الكشاف في "الضاحية": الإقبال على التطوّع يزداد

الكشاف، تعريفاً، حركة شبابية تطوعية يُنشئها أشخاص لنصرة قضية مشتركة، وهي تخدم المجتمع ككل في التنمية والتوعية وتقوم بالنشاطات الكشفية والثقافية والرياضية وغيرها. في الضاحية الجنوبية لبيروت، تبرز حركتان كشفيتان "كشاف الرسالة الإسلامية" و"كشاف الإمام المهدي"، ولكل حركة منهما نهج تأسست عليه.

فكشاف الرسالة تأسس في العام 1977، حيث أسّس أول فوج كشفي في حيّ السلم في الضاحية الجنوبية لبيروت وأطلق عليه اسم "فوج الرسالة الإسلامية". في العام 1983 حصلت الجمعية على ترخيص من وزارة التربية الوطنية والفنون الجميلة، وفي العام 1991 انضمت الجمعية الى اتحاد كشاف لبنان. وكان السيد موسى الصدر قد اعطاها من اهتمامه حيّزاً كبيراً وأخذ يعمل على تشجيع إنشاء الوحدات الكشفية في القرى والمدن اللبنانية.

يعتبر كشاف الإمام المهدي "مؤسسة من مؤسسات مجتمع المقاومة وحزب الله، وقد كانت من المؤسسات الطليعية، عندما عبّر حزب الله عن وجوده في اوّل بداياته في العام 1985"، على ما يقول محمد فحص المفوّض الإعلامي في كشاف المهدي، حيث أعلن عن انشائه رسمياً في الأول من أيار من ذلك العام، "تحديداً في لقاء نظم في منطقة حيّ السلم".

ملاك بزي، نموذج من الشابات المنخرطات في العمل التطوعي الكشفي. وهي تقوم حالياً بإدارة "فوج الشهيدة الطاهرة" في القطاع الثاني في كشاف المهدي في منطقة برج البراجنة. تقول: "استطعت بناء شخصيتي وتقوية علاقاتي مع من هم أكبر مني سناً، فأنا أعتبر من أصغر الفتيات اللواتي يخضن تجربة استلام إدارة فوج في كشاف المهدي، حيث أقوم بتدريب وتأهيل البنات الناشئات من خلال نشاطات ودورات أسبوعية تقام في مركز الفوج".

تتبلور أنشطة "كشاف الرسالة وكشاف المهدي في الضاحية الجنوبية لبيروت عبر أفواجها العاملة في إحياء العديد من المناسبات الوطنية والاسلامية إضافة الى الأنشطة التي تهتم بالفتية والفتيات الذين هم عصب الكشاف. فتساعد على التنمية الاجتماعية والثقافية والبيئية المحليّة. كما يعمل الكشاف على حل المشاكل الاجتماعية عبر اقتراح أساليب للوقاية منها وتحاشيها، فيقوم بحملات توعية تناهض الظواهر المضرة كتعاطي المخدرات والتدخين..

يستقطب الكشافان عدداً ملحوظاً من سكان الضاحية، لاسيّما في هذه الفترة. فكشاف المهدي ينتج أفلاماً قصيرة ودعايات تساهم بتأمين مردود مادي كبير له، كما أنّ عدد المنتسبين اليه تخطَّى السبعين ألفاً على مستوى لبنان. أما كشاف الرسالة، فإمكاناته وعائداته ما زالت متدنية مقارنة بكشاف المهدي.

لكل جمعية كشفية خلفية سياسية، ولكن ليس بالضرورة ان يكون التعاطي في السياسة مباشراً. يقول أيمن جوني وهو قائد في كشاف الرسالة ان "كشاف الرسالة الإسلامية وحركة أمل وجهان لعملة واحدة، وهما يكملان بعضهما، ولديهما التزام اسلامي وديني وانساني حتى على مستوى الأنشطة".

وفي المقابل يعد كشاف المهدي احد مؤسسات "حزب الله"، فالنشاطات والممارسات التي يؤديها تركن الى العقيدة والدين بغض النظر عن النشاطات الكشفية المتعارف عليها في الكشاف بشكل عام. فالدخول الى الكشاف، سواء المهدي أو الرسالة، يترافق مع ارتداء الفتيات اللواتي تفوق أعمارهن التسع سنوات الحجاب الشرعي. كما ليس مسموحاً الاختلاط بين الشباب والشابات وعلى الجميع الالتزام بالتعاليم والواجبات الدينية. وهذا ما قد يراه آخرون تزمّتاً وانغلاقاً، طالما أن باب التطوع محصور بـ"المتديّنين". يقول فحص إن "كشاف المهدي يهدف إلى بناء الجيل المؤمن الرسالي، لذا يهتم بالعمل الثقافي والتبليغي، ولا سيما في مجال تعليم الصلاة، والقرآن الكريم، وإحياء المناسبات الدينية وعاشوراء".

فيما تقول نرجس ياسين، إحدى عناصر كشاف الرسالة والتي تستعد حالياً لتصبح قائدة، إن "هدفنا في الكشاف ايصال رسالة السيد موسى الصدر، وقد غيّرت هذه الحركة في داخلي أموراً كثيرة عبر تعلم الإلفة والمحبة والعطاء وكيفية خدمة المجتمع".

في الواقع ليس هناك علاقة مباشرة بين كشاف الرسالة وكشاف المهدي، على الرغم من تلاقيهما في أغلب الأهداف والنشاطات والمبادئ الدينية، وتحديداً في الخط السياسي لحزبيهما. فعندما سئل فحص عن نوع العلاقة التي تربط الكشافين ببعضهما اقتصرت اجابته على عبارة "العلاقة جيّدة"، متحفظاً عن الدخول في التفاصيل. أما في لقاءات اتحاد كشاف لبنان فتنظم نشاطات كثيرة تجمع بين كشاف المهدي والرسالة وكشاف المستقبل في منطقة بيروت تحديداً، بعيداً عن التأثيرات السياسية.