الإثنين 2014/12/01

آخر تحديث: 19:31 (بيروت)

"بس يا زلمة": الشخصية الفلسطينية "المحرّرة"

الإثنين 2014/12/01
"بس يا زلمة": الشخصية الفلسطينية "المحرّرة"
increase حجم الخط decrease

في موسمه الثاني، يستكمل البرنامج الفلسطيني الساخر "بس يا زلمة"، نقده الساخر للمظاهر الاجتماعية في فلسطين مثل: الامتحانات الدراسية، الطوش أو العراك، علاقات الحب، الفصال في الشراء، الريجيم، والأمومة وغيرها من الوقفات اليومية في المجتمع الفلسطيني.

بالنسبة إلى غير العارفين بالوجه الداخلي للمجتمع الفلسطيني، كما هي حالي كمصريّ، يعتبر هذا البرنامج مدخلاً لفهم العقليّة الثقافيّة الفلسطينيّة الشابة. تابعته بشغف منذ أن بدأ، قبل أكثر من عام ونيف. هذا البرنامج يمثّل "الشخصية الفلسطينية" من دون ربطها بالضرورة بالبُعد الإسرائيلي، خلافاً للأفلام والأخبار السياسية التي تحصر الفلسطينيين في مقاومة الإحتلال أو الحزن والجزع من الهجمات الإسرائيلية الوحشية. هنا علاقة الفلسطيني مع ذاته، علاقة داخليّة صافيّة من هاجس العدو، كيف يراها، كيف يرتبط بها ويموضع نفسه منها. تدخل عبر "الستاند أب كوميدي"، كنوع درامي، إلى دهاليز تفاصيل خاصة بالمجتمع الفلسطيني وتراه كيف يعبر عن مشاكله وأحلامه وتطلعاته ورؤيته للأمور ولنفسه.

ورغم المحافظة الأخلاقية الواضحة للقائمين علي البرنامج، وانشغالهم برسالة اجتماعيّة وأخلاقيّة ما، والتي قد تعرقل العنصر الكوميدي في أحيان عديدة وتُفقر تنفيذها (مثل أن يستعينوا بممثل ذكر في أدوار أنثوية ما يستدعي في الذهن اسكتشات المدارس والرحلات)، إلا أن قدر المخرج ثائر منير، ومعه الممثلان محمود زعيتر وهشام عدنان، أن يفجروا الكوميديا عبر عشرات الحلقات على مدار عام ونيف بذكاء وخفة دم، ليحصدوا عدد مشاهدات يقارب المليون ونصف المليون مشاهدة عبر قناتهم في "يوتيوب".

تظهر صورة المجتمع الفلسطيني من خلال عيونهم كمجتمع محافظ، بالمقارنة مع المجتمع المصري. ووجها المقارنة هنا بين المدينة الفلسطينية والمصرية، وليس الريف مثلاً، من خلال وجهة نظر شباب من الطبقة الوسطي. المجتمع الفلسطيني لديه هموم يوميّة وحياتيّة إلى جانب تحرير الاقصى ودحر إسرائيل. فهنا نرى الفلسطيني يتحدث عن أزمة سيارات الأجرة، صوم رمضان، التعامل مع الاجانب، التقبيل الاجتماعي، وأكل المطاعم، كما يتحدث أيضاً في بعض الحلقات، عن العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة.

يُلحظ التأثير الطاغي للثقافة المصريّة، من أفلام وأغانٍ ومسرحيات وأحداث وتفاصيل محليّة، على التكوين الثقافي الفلسطيني. تُفاجأ مثلاً بأسماء مثل صافيناز وتموره وليلي علوي والعكش، وبأغانٍ قديمة لعبد الحليم وغيرها.. ما يعزز الأمور الكثيرة المشتركة بين الفلسطينيين والمصريين، والتي كمُشاهد مصري، تواصلت معها وضحكت منها لقربها من مجتمعي وثقافتي. حتى أن صنّاع العمل استخدموا العديد من الإفيهات والإحالات المصرية في تناولها. ويطرح البرنامج، بشكل عفوي، موضوع العروبة، من دون ديباجات ايديولوجية ولا خيالات قوميّة، بل كمشترك ثقافي واجتماعي ولغوي يجمع ثقافتي شعبين.

ورغم انخفاض كلفة الانتاج نسبياً، وتكرار النمط الإخراجي في صنع مواد الحلقات وتناولها، وهو ما يضعف عنصري المفاجأة أحياناً، ويسحب من رصيد الضحك، إلا أن هناك خلقاً لحالة شبابية مليئة بالطاقة والحيوية والكوميديا، قادرة على جذب الإنتباه إليها ومتابعتها، ما يعطي درساً لمن يريد أن ينفذ عملاً وغالباً ما يتحجج بغياب الظروف المناسبة.

"بس يا زلمة" برنامج قادر على إبراز وجه آخر لفلسطين، غير ذاك المُنمَّط في شاشات الأخبار والبرامج وحناجر السياسيين، وغير القصائد المقفاة وكلمات الشخصيات العامة التي لا تعرف سوى الكوفية الفلسطينيّة. وجه أكثر حميميّة وإنسانيّة وتأثيراً سياسياً ربما.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها