الأحد 2016/10/02

آخر تحديث: 17:49 (بيروت)

مصر: وزير الإعلام قشّة.. لن تنقذ غريقاً

الأحد 2016/10/02
مصر: وزير الإعلام قشّة.. لن تنقذ غريقاً
قلاش: محاولة لإنتاج الشكل القديم للمنظومة الإعلامية بمبررات مختلفة
increase حجم الخط decrease
أثارت مطالب نواب في البرلمان المصري، بعودة منصب وزير الإعلام، حفيظة نقابة الصحافيين المصرية، إذ وصفها نقيب الصحافيين يحيى قلاش في تصريحات له بـ"الخطيرة"، ورأى فيها محاولة لإنتاج الشكل القديم للمنظومة الإعلامية بمبررات مختلفة.
نقابة الصحافيين، اعتبرت رغبة النواب عداوة لمشروع قانون "الصحافة والإعلام الموحّد" المتربّع على عرش أولوياتها، والذي ضمّنته ترجمة للدستور، إذ نصّ على منح إدارة شؤون الإعلام إلى جهات تنظيمية ثلاث، تقوم بدور يغني تماماً عن وجود وزارة الإعلام الملغاة.

ونص الدستور المصري الأخير في العام 2014 الماضي، على إنشاء ثلاث هيئات لتنظيم المجال الإعلامي في مصر، وهي "المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام" و"الهيئة الوطنية للصحافة" و"الهيئة الوطنية للإعلام"، وهو ما فسّره صحافيون وساسة بوجوب محو وزارة الإعلام من الصورة إذ لم يعد لها جدوى. وفي يونيو/حزيران من العام نفسه، ألغى رئيس الوزراء الأسبق إبراهيم محلب الوزراة تطبيقاً لنص الدستور لتصبح درّية شرف الدين آخر وزيرة للإعلام في مصر.

أصل المطالبات يعود إلى 20 سبتمبر/أيلول الماضي، حين أذاع التلفزيون المصري المملوك للحكومة، حواراً قديماً يعود إلى العام الماضي للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع قناة أميركية. وكفضيحة إعلامية ليست هينة، كانت هناك توابع عديدة أهمها إقالة رئيس قطاع الأخبار، وانتفاضة في لجنة الإعلام بالبرلمان التي طالبت باتخاذ إجراءات للإصلاح.. ونادى بعض أعضائها بعودة منصب وزير الإعلام، لوضع خطة هيكلة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون المعروف بـ"ماسبيرو"، أو كضرورة لوجود "أب شرعي" للإعلام كما وصفته نائبة منهم.

قلاش اتهم رؤية النواب في تصريحات أدلى بها لجريدة "اليوم السابع" المصرية بأنها أثبتت فشلها وأنها لا تمثل سوى مزيداً من التشويه الذي لن يأتي بثمار جديدة، متخذاً من تدهور أوضاع الإعلام المتدهورة إبان عمل الوزارة دليلاً على منطقه، ومتمسكاً بأن الحل الوحيد هو إقرار قانون  الإعلام الموحّد وصنع منظومة إعلام متماسكة تقوم على الاستقلالية.

ووسط الفريقين، وقف الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة، صلاح عيسى، الذي لم يظهر مانعاً أمام عودة وزير الإعلام، شريطة ألا يتدخّل في إدارة "ماسبيرو" أو في أي تفاصيل تتعلّق بالصحافة المرئية والمسموعة المملوكة للدولة، مقترحاً أن يكون الوزير متحدثاً رسمياً باسم الحكومة أو يقوم بأدوار أخرى لا تمسّ استقلالية الإعلام التي نصّ عليها قانون الإعلام الموحّد، إلا أنه في الوقت نفسه طالب النواب المطالبين بمنح الوزير سلطات تنفيذية بقراءة الدستور جيّداً حتى لا يبدو الأمر كأنه ليس في أذهانهم.

مطالبات أعضاء مجلس النواب لم تثر نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة فقط، وإنما امتدت إلى بعض الحركات المستقلة المعنية بالمهنة، إذ اعتبرتها لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة رغبة بالعودة إلى فرض الوصاية الحكومية على وسائل الإعلام التي يجب أن تتمتع بالحرية المسؤولة وعدم إخضاعها لأى من وسائل الترويض أو الإقصاء، مطالبة بهيكلة حقيقية للقضاء على فساد ماسبيرو بدلاً من الحديث حول عودة الوزير.

قبل عامين، كان إلغاء وزارة الإعلام باعثاً لأعداء التسلّط الحكومي على قليلِ من الأمل في تحرير المنظومة من قبضة الدولة المحكمة، ومغرياً بفتح الباب أخيراً لمعالجة الترّهل الإداري والمالي الذي أصاب "ماسبيرو" منذ سنوات، فانعكس بشكل مخزي على آدائها الإعلامي والمحتوى الذي تقدّمه. بدا الأمر وقتها كأن هناك مرحلة جديدة ستبدأ لتُحدث زلزلة في أساسيات المنظومة الإعلامية الراكدة، إلا أن ما لمسه العاملون بالإعلام خلال الفترة التي تلت القرار لم تشر إلى أي تحسّن حتى ولو "نسبي" في الصورة، وغابت الآمال برفقة الإجراءات الموعودة في أدراج الحكومة، رافق ذلك توحّش ملحوظ في فوضى البرامج الإعلامية والتباس في أساسيات العمل الإعلامي نفسها حتى أصبحت الصورة بكل هذه القتامة التي تبدو عليها الآن.  

في الوقت ذاته، لا تزال نقابة الصحافيين المصريين تسعى بمحاولات محمومة لإقرار مشروع قانون الإعلام الموحّد الذي لا زالت مؤسسات الدولة تتلاقفه حتى الآن لمراجعته والتعديل عليه، إذ يبدو أنّها تعتبره  "الأب" لجميع القوانين المنظّمة للإعلام والصحافة المصرية التي يمكن إقراراها بعد ذلك، ومن ثمّ رفض قلّاش فصله عن مشروع قانون الهيئات الثلاث التي نصّ عليها الدستور واستنكر بعض المطالبات بمناقشة كلاَ منهما على حدة.

مشروع قانون المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الذي كان يجب أن يأتي إقراره قبل عامين ليحل محل الوزارة الملغاة كما نص الدستور، ظل عالقاً كأغلب مشروعات القوانين التي تضّمنت بنوداً إصلاحية في مجالات مختلفة، ولا زال تقاعس الحكومة ورؤيتها المشوشة، وغياب مواعيد زمنية للانتهاء من مراجعة القوانين، أسباب رئيسية لا يمكن تفسيرها سوى بأن الحكومة لا تمنح تلك القوانين الأهمية التي ينبغي أن تكون عليها.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها