الخميس 2016/01/14

آخر تحديث: 18:40 (بيروت)

كحول كفررمان "الفاسدة"

الخميس 2016/01/14
كحول كفررمان "الفاسدة"
على كفررمان أن تلبس الصورة الواحدة في الجنوب، والمقررة سلفاً من قبل زعمائه (getty)
increase حجم الخط decrease
أصدر بعض أهالي بلدة كفررمان بياناً، الأربعاء، يطالبون فيه محافظ النبطية القاضي محمود المولى بإغلاق محال المشروبات الروحية بذريعة أن المشروبات الكحولية تؤدي إلى نشر الفساد والسوء، إضافةً إلى مساسها بـ"الشعور الديني".


لطالما اشتهرت بلدة كفررمان بتسمية كفرموسكو، بسبب التنوع السياسي والاجتماعي الموجود فيها، ولكثرة وجود اليساريين بين سكانها، مع الإشارة إلى أن شهداء كثراً سقطوا في صفوف جبهة المقاومة الوطنية خلال مسيرتها، وفي ذكرى انطلاقتها تتداول دائماً صورة على مواقع التواصل الاجتماعي لمقاتلين فيها تظهر خلفهم كلمة "كفرموسكو" مكتوبة على الجدار. إلا أن هذه العبارة صارت مزعجة واستفزازية، في الآونة الأخيرة، للملتزمين دينياً وسياسياً، ونظراً لاكتساب القرية الطابع السياسي و"الأيديولوجي" الغالب في الجنوب عموماً.

وكانت كفررمان قد شهدت، قبل صدور البيان، بلبلة على مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب مهاجمة أحد سكانها سياسة "حزب الله"، معلناً تضامنه مع مضايا بشكل صريح، ومحملاً الحزب مسؤولية وقوفه وراء الحصار إلى جانب النظام السوري، فقوبل بالتهديد، وسرعان ما طالت الشتائم أباه على خلفية "تعرضه للدين"، على حد قولهم، رغم اعتذاره، سابقاً، من كل أهالي البلدة. في كل الأحوال، لا تبدو جرأة هؤلاء، في التهديد بالقتل بشكل علني على خلفية إبداء بعض الأراء السياسة المعارضة، مفهومة، كأنهم يفترضون أن أبناء الجنوب يجب أن يكونوا، ولو بالقوة، ملتزمين بالخط السياسي المهيمن، وإلا فهم في خطر ودمهم مهدور. وبعد "التطاول"، كما يعتقد البعض على الرموز السياسية المقدسة، بدا بيان المشروبات الروحية تذكيراً بالخطوط الحمر التي يُمنع تجاوزها، ورسالة للجميع بالقوة التي لن تسكت عن أحد بعد الآن.

والحال إن الدعوة إلى إغلاق محال المشروبات الكحولية في القرية، هي دعوة لإلغاء التنوع السياسي والمجتمعي في القرية، فعلى كفررمان أن تلبس الصورة الواحدة في الجنوب، والمقررة سلفاً من قبل زعمائه، من دون أن تخترقها شوائب تنتج "السوء وتنشر الفساد". وكانت هذه الدعوة قد نجحت في صور سابقاً، بعد تفجير محل يبيع المشروبات الكحولية قبل سنوات قليلة. والمفارق في النبطية، أن تحركاً نظم الأربعاء من قبل منظمات طلابية تنديداً بإعدام الشيخ النمر، في السعودية، فيما تبدو الحرية في المنطقة نفسها منتهكة، أو مفصّلة على قياس واحد، أو أقرب إلى حرية تصرف إلغائية.

على أن المؤكد هو أن أزمة النفايات والكهرباء وموت الشبان غرقاً في البحر، وهم في طريق هربهم من "المأساة اللبنانية"، يبقى أكثر فساداً من الكحول، التي نعرف بأن إقفال منافذ بيعها لن يؤدي إلى التوقف عن شربها. أما في ما يخص المساس بالشعور الديني فإن حساباً لاحقاً لن يوفّر مسيئاً.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها