الأربعاء 2016/08/10

آخر تحديث: 18:35 (بيروت)

مصر: قانون جديد لنقابة الصحافيين.. بتعديلات جذرية

الأربعاء 2016/08/10
مصر: قانون جديد لنقابة الصحافيين.. بتعديلات جذرية
الإعلان عن قانون جديد اخترق حالة من عدم الاستقرار في العلاقة بين الجسم الصحافي ولدولة
increase حجم الخط decrease
تحرّكات جديدة تقوم بها نقابة الصحافيين المصريين الآن في محاولة لوضع أطر قانونية لعمل الصحافيين في مصر، إذ أعلنت عن عزمها إعداد مشروع قانون جديد للنقابة بعد أن أصبح القانون الحالي مهترئاً ومتضمناً لنصوص غير صالحة.
القانون الحالي لنقابة الصحافيين تم إقراره منذ اكثر من 46 عاماً ولا زال معمولاً به حتى الآن بالرغم من أن الكثير من نصوصه لم يعد صالحاً. يشترط القانون على سبيل المثال أن يكون الصحافي الملتحق بالنقابة عضواً في الاتحاد الاشتراكي الذي أنشأه الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر العام 1962، ثم ألغاه الرئيس المخلوع حسني مبارك في أواخر الثمانينات. إضافة إلى ذلك، وُضع هذا القانون في توقيت لم تكن الصحافة المصرية قد تأثّرت فيه بثورة التكنولوجيا والاتصالات الحديثة مثلما حدث بعد ذلك، ومن ثمّ أصبح القانون بالياً ليس بإمكانه أن يؤدي أيّة مهام من سبيلها تنظيم أمورالصحافيين.

التعديلات التي دعا نقيب الصحافيين يحيى قلاش إلى التحاور حولها طالت عدّة جوانب، بعضها يتعلّق بالأوضاع المهنية والاقتصادية المتردّية للصحافيين المصريين، ويدور حول علاقات العمل ومستقبل الصحافة الورقية وعلاقتها بعشرات المواقع الإلكترونية، والآخر يتعلّق بالشؤون الإدارية للنقابة مثل بحث زيادة الموارد وضمان استقلاليتها والدور الذي تلعبه في حماية الصحافيين.

ضمانات علاقات العمل بين الصحافيين ومؤسساتهم، أصبحت أيضاً من أهم النقاط التي وجب على نقابتهم معالجتها بحسم في القانون الجديد، خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية غير المستقرة للمؤسسات، والزحف التدريجي لرجال الأعمال الموالين للسلطة للسيطرة على كل ما تطوله أيديهم من صحف، ممّا يعني بالضرورة الفصل التعسفي لعشرات من الصحافيين والإلقاء بهم دون سابق إنذار، في مجزرة تكرّرت حتى أصبحت مشهداً اعتيادياً.

في الجانب الآخر، ما زال غير واضح إن كانت التعديلات التي دعت النقابة إلى التحاور حولها ستنجح في إنهاء أزمة "غير المسجلين" والتي تعد الأخطر في سوق الصحافة المصري إذ تسلب آلاف الصحافيين أبسط حقوقهم في اعتراف الدولة بهم كمزاولين للمهنة، ومن ثمّ وجب على النقابة أن تضع القضية في أولوية مناقشاتها بعدما تسبب قانونها الحالي في حرمان الآلاف من الالتحاق بها لمجرد عدم انتمائهم لصحف ورقية. وتبرز الآن توقعات ضخمة ومنطقية باحتمالية اختفائها خلال سنوات قليلة.

جمال عبد الرحيم السكرتير العام للنقابة، قال لـ"المدن"، إن القانون الجديد لا بدّ أن ينص على قبول الصحافيين العاملين بالمواقع الإلكترونية شريطة أن يتم تنظيم ذلك وفقاً لنصوص قانون الإعلام الموحّد الذي اشترط إنشاء هذه المواقع من قبل شركة مساهمة، وأن تكون هيئة تحريرها كاملة من أعضاء نقابة الصحافيين، بالإضافة إلى تنظيم العملية من خلال المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذي من المفترض أن يتم إنشائه.

في السياق نفسه، لا يمكن توقع حجم مشاركة صحافية كبيرة في التفاعل مع دعوة النقابة بالمشاركة وتقديم مقترحات لنصوص القانون الجديد، خصوصاً إذا ما وضع الصحافيون في أذهانهم ما آل إليه القانون الموحّد للصحافة والإعلام بعد كل ما مرّ به صانعيه من عناء، وما تشهده الصحافة الآن من تقويض وتقهقر. كل ذلك يجعل الحشد للمشاركة في حاجة إلى بذل جهود مضاعفة.

الإعلان عن قانون جديد جاء في ظل حالة من عدم الاستقرار في العلاقة بين نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة من ناحية، وبين الدولة من ناحية أخرى، إذ تزامن مع مناورات عديدة من الحكومة لتأجيل إقرار القانون الموحّد للصحافة والإعلام. 

أمين المجلس الأعلى قال إن وزارة العدل أعدت في يوليو (تموز) الماضي مسودّة جديدة للقانون تضمّنت إلغاء لكثير من المواد التي كان يعتبرها صناع القانون مكاسب للإعلاميين ومن أهمها ضمانات التحقيق مع الصحافيين والمحاكمة، وإلغاء حظر الحبس الاحتياطي، وإلغاء تشكيل المجالس الثلاثة التي ستتولّي إدارة العملية الصحافية، مطالباً بإعادة النص إلى أصله.

نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى في الوقت نفسه فوجئا بمقترح القانون الذي تقدّم به النائب الموالي للحكومة، مصطفى بكري، لإعادة تشكيل المجلس الأعلى للصحافة بقرار من رئيس الجمهورية، وهو ما زاد من قلقهم حول نية الحكومة، إذ اعتبر أعضاء بالمجلس موافقة البرلمان على مناقشة المشروع مؤشراً على نية الحكومة العدول عن القانون الذي نصّ على إلغاء المجلس الأعلى للصحافة من الأساس واستبداله بالهيئة الوطنية للصحافة. 

لا يمكن القول إن القانون الجديد للنقابة سيأخذ وقتاً معتدلاً لإقراره بالرغم ممّا يتضمّنه من نصوص بالية. فإلى جانب اضطراب السوق الإعلامي والتحفّز من قبل الدولة، يأتي تعامل الحكومة مع مشاريع القوانين المشابهة لتنظيم الإعلام ليمنح مؤشرات غير مبشّرة، ويتجلّى ذلك في مسار قانوني الصحافة والإعلام الموحّد وقانون بكري، الأوّل بقي حبيس الأدراج لسنوات، ثم جاءت مسودّته الأخيرة لتخرجه عن مضمونه، والثاني قام البرلمان بتأجيله الثلاثاء الماضي للمرة الرابعة. 
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها