يقدّم بول سميث، وهو أحد معدّي كتاب "الرجال في النسوية"، تحديداً حاسماً لموقع الرجال في القضية النسوية، معتبراً أن "الرجال يجب يكونوا إلى جانب القضية وليس داخلها". تتطلّب هذه المقاربة، جهداً كبيراً من الرجل الذي اعتاد على موقعه في صلب الأمور وليس على هامشها، وهو جهد يفترض به إعادة تعريف نفسه، والعالم الذي تحكمه بطريركية متجذّرة فيه. لكن، ماذا يعني هذا التحديد في المجال العملي؟ إليكم بعض الخطوات العملية التي يمكن للرجال اتباعها لدعم القضية النسوية:
استمع ثمّ استمع ثمّ استمع.. ثمّ تكلّم
اعتاد الرجال، تاريخياً، على احتلال ما يشاؤون من المساحات العامة، وإن كان عبر الكلام فحسب. وتساعدهم في هذا أصواتهم التي تعلو، بيولوجياً، على أصوات النساء. والرجل الذي ترعرع في مجتمع بطريركي، وإن كان نسوياً، اعتاد على اعتبار رأيه قيّماً واعطاء الأولوية لتجاربه، مع تجاهل التجارب الخاصّة بالمرأة، والتي يصعب عليه فهمها أحياناً. على الرجل، أن يفهم أن هناك كثيراً مما لا يفهمه، لذلك عليه الاستماع والتعلّم، ولاسيّما حين تتحدّث النساء عن أجسادهن. ففيما لا رحم لديك، استخدم أذنيك، لا لسانك. والأهمّ من ذلك هو احترام تعريف المرأة التمييز. فحين تشعر المرأة أن في ممارستك أو أقوالك تحيّزاً ضدّها وإجحافاً بحقها، عليك أن تستمع قبل أن تنتفض في الدفاع عن نفسك، وعن قناعاتك.
لا تقف في الصفوف الأمامية
من السهل على مالكي الامتيازات الاجتماعية أن يشعروا غريزياً بقدرتهم وحقّهم الطبيعيين بإدارة المعركة. في ما يخص هذه المعركة بالذات، على الرجل أن يقاوم نزعته إلى التحكّم بالأمور، وأن يتعلّم الوقوف في الخلف لتقديم الدعم، وفسح الصفوف الأمامية للمتأثر الأوّل بالقضية، أي المرأة. يطلب من الذكور في هذه الحالة، أن يكونوا حلفاء، وأن يتركوا المهمات الإدارية (بدءاً من إدارة الاجتماعات وصولاً إلى اتخاذ القرارات) للنساء. وتماماً كما هي الحال بالنسبة إلى قضايا أخرى، كمواجهة العنصرية مثلاً، إذ لا يعقل أن يتحدّث حلفاء القضية من البيض بإسم ضحايا القضية من السود. استفرد الرجال بمكبرات الصوت لزمنٍ طويل، وقد آن الوقت للنسويين منهم أن يتراجعوا ويفسحوا المجال لأصوات النساء.
استخدم ذكريتك لتحدّي الذكورية
لا ينفع أن تتحدّث عن تضامنك مع النساء في المجالس النسوية. إن الفرق الحقيقي الذي يمكنك صنعه هو في المجالس الذكورية. تواجه النساء صعوبات جمّة لحثّ الرجال على سماعهن واحترام تجاربهن. ما يدفعهن أحياناً إلى الانسحاب من الجلسات التي يوضعن فيها في موقع المدافعات عن أنفسهن، خصوصاً حين يمسّ الأمر أمانهن الشخصي. الرجال، في المقابل، لا يواجهون هذه المشكلة، إذ يستطيعون فرض الاستماع بسهولةٍ أكبر، وأن يتفادوا الاتهامات التي توصم بها النساء، كالمبالغة، العاطفية و"الهسترة". يمكن للرجال استخدام هذا الامتياز للوقوف في وجه ذكورية غيرهم، وللقول إن التمييز ضدّ النساء ليس مقبولاً، ولردّ الممارسات والتعليقات المميّزة ضدّ المرأة.
راقب، اقرأ وتعلّم
لا يكفي أن تدعم حقوق المرأة إنطلاقاً من قناعاتك الخاصة فحسب، بل تحتاج، من أجل تكوين فهم صحيح وواعٍ، أن تكون ملمّاً بالقضية من جوانبها المختلفة. وهذا يتطلّب مراقبة معمّقة للواقع الذي تعيشه النساء، وقراءة النظرية النسوية والمعارك التي خاضتها النساء عبر التاريخ، والمقاربات المتعدّدة التي انتهجتها.
تقبّل أن هذه القضية أكبر منك
في غمرة حماستهم لجعل العالم مكاناً أفضل، قد يقع الرجال النسويون في فخّ الإعتقاد أن مساهمتهم في القضية ستنقذ النساء من سطوة الذكورية. ينسى هؤلاء أحياناً أنه لا يمكن محاربة الذكورية بمنطقٍ ذكوري كهذا (وإن كان لاواعياً). من هنا، أهمية تقبّل الرجال فكرة أن هذه القضية لا تتمحور حولهم، وأنها أكبر منهم. هم لا يملكون الدواء السحري لمرض الذكورية الأزلي. ما يملكونه هو فرصة دعم الحلول التي ترتئيها النساء. لذا، لا بأس إذا أردنك خارجاً، وقرّرن إيجاد مساحات خاصّة بهن. وتعلّمك تقبّل هامشيتك في هذه القضية قد يكون التمرين الأفضل لتحدّي رواسب الذكورية التي تسرّبت إليك، من غير إرادتك، وللتخلّص منها. حظاً موفقاً!
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها