الجمعة 2016/05/06

آخر تحديث: 17:45 (بيروت)

معركة "الصحافيين المصريين".. إلى التصعيد

الجمعة 2016/05/06
معركة "الصحافيين المصريين".. إلى التصعيد
حين نطلب من الرئاسة الاعتذار فنحن نحتكم إليها لإثبات حسن النوايا
increase حجم الخط decrease
يبدو أن واقعة اقتحام "نقابة الصحافيين المصريين" كانت القشة المنتظرة لتقسم ظهر البعير وتفجر الغليان المكتوم في أوساط الصحافيين تجاه السلطة بسبب خنق المجال العام والتضييق على الحريات.

فقد حطّم مشهد احتشاد الصحافيين المصريين أمام نقابتهم سقف التوقعات، وترك رسالة واضحة للسلطة المصرية بأنهم قادرون على مواجهتها بتحدٍّ واضح إذا تجاوزت الخطوط الحمراء في علاقتها المتشابكة والمعقّدة مع سلطتها المتوازية الممثلة في الصحافة.

قرارات الجمعية العمومية للصحافيين، خرجت "نارية" وتلاشت خلفها الأصوات التي كانت تدعو إلى عزل نقيب الصحافيين وسحب الثقة من مجلسه. الحشد الذي جاهر بتحديه السلطة جدّد الثقة في المجلس وقرّر التمسك بمطلب إقالة وزير الداخلية وبتقديم اعتذار رسمي من رئاسة الجمهورية عن الواقعة. كذلك، قررت حجب اسم وزير الداخلية من الصحف مع نشر صورته "نيغاتيف" إلى أن تتم إقالته كرسالة واضحة له بقيمة الصحف وما يكمن في أيدي محركيها من سلطة وقدرة على التحكّم.

هذا السقف المرتفع بالمطالب، للمرة الأولى، بات محل تقدير الجسم الصحافي. يقول عضو مجلس النقابة أسامة داوود لـ"المدن"، إن أهم المكاسب التي خرج بها الصحافيون من جمعيتهم العمومية هو المطالب التصعيدية التي تعد الأولى من نوعها والتي تعتبر انتصاراً  للحريات العامة وليس للصحافيين فحسب. وقد توحّد الصحافيون على مطالبهم واستطاعوا كسر الحواجز وإنجاح جمعيتهم العمومية رغم التضييق الأمني.

الصحافيون أصروا في اجتماعهم على أن المسؤول الأول عن الواقعة هو الرئاسة لأن الحدث كان جريمة حقيقية، وهو ما يؤكده داوود في حديثه: "في البداية اتفق مجلس النقابة علي مطالبة رئاسة الوزراء، ولكن الصحافيين أصروا على تصعيد المطلب بالحصول على اعتذار مؤسسة الرئاسة فكان لا بد أن ننزل عند رغبة الجمعية العمومية. نحن لسنا في صدام مع الدولة التي نُعد سنداً لها ومن أهم مؤسساتها. لكننا في صدام مع "سياسات خاطئة" لوزير داخلية غير مسؤول يريد أن يشعل النيران في دولتنا... حين نطلب من الرئاسة الاعتذار فنحن نحتكم إليها لإثبات حسن النوايا".

وعن مدى قدرة القرارات التي اتخذتها عمومية الصحافيين على إحداث تأثير حقيقي، قال إن تاريخ النقابة يثبت قدرتها على تحقيق الانتصار في معاركها منذ عهد الرئيس جمال عبد الناصر مروراً بعهد السادات وعهد مبارك الذي خاض فيها الصحافيون ضده معركة كبيرة حين أراد أن يقر ما عرف إعلامياً باسم " قانون اغتيال الصحافة لسنة 1995".

ويشرح: "وقتها خاضت النقابة معركة استمرت ثلاثة عشر شهراً كاملة حتى أجبرت نظامه على إلغاء القانون".

مجلس النقابة ليس لديه مخاوف من وجود تصعيد من قبل وزارة الداخلية المصرية كرد فعل مقابل لما كشفت عنه النقابة من تحدٍّ لها وتمسّك بإقالة وزيرها، إذ يقول داوود إن النقابة تستعد لمزيد من الإجراءات التصعيدية في حال قيام الوزارة بأي إجراءات من شأنها التضييق على الصحافيين أو إلحاق الضرر بهم. في الوقت نفسه جاء قرار الجمعية العمومية بحجب اسم وزير الداخلية ونشر صورته "نيغاتيف" نوعاً من الاستخفاف بسلطة تشبّع أصحابها بالانتصار حتى ظنّوا أن في استطاعتهم تقزيم سلطة الصحافيين.

الصحافيون لم يفتحوا المواجهة مع الداخلية وحدها، إنما امتدت المواجهة إلى النائب العام، إذ اتهمه أعضاء المجلس أثناء الجمعية العمومية بالانحياز والإضرار بالحريات عقب بيانه الأخير بخصوص واقعة اقتحام النقابة، فيقول داود: "نحن في صدام مع كل من يريد للفساد أن يترعرع".

عضو مجلس النقابة كارم محمود، يقول في حديث لـ"المدن"، إن الوقت مبكر لتوقع خطط بديلة في حال عدم تنفيذ مطالب الجمعية العمومية للصحافيين، ولكن التصعيد مطروح وسيتم دراسته في مؤتمر تعقده النقابة الثلاثاء المقبل".

محمود لا يرى أن قرارات الجمعية العمومية قد ترتد بآثار سلبية على الصحافيين عقب تصعيدهم. ويقول: "نحن لم نسعَ للتصعيد ولكن فرض علينا القتال ولن نخاف في سبيل معركتنا، ولن يستطيع أحد إثارة الفتنة في تلك الأزمة".

الكرة الآن في ملعب الدولة المصرية بعدما قدّم الصحافيون مطالبهم. الأيام المقبلة ستشهد الاختبار الأول لرد فعل السلطة على تصعيد الصحافيين، وهو في الحقيقة غير متوقع.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها