي جال مؤخراً على عدد من التشكيلات العسكرية التابعة للهيئة.