وبعيداً من عنوانه، فأبرز ما يطرحه "شهر الفرانكوفونية" في كل دورة من دوراته: أمران. الأول، رفعه من شأن الموسيقى. والثاني، تناول لوضع الفرانكوفونية بنسختها اللبنانية وغيرها. من ناحية، يستقبل عازفي البيانو اللامعين: دلفين باردين، التي ستفتتح نشاطاته مع "الأوركسترا الفلهارمونية في لبنان" في كنيسة "القديس يوسف" في مونو، واسطفان تسابي، الذي سيقدم مع الرسامة زينة ابي راشد حفلة بعنوان "بيانو شرقي" في "المركز الفرنسي". وفي الناحية نفسها، يستقبل "الشهر" فرقة الورشة التي تتألف من مؤسسها حسن الجريتلي، وآية الراوي، وداليا الغندي، وشادي عاطف، ومحمد إسماعيل، وعيسى مراد، والتي ستقدم عرضاً موسيقياً مسرحياً مستوحىً من رواية لميا زيادة المصوَّرة.
أما من ناحية تناول "الشهر" لوضع الفرانكوفونية، ففعله هذا، يتوزع بين بيروت وطرابلس والبقاع. في بيروت، يقدم مسابقة "الكلمة الفرانكوفونية الذهبية"، التي تطمح "الوكالة الجامعية" عبرها إلى تنشيط اللغة الفرنسية في قطاع الأعمال الاقتصادية المحلي، لا سيما أن اللغة الإنكليزية هي اللغة الأكثر رواجاً فيه. أما في طرابلس، وفي مركز الصفدي الثقافي تحديداً، فيجري تنظيم طاولة مستديرة بعنوان "نظرات متعددة المجالات حول الفرانكوفونية في العصر الرقمي"، وطبعاً، التوصيف المرافق لهذا النشاط شبه فولكلوري نظراً لغياب ربطه بين الفرانكوفونية والتقنية وما يسمى تحدياتها. وفي البقاع، في الجامعة الأنطونية، لقاء ثقافي بعنوان "اللبناني المحكي في قلب الفرانكوفونية". طبعاً، ورغم هذا التناول العام للفرانكوفونية، إلا أنه يظل تناولاً معاداً ومكرراً، كما لو أن استفهاماته لا تتغير من عام إلى ثانٍ، بل تبقى ثابتة.
وعدا عن تقديمه عرض "جوغينغ" لحنان الحاج علي، يضيف "شهر الفرانكفونية" في دورته الحالية وجهتين إلى نشاطاته الأساس. القصة عبر "المهرجان الدولي للقصة والمونودراما"، الذي يحمل عنواناً رائجاً هو "شرق-غرب، وبالعكس"، ويدور بمعية مجموعة "كهربا" في "بيت الفنان" بحمانا. الشعر عبر المقهى الأدبي، الذي يديره الشاعر أنطوان بولاد بعنوان "ربيع الشعراء"، ويطلق فيه مجموعة "en vers et avec tous" المتخصصة في نشر الشعر عبر دار "oser dire". إذ تبغي هذه المجموعة نشر الشعر المكتوب بالفرنسي في لبنان، وفي الشرق الأوسط.
لأنه شهر تجميعي، تصير المشاركة في "شهر الفرانكوفونية"، في نشاطاته المذكورة أعلاه وغيرها (من الممكن الإطلاع على البرنامج كاملاً هنا)، شبيهة بالمشاركة في نشاطات لا يمر أي عام ثقافي في لبنان من دون أن يتضمن الكثير منها. وعلى هذا النحو، يصير التساؤل حول أهمية هذا "الشهر الفرانكوفوني" تساؤلاً ضرورياً، بحيث يحمل على تطويره، وعلى جعله مختبراً للإهتمام الفعلي بالفرانكفونية. وذلك، بدايةً، عبر طرح مشكلاتها بدقة، من دون الوقوع في التقادم الفولكلوري. ونهايةً، عبر ترهينها، أي جعلها على صلة بالراهن، ليس التكنولوجي، بل، وقبل ذلك، المتعلق بسرديتها اللبنانية والعالمية، ومفاده أن هذه السردية ما عادت قادرة على تمتين الصلات بين بلدان العالم الفرانكوفوني.
اشترك معنا في نشرة المدن الدورية لتبقى على اتصال دائم بالحدث
التعليقات
التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها