السبت 2016/03/12

آخر تحديث: 19:27 (بيروت)

"الإذاعة اللبنانية": استديو العمالقة

السبت 2016/03/12
increase حجم الخط decrease

السير بين جدران "الإذاعة اللبنانية" الرسمية فيه شيء من الاعتزاز. هنا، يشهد التاريخ على حقبة إعلامية سياسية وموسيقية مجيدة للبنان. منها أذيع بيان استقلال لبنان في العام 1943، وهنا وقف عمالقة الفن العربي، فكانت غرفها مسرحاً لهم وصالة لإطلاق أعمالهم، بدءاً من فيروز التي أعلن وزير الإعلام إطلاق اسمها على الاستديو رقم 6، والأخوين الرحباني وصباح ووديع الصافي وفايزة أحمد ونور الهدى ومحمد عبد الوهاب وغيرهم...

استديو الرقم 6، احتضن أعمال فيروز، وكان في فترة معينة غرفة لتدريباتها، وما زالت تواظب على زيارة الاستديو لتجري تدريباتها هناك قبل أي حفل أو إطلاق أي ألبوم جديد لها.. في المقابل، فإن أروقة الإذاعة، تحتضن الاستديو رقم 5 الذي شهد إطلاق أغنيات كثيرة لعدد كبير من الفنانين.

في هذا الاستديو، وقفت أم كلثوم في العام 1947 لتغني للمرة الأولى "يا ظالمني" ضمن حفلة مباشرة على الهواء، فقامت الإذاعة بتسجيل الحفلة، وما زال التسجيل موجوداً حتى اليوم داخل أرشيف الإذاعة، مما دفع رئيس الوزراء الراحل رياض الصلح آنذاك الى منحها وسام الأرز الوطني. واحضنت الإذاعة أهم إستديو لتسجيل العديد من الأغنيات لكبار الفنانين العرب، أمثال محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش حيث كانا يغنيان مباشرة على الهواء، وكانت حفلاتهما المباشرة من داخل أروقتها مقراً لإطلاق أعمالهما الغنائية الجديدة.

منذ الأربعينات حتى السبيعنات من القرن الماضي، كانت هذه الإذاعة مختبراً صوتياً، إذ لم يكن يحق لأي مطرب الغناء أو الحصول على رخصة بأنه فنان إلا إذا حاز جواز مرور مختوم من لجنة تحكيم مؤلفة من زكي ناصيف، توفيق الباشا، وليد غلمية، الاخوين الرحباني وغيرهم.

التاريخ العريق لـ"الإذاعة اللبنانية" يستعيده المدير الحالي محمد إبراهيم، متوقفاً عند أبرز محطاتها. يقول في حديث لـ"المدن" إن الإذاعة "تأسست عام 1938 تحت اسم راديو الشرق في مبنى السرايا الحكومي الحالي، ثم انتقلت عام 1958 إلى الصنائع في عهد الرئيس كميل شمعون. وفي نيسان 1946 تسلمت الحكومة اللبنانية الإذاعة من الفرنسيين بموجب بروتوكولات رسمية في عهد الرئيس بشارة الخوري وألحقت بوزارة الأنباء والسياحة تحت إسم محطة الإذاعة اللبنانية".












لا يثق إبراهيم بموضوع "الإحصاءات" ونسب الاستماع الرائجة محلياً، لا سيما إذا كانت هذه الإحصاءات صادرة عن شركات محلية، ذلك أنها "لا تعتمد سوى على فئة ضئيلة من الجمهور لإعلان دراساتها". ويقول إن "الإذاعة اللبنانية تنافس ذاتها، وجمهورها نخبوي، وبرامجها فيها الروح الشبابية والثقافية والنوستالجية، ولا ينقصنا أي شيء للارتقاء إلى أعلى المستويات، في ظل الهبوط الذي تمر به بعض الإذاعات والتي لا تبث سوى النميمة والثرثرات غير المجدية". ويكشف عن توجه الإذاعة إلى إنشاء موقع للبث الإلكتروني.

وإرضاءً لذوق الشباب وتماشياً مع متطلبات العصر التقنية، تعتزم إدارة الإذاعة، وفق إبراهيم، إطلاق الموقع الرسمي للإذاعة قريباً، حيث سيكون هناك بث حي على مدار الساعة، وسيتمكن جميع المواطنين اللبنانيين من الاستماع إلى برامج الإذاعة، بما فيها البرامج الأرشيفية التي يحن إليها الجيل جداً، وتأتي هذه الخطوة بهدف محاكاة الجيل الشبابي ولإيصال الإذاعة إلى أوسع الفئات من المستمعين، باعتبار أن موجاتها لا تغطي أكثر من بيروت وبعض أقسام جبل لبنان، وتلك "جناية بحق إذاعة وطنية عريقة لا يصل صوتها إلى مناطق لبنان كلّها".

وفي الحديث عن التجديد، يشير إبراهيم إلى أنَّ الإذاعة تستنهض عافيتها لتطلّ على مستمعيها بحلّة جديدة. وسيكون أول الغيث برنامج "وان ليبانون" الشبابي الذي إنطلق الأسبوع الماضي مع المغنية تانيا قسّيس. ويلفت إبراهيم إلى أن الإذاعة حافظت على مكانتها بالرغم من ضعف الإرسال في بعض المناطق، وبقيت رفيقة اللبنانيين في سياراتهم، خصوصاً أثناء زحمة السير.

ويشير ابراهيم إلى أن الإذاعة لا تعتمد على الإعلانات، لذلك "ليس عليها أن ترضي أحداً ولا شيء يؤثر على نوعية برامجها المقدّمة من حيث الموضوعية والإتقان"، لافتاً إلى أن برامجها تجمع ولا تفرّق وتحكي عن صورة لبنان الجميلة عملاً بشعار الإذاعة الجديدة: من بيروت إلى كلّ لبنان هواؤها نسيم الأرز".

وداد حجاج: هنا المهنية
لم ترغب المذيعة وداد حجاج خلال فترة عملها في الإذاعة، أي منذ 22 سنة، في مغادرتها والانتقال إلى محطة أخرى "بحثا عن الشهرة". وتعتبر حجاج في تصريح لـ"المدن" أنه "هنا العمل أكثر مهنية وجدية. والمذيعة هنا تحضّر برنامجها وتعدّه وتكتب نصها بالفصحى إذا لزم الأمر وتشكّله، فيما بعض الإذاعات الأخرى تعتمد على قهقهات وغنج المذيعات لإستقطاب المستمعين، عدا عن أن قيمة البرامج وجودتها في الإذاعة الرسمية لا يمكن مقارنتها مع البرامج على الإذاعات الأخرى، أقله من ناحية التعاطي مع المستمع بأدب دون رفع الكلفة بشكل سافر".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها