الأربعاء 2016/05/25

آخر تحديث: 14:35 (بيروت)

اتحاد CBC و"النهار" لمواجهة MBC.. إعلانياً

الأربعاء 2016/05/25
اتحاد CBC و"النهار" لمواجهة MBC.. إعلانياً
ترتيب جديد لسوق الاعلانات لإرضاء الدولة.. وخطة للتمدد الى السوق الخليجي
increase حجم الخط decrease
تتلاحق خطوات السوق الإعلاني المصري المقدّر الآن بنحو ثلاثة مليارات جنيه على الأقل، لإعادة تشكيل نفسه والتقولب في تحالفات جديدة تحتشد لصنع مراكز قوى تتمكّن من المنافسة، وبالأخص أمام المال العربي.

أمس الثلاثاء، أعلنت مجموعة قنوات "سي بي سي" المصرية عن إقامة شراكة كاملة مع شبكة تلفزيون "النهار"، لتحققا بذلك أكبر عملية اندماج إعلامي في مصر منذ سنوات طويلة. كلا الكيانين اتحدا تحت مظلة شركة قابضة تستحوذ على أسهم 5 شركات أهمها "المستقبل" المالكة لقنوات "سي بي سي"، و"فيوتشر" الوكيل الإعلاني لـ"سي بي سي"، و"ترنتا" المالكة لقنوات "النهار"، و"ميديا لاين" الوكيل الإعلاني لشبكة "قنوات النهار".

تحالف رجلي الأعمال محمد الأمين مالك "سي بي سي"، وعلاء الكحكي مالك شبكة تلفزيون "النهار"، ظهر عقب استقطاب قناة "إم بي سي مصر" المموّلة سعودياً للصف الأوّل من نجوم الشبّاك بمقابل مادّي شديد الإغراء لتفوز بنصيب الأسد من كعكة الإعلانات في رمضان المقبل، ومن ثمّ أصبحت عروش رجال الأعمال تتعرّض لتهديد حقيقي من رأس المال العربي، مما يستوجب إعادة بعض التوازن إلى سوق الإعلانات بعدما اتفلت من أيدي رجال الأعمال المصريين.

علاء الكحكي، قال إن الهدف من هذا الاندماج فقط "إنشاء كيان اقتصادي قوي". ونفى الكحكي خلال المؤتمر الصحافي أن تكون الشركة التي هم بصدد التوحّد خلفها تستهدف محاربة قنوات أخرى، إلا أنّه بدا واضحاً أن التكتّل الجديد شُكّل خصيصاً لاستعادة ثقل المجموعتين وقيمتهما أمام زحف قنوات "ام بي سي" لتستولي على الجزء الأكبر من مشهد الإعلام المصري.

محمد الأمين رئيس مجموعة قنوات "سي بي سي"، لخّص بدوره هدف الاندماج  في دعم صمود قطاع الإعلام أمام التحديات الإعلامية والاقتصادية الراهنة، فيما ترك الباب موارباً لانضمام أطراف جديدة تزيد هذا التكتل الجديد ثقلاً وقدرة على المواجهة، وبالتالي فإن هذا الاندماج سيلعب دوراً جوهرياً في إعادة تشكيل ملامح سوق الإعلان المصري، خصوصاً وأنه جاء عقب أسبوع من بيع رجل الأعمال الشهير نجيب ساويرس لجميع أسهم شركته المالكة لقناة "أون تي في" والمعروفة باسم "إعلام المصريين"، إلى رجل الأعمال الصاعد أحمد أبو هشيمة، ممّا ساهم بدوره في خلخلة سوق الإعلان المصري وإعادة توزيع الأدوار بين رجال الأعمال في امبراطورية الإعلام، وما يُرفق بهذا التبادل من سلطة سياسية ونفوذ اقتصادي.

ولعلّ المثل المصري الذي يقول "المصالح بتتصالح"، هو خير تعبير عن عملية "إعادة تسكين" رجال الأعمال في عروش الامبراطورية. الخطوات المتلاحقة تشير كلّها إلى أن هناك ترتيباً ما وإن كان غير معلن ترضى عنه الدولة المصرية.

ومع ذلك، فقد خرج  الكحكي في المؤتمر الصحافي لينفي ما تردّد عن دعم أي جهة من الدولة للكيان، مرحباً في الوقت نفسه بالكيان الإعلاني الذي سيقوم على رأسه أبو هشيمة لأنه سيساهم فيما وصفه بإثراء المنافسة التي تنتج رسائل إعلامية إيجابية.

مرحلة "إعادة التسكين" التي تمر بها خريطة الإعلام المصري في الفترة الحالية، من المرجّح أنّها مجرّد تمهيد لما ستشهده نحو 12 شاشة إعلامية هي مجمل قنوات المجموعتين، من توحيد لسياساتها وتوجهاتها خلال الفترة القادمة. تأثير اتجاهات مالكي الوسائل الإعلامية  من رجال الأعمال على السياسات العامّة للإعلام، تعد قضية جدلية مطروحة منذ القدم، إلا أن عملية اندماج بهذا الحجم تبدو كإعلان واضح عن أنّ الوقت قد حان لاعتبار تعبيرات مثل "التنّوع الفكري" و"إتاحة الفرصة لفصائل مختلفة" تبدو كتعبيرات مثالية وجوفاء وخيالية.

الفوران في سوق الإعلان المصري، صحبه غليان مكتوم بين المنافسين وصل إلى تصرفات صبيانية وبلهاء. فبالتزامن مع عقد المؤتمر الصحافي للإعلان عن التكتّل الجديد، خرج منافسو شبكة "النهار" بمؤجرين ينتزعون إعلاناتها المعلّقة في الشوارع ويمزقونها وهو ما وصفه الكحكي بـ""إفلاس المنافسين".

وفي جانب آخر شديد التشابك مع قرارات المعلنين، أقرّت رئاسة الوزراء المصرية الأسبوع الماضي مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحّد تمهيداً لعرضه على البرلمان وهو ما سعى العديد من رجال الأعمال لعدم إقراره حماية لمصالحهم من التهديد. وفقاً لمشروع القانون، فإن مزيداً من القيود ستفرض على الملاك المساهمين في الشركات المالكة للقنوات إذ يُمنع حصول الفرد المساهم على أكثر من 10% من مجموع أسهم الشركة، فيما تُلزم الشبكة التلفزيونية ألّا يتعدّى عدد قنواتها السبعة وألا تشمل سوى قناة واحدة عامة أو إخبارية.

والى جانب التطلّعات المحلّية لرجال الأعمال للاستحواذ، أعلنوا عن تطلّعات إقليمية. الكحكي أعلن خلال المؤتمر الصحافي إن من ضمن أهداف الكيان المدمج تحقيق تواجد واسع في السوق الخليجي وزيادة حجم الاستثمارات القائمة على صناعة الإعلام المصرية هناك، ومن ثمّ يخرج الإعلام المصري من حالة الانغلاق على نفسه. إلا أنّ تلك التطلّعات تبدو غير قادرة على التحقّق في ظل هيمنة قنوات "إم بي سي" في تلك المنطقة مستندة إلى رؤوس أموال ضخمة.

تلك الخطوات المتلاحقة ما هي إلا مؤشرات لخطوات جديدة ستعلن عن نفسها قريباً حتى ينتهي مشهد الإعلام المصري من عمليّة إعادة تسكين ملّاكه.
increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها