السبت 2017/01/07

آخر تحديث: 11:33 (بيروت)

زيدان "المحظوط" وريال مدريد "الإيطالي"

السبت 2017/01/07
زيدان "المحظوط" وريال مدريد "الإيطالي"
حطم زيدان أرقاماً قياسية عام 2016 (Getty)
increase حجم الخط decrease

بدت المباراة التي خاضها ريال مدريد ضد إشبيلية في كأس ملك إسبانيا (3-0)، في غياب كوكبة من نجومه، في 4 كانون الثاني، مرآة تعكس سنة على تولي الفرنسي زين الدين زيدان تدريب الفريق، مسجلاً نجاحاً فاجأ الأقربين قبل الأبعدين.

يوم عيّن النادي الأبيض زيدان مدرباً لفريقه، في 4 كانون الثاني 2016، ساد تشاؤم لدى معظم مشجعيه، فيما رجح أعداؤه الكُثر حقبة سوداء تُغرق النادي في أزمة رياضية ومؤسساتية، تطيح رئيسه فلورنتينو بيريز.

بعد سنة على ذلك، يحمل زيدان 3 ألقاب قارية وعالمية، هي دوري الأبطال الأوروبي وكأس السوبر الأوروبية ومونديال الأندية في العالم، في مسيرة تخللتها خسارتان فحسب، علماً أن الفريق لم يخسر في مبارياته الـ38 الأخيرة، مقترباً من الرقم القياسي الذي يحمله يوفنتوس الإيطالي (43). أحرز النادي ألقاباً أكثر مما خسر مباريات في غضون سنة، لكن "جهابذة" كرة القدم لا يرون في ذلك سوى "حظ"، ويُعيبون على الفريق أنه يفوز، غالباً في مباريات مهمة، في دقائقها الأخيرة.

زيدان "محظوظ" طبعاً، ولكن لأن بيريز كسر خوفه من "حرق" النجم الفرنسي السابق، في بداية مسيرته التدريبية، لدى تسليمه قيادة الفريق، بعدما كان يشرف على الفريق الرديف لريال مدريد في الدرجة الثالثة. والمفارقة أن بعضهم حاول إثارة شرخ بين الطرفين، معتبراً أن فلورنتينو لم يكن يثق بزيزو، علماً أنه كان يحاول حمايته من فشلٍ مبكِّر، ليس إلا.

يُحسَب لزيدان الذي يُعتبر واحداً من اللاعبين الأكثر سحراً فنياً في تاريخ كرة القدم، أنه ليس عقائدياً في مقاربته لكل مباراة، إذ يعتمد نهجاً واقعياً هدفه الفوز، بلا بهرجات ولا فرقعات، قد تُمتِع المشاهدين لكنها قد تقوض فرص الفريق في الظفر بالنقاط الثلاث. اكتسب ذلك من مدربه السابق الإيطالي مارتشيلو ليبي، إذ يبدو واضحاً تأثير الكرة الإيطالية في التكتيكات البراغماتية التي يلجأ إليها القائد السابق للمنتخب الفرنسي، بعدما أمضى 5 مواسم مع يوفنتوس، والتي منحت الفريق صلابة فولاذية.

وبعدما كان اللاعبون يتهكمون على المدرب الإسباني رافاييل بينيتيز، نجح زيدان في فرض شخصيته عليهم، وكسبهم إلى جانبه، لاسيما نجوم الفريق، مثل البرتغالي كريستيانو رونالدو والألماني طوني كروس والإسباني سيرخيو راموس. وأقنعهم بأن أهمية الفريق تسمو على مكانة أي لاعب، ولم يتردد في إراحة لاعبين بارزين، وفي إفهام رونالدو، وهو على عتبة الـ32 سنة، أنه لا يستطيع خوض كل المباريات، إذا أراد الوصول إلى نهاية الموسم في أفضل مستوى بدني ممكن.

واعتمد المدرب الفرنسي المداورة بين اللاعبين، بحيث حفزهم على بذل أقصى جهد، وأشعرهم بأهميتهم في التشكيلة، وبوجوب أن يكونوا مستعدّين للمشاركة في أي لحظة، مُنتزعاً منهم انخراطاً كاملاً في دينامية الفريق، يعزز حظوظ النادي في الظفر بألقابٍ. إذ يؤمّن ظروفاً مثالية لتحقيق ذلك. ناهيك بتجنيب اللاعبين الأساسيين، نظرياً، الإرهاق في موسم طويل، وإصابات محتملة.

وتشكل المباراة ضد إشبيلية دليلاً على ذلك، إذ قدّم ريال مدريد خلالها ربما أفضل أداء هذا الموسم، رغم أنه خاضها من دون الحارس كيلور نافاس والمدافعَين سيرخيو راموس وبيبي وساعد الدفاع ماتيو كوفاسيتش والجناح لوكاس فاسكيز وثلاثي الهجوم كريستيانو رونالدو وغاريث بايل وكريم بنزيما.

وكان مشجّعو ريال مدريد يخشون سقوطاً مشابهاً لـ"نكبة" العام 2015، بعد إحراز النادي لقب مونديال الأندية، إذ تراجع على كل الجبهات وخسر لقبه في دوري الأبطال وفشل في المنافسة على الدوري وكأس الملك في إسبانيا، رغم تحقيقه بداية صاروخية، تخلّلها 22 فوزاً متتالياً، أثارت آمالاً بموسم مثالي.

ويدرك زيدان أن من بين أبرز أسباب ذاك السقوط، اعتماد المدرب آنذاك الإيطالي كارلو أنشيلوتي على تشكيلة ثابتة، ونبذه المداورة، إضافة إلى إشراكه الحارس السابق للفريق إيكر كاسياس أساسياً، بدل نافاس، رغم التراجع المخيف في مستواه. كما تعلّم المدرب الفرنسي درساً من كارثة أخرى حلت بالفريق، خلال موسم 2003-2004، بقيادة المدرب البرتغالي كارلوس كيروش، لامتناعه عن اعتماد المداورة بين اللاعبين.

ولعلّ أبرز إنجاز لزيدان يتمثل في استعادة مناخ صحّي في الفريق، وإشاعة روح من الزمالة والصداقة والعِشرة، لم يشهده النادي ربما منذ حقبة القائدين السابقين للفريق، الاسبانيَّين كارلوس ألونسو سانتيّانا وخوسيه أنطونيو كاماتشو، منتصف ثمانينات القرن العشرين.

ورغم لعنة الإصابات التي تلاحق ريال مدريد، حطم زيدان أرقاماً قياسية في العام 2016، بينها أفضل معدل للفوز وأدناه للخسارة، مُكرساً ثقافة الجهد لدى اللاعبين، ومبتعداً عن الضجيج والحرتقات الإعلامية، إذ يتجاهل إنتقادات عن هوية الفريق وأسلوبه، بسلاسة وبابتسامة ماكرة تخفي قفازاً حديدياً. لكنه يتخذ أحياناً قرارات تثير استغراباً، مثل تبديله لاعبين يؤدّون مباراة جيدة، أو تأخّره في إخراج لاعبين يقدّمون عرضاً سيئاً.

كتب رافا كابيليرا، وهو مشجّع لبرشلونة، ساخراً في صحيفة "إلباييس" الإسبانية "في النهاية سيتبيّن أن زيدان يدرك ماذا يفعل"، معتبراً أنه "يفتح هاوية تحت أقدامنا، يعجز أي فرد عن رؤية قاعها، ولا حتى (المشجّعون) الأكثر حماسةً لريال مدريد".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها