السبت 2016/01/23

آخر تحديث: 17:12 (بيروت)

مصر: مشروع قانون مرتقب إلى البرلمان لتقييد "حظر النشر"

السبت 2016/01/23
مصر: مشروع قانون مرتقب إلى البرلمان لتقييد "حظر النشر"
من الاحتجاجات المصرية على تقييد عمل الصحافيين
increase حجم الخط decrease
لقي القرار الأخير للنائب العام المصري نبيل صادق بحظر النشر في قضية "الجهاز المركزي للمحاسبات" والمعروفة إعلاميا بـ"تقرير هشام جنينة عن الفساد"، موجة استياء واسعة أثارتها نقابة الصحافيين المصرية وعدد من الإعلاميين والحقوقيين.

كان الأمر بمثابة إلقاء حجر في بحيرة مياه راكدة لإثارتها، حيث جاء القرار بنتائج عكسية. فبدلاً من أن ينجح القرار في هدفه المنشود ويزيد من مساحة التعتيم على المعلومات المتعلقة بالقضية، أثار المزيد من الشكوك والتساؤلات حول الحجم الحقيقي للفساد الذي تتضمنه تلك القضية، خصوصاً أن قرار حظر النشر فيها جاء بعد ساعات من نشر الجهاز المركزي للمحاسبات الذي يمثل أعلى جهة رقابية في مصر، ردّه على تقرير اللجنة التي شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسي حول تصريحات رئيس الجهاز هشام جنينة، وقال الاخير فيها إن حجم الفساد في مصر بلغ 600 مليار جنيه أي نحو 80 مليار دولار.

في الوقت نفسه، تمتزج التساؤلات التشكيكية مع تعليق الأمل على 20 صحافياً داخل تشكيلة البرلمان الجديد يمثلون أكبر تكتل صحافي في تاريخ مصر البرلماني، لصنع وتعديل التشريعات القانوينة التي بإمكانها أن تطلق يد الصحافة للوصول إلى المعلومات وتحريرها من قرارات حظر النشر.

السيد حجازي، وهو صحافي وعضو في البرلمان، ويعمل كنائب رئيس تحرير جريدة "الأهرام" المصرية، قال في تصريحات لـ"المدن" إن نقيب الصحافيين سيجتمع قريباً برئيس البرلمان لبحث التشريعات المتعلقة بالصحافة، ومن أهمها قانون تداول المعلومات، مشيراً الى انه "من المتوقع أن يتضمن اللقاء اقتراحاً لإضافة بند أو نص إلى قانون تداول المعلومات يقيّد "حظر النشر" بحيث لا يتم إلاّ بأمر محكمة، ولا يصبح للنائب العام سلطّة فيه، ويمكن أن يجبّ هذا النص المقترح "أي يمحو"، نص المادة 187 من قانون العقوبات المصري التي تتيح حظر النشر".

ويضيف حجازي: "النائب العام ممثّل للشعب المصري وهو من يفترض عليه أن يحرّك القضايا لا أن يحظرالنشر فيها، أمّا المحكمة فيحق لها ذلك إذا وجدت أن النشر في قضية ما، سيمسّ الأمن الوطني المصري أو يضر بالاقتصاد أو يؤثر على نفسية الشعب ويبث فيه روح الهزيمة".

وتنص المادة 187 من قانون العقوبات المصري على معاقبة من ينشر أموراً من شأنها التأثير فى القضاة الذين يناط بهم الفصل في دعوى مطروحة أمام جهات القضاء أو النيابة، أو التأثير في الموظفين المكلفين بالتحقيق.

وكان تعديل نص قانون العقوبات هو الرؤية الأخرى التي طرحها خالد البلشي، عضو مجلس نقابة الصحافيين المصريين. وقال في تصريحات لـ"المدن" إنه لا يمكن إلغاء حظر النشر تماماً، لكن يمكن فرض قيود عليه بحيث يكون "مسبّباّ" ويمكن الطعن فيه، من خلال تعديل مواد في قانون العقوبات، وليس من خلال قانون تداول المعلومات".

ووصل الغضب المصري من توسع السلطة في قرارات حظر النشر، الى نقابة الصحافيين المصريين التي اعتبرت إصدار 14 قراراً بحظر النشر خلال الآونة الأخيرة، اعتداء صارخ على الحق في المعرفة، وفتح الباب للشائعات لتنطلق بعد حجب قضايا تمسّ الرأي العام وتتعلق باتهامات لمسؤولين كبار أو موظفين عموميين، بدلاً من فتح نوافذ أوسع للمعرفة وإتاحة الفرصة لمختلف الأطراف للإعلان عن الحقائق التي بحوزتهم، وفقاً لبيان صحافي صدر عنها".

وعلى إثر قرار النائب العام الأخير، طالبت نقابة الصحافيين بسرعة إصدار قانون لحرية تداول المعلومات، وتعديل النصوص الخاصة بحظر النشر لتلزم الجهات بإعلان أسباب الحظر وتفتح الباب للطعن عليها لمنع سوء استخدامها، أو النيل من حقوق الإعلام والمواطنين في المعرفة.

ولم تسلم محاولة السلطة للتعيتم على الحقائق من الانتقاد الحقوقي العنيف، حيث وصف حقوقيون القرار بالمخالف للدستور وبمحاولة لحماية الفساد، فيما دعا آخرون إلى مناظرة علنية بين رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، ورئيس لجنة تقصى الحقائق التي شكلها السيسي، بدلا من منع النشر عن تقارير الفساد.

وفي السياق، استمرت مطالبات نقابة الصحافيين المصرية بإعادة إخراج "قانون الصحافة والإعلام الموحد" الذي ظل حبيس الأدراج الحكومية منذ انتهت النقابة بمشاركة خبراء وإعلاميين بارزين من إعداده في أغسطس (آب) الماضي. تنص المادة السابعة من هذا القانون على حظر فرض أي قيود تعوق حرية تداول المعلومات، أو تعيق المواطن عن تلقي الرسالة الإعلامية والمعرفية، وذلك كله من دون إخلال بمقتضيات الأمن القومي، وهو ما يفتح الباب لتعليق أمل آخر على تطبق القانون لغل يد السلطة عن إطلاق قرارات جديدة لحظر النشر في القضايا التي تمس الرأي العام المصري.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها