"مورينيو الصغير" الذي سيصبح مدرب بايرن ميونخ

تكمن الغرابة في أن ناغلسمان بات آنذاك أصغر مدرب في البوندسليغا، إذ لم يتعدَّ عمره 28 سنة. كان مقرراً أن يقود ناغلسمان الفريق مطلع هذا الموسم 2016-2017، لكن النادي سرّع الاجراءات، بعد استقالة مدربه الهولندي هوب ستيفنز بسبب مشكلات صحية، علماً أنه كان قد خلف ماركوس غيزدول، الذي أقاله النادي في تشرين الأول 2015.

عند تعيين ناغلسمان، كان هوفنهايم في المرتبة 17 (قبل الأخيرة) في الترتيب، وفي طريقه إلى الهبوط إلى الدرجة الثانية، بعد صعوده في العام 2008، إثر تحقيقه فوزين في 20 مباراة فقط. لكن المدرب الشاب أنقذ النادي، محققاً 7 انتصارات في 14 مباراة.

أثبت ناغلسمان أن ما أنجزه نهاية الموسم الماضي لم يكن مجرد سحابة صيف، إذ يشكّل هوفنهايم واحداً من قصص النجاح في الدوري الألماني هذا الموسم، ويحتل المركز الثالث في الترتيب، بعد 10 مراحل.


لم يُهزم هوفنهايم بعد، بل انتزع تعادلاً من بايرن ميونيخ على ملعب أليانز أرينا 1-1 في المرحلة الماضية. وبرهن ناغلسمان عن مرونة تكتيكية ومهارة في التعامل مع اللاعبين، مطبّقاً فلسفة الضغط على الفريق الخصم، "غيغن بريسينغ"، والهجمات السريعة وشغل المساحات في الملعب بشكل منسجم.

يشدّد المدرب على فكرة التكيّف والإرتجال في المباريات، معتمداً أساليب لعب متنوّعة، بينها 3-5-2 و5-3-2 و4-3-3، و3-4-3 و4-2-3-1، علماً أنه يستند إلى تشكيلة تضمّ لاعبين ناشئين من مركز الإعداد في النادي، مثل نديم أميري (ألماني من أصل أفغاني) وفيليب أوخس، وآخرين رفع مستواهم مثل أندري كراماريتش وسيباستيان رودي، إضافة إلى قلب الدفاع نيكلاس سولي، ولاعبين انضموا إلى النادي هذا الموسم مقابل مبالغ ضئيلة، مثل كرم دميرباي ولوكاس روب وساندرو واغنر، بعد انتقال المهاجم كيفن فولاند، نجم الفريق، إلى باير ليفركوزن.

وأحرز أميري وأوخس مع هوفنهايم لقب الدوري الألماني دون 19 سنة، بقيادة ناغلسمان في موسم 2013-2014، والوصافة في الموسم التالي. وكان ناغلسمان طيلة أشهر عام 2013، مساعداً لمدرب الفريق الأول في النادي.

وبعد تعاقب 8 مدربين على هوفنهايم منذ 2011، إثر استقالة رالف رانغنيك، دافع مدير النادي ألكسندر روزن عن اختيار ناغلسمان، قائلاً إنه "شاب، لكنه ليس مدرباً شاباً". أضاف: "نرى فيه موهبة كبرى. نريد اتخاذ قرارات جريئة، ونحن مقتنعون تماماً بقدراته".

يعتبر ناغلسمان أن "التدريب أكثر متعة من اللعب"، مضيفاً أن "التدريب هو تكتيك بنسبة 30 في المئة، وكفاءة اجتماعية في التعامل مع اللاعبين بنسبة 70 في المئة". فـ"كل لاعب تحفزّه مساءل مختلفة، ويجب التعامل معه على هذ الأساس. ما سيضمن تقديم أداء جيد في إطار تنظيم تكتيكي جيد، إذا كان الوضع النفسي مناسباً".

وأشار إلى أنه يحاول في منتصف الأسبوع اختبار مسائل جديدة، مضيفاً: "أعمل مثل خبّاز، أدمج أشياء، وأضعها في فرن لأرى هل سيعجبني ما سيخرج منها". ولفت إلى أنه "يحبّ مهاجمة الخصوم قرب مرماهم"، مبدياً إعجاباً بأسلوب لعب ناديَي برشلونة وأرسنال، وبالمدرَبين جوزيب غوارديولا وأرسين فينغر، علماً أن الحارس السابق لهوفنهايم تيم فيزي وصفه بـ"مورينيو الصغير"، في إشارة إلى المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو.


لكن أسلوب لعب هوفنهايم قريب أيضاً من طريقة بوروسيا دورتموند الذي يقدّم كرة قدم سريعة وهجومية، بقيادة توماس توشيل الذي درّب ناغلسمان في الفريق الرديف لنادي أوغسبورغ، ثم كلّفه إعداد تقارير فنية تحليلية عن الفرق المنافسة، وعيّنه مدرباً لفريق دون 17 سنة، بعدما اعتزل اللعب بعمر 22 سنة، إثر معاناته سنتين من إصابة في الركبة.

ولعب ناغلسمان أيضاً مع الفريق الرديف في نادي ميونيخ 1860، كما عمل مع الناشئين في النادي ذاته وأوغسبورغ وهوفنهايم. ورفض قبل 3 سنوات عرضاً من بايرن ميونيخ لقيادة فريق الناشئين، إذ فضّل تدريب فريق هوفنهايم دون 19 سنة واستكمال دراسة علوم الرياضة.

يصف ناغلسمان نفسه بأنه "يسعى إلى الكمال"، معتبراً أن عليه "التحكّم في شكل أفضل بعواطفه"، وإن رأى في كرة القدم "رياضة عاطفية".

لا شكّ في أن المدرب الشاب "لم يخترع كرة القدم"، كما سخر منه مدرب باير ليفركوزن، روجر شميدت. لكن مالك هوفنهايم الملياردير ديتمار هوب يتوقّع ألا تطول حقبته في النادي، قائلاً: "هوفنهايم سيكون صغيراً جداً بالنسبة إليه قريباً". من يدري، قد يعود إلى مسقطه في بافاريا، ويقبل عرضاً من بايرن ميونخ لتدريب فريقه الأول.