الأربعاء 2013/03/27

آخر تحديث: 08:43 (بيروت)

"يا عربي": محرك بحث "مهذب"!

الأربعاء 2013/03/27
"يا عربي": محرك بحث "مهذب"!
لا تعد الصفحة الترويجية للمحرك بالخير الكثير
increase حجم الخط decrease
هو "أول محرك بحث عربي بتكنولوجيا ذكية". وهو كذلك "ذكي، آمن، وموثوق". وهو أيضاً "نواة مشروع نهضوي يقدم المعرفة، ولكن بعد غربلة المواقع واختيار اللائق منها". بل إنه محاولة لـ"سد الفجوة والخلل في المحتوى المعرفي العربي على شبكة الإنترنت العالمية". هذه بضع من عشرات الصفات التي أسبغها أصحاب المشروع على محرّكهم "يا عربي"، الذي حددوا له، في مؤتمر صحافي عقد الإثنين في دبي، الخامس من أيار المقبل موعداً لإطلاقه.
 
بالنظر إلى خطاب الإعلان عن "يا عربي"، يبدو محرك البحث هذا شمّاعة لكل الأحلام العروبية الشعاراتية، التي لا يمكن بناء مشروع على أساسها اليوم من دون اللجوء إلى الدين من ناحية، وإلى مباركة السلطان من ناحية أخرى. إذ أن المحرك الذي ينطلق أساساً "من مقولة لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم" كما قال مدير التنفيذي عبد الرحمن طهبوب، هو حالة عربية خاصة من محركات البحث. فهو يراعي "القيم والأعراف السائدة والثوابت الأخلاقية للمجتمعات العربية"، ويسعى إلى "تهذيب وغربلة المواقع واختيار اللائق منها" بما يتماشى مع "المعايير التي تحكم عملنا". 
 
أي أن المحرك، بمعنى آخر، متصالح مع عدد من أكثر التابوهات العربية خطورة، بل وينطلق منها بوصفها قاعدة له وسبباً لوجوده. وقلما نعثر في العالم على مشروع مثل هذا، حتى في الصين التي "تدافع عن ذاتيتها الثقافية وهويتها وتمنع عمل بعض محركات البحث على أراضيها"، والتي يتخذها طهبوب كمثال على حق الحفاظ على الهوية والمبادئ الخاصة. إذ أن الصين لا تشتغل على مراقبة المحتوى والحذف منه وتحديده، إذا لم يكن مضراً بسياساتها، فهي تتيح حق تصفح أي شيء على الإنترنت لا يشكل خطراً على دكتاتوريتها، ولا تسعى، مثلاً، إلى توفير بيئة "آمنة" للأطفال كتلك التي يسعى إليها "يا عربي".
 
غير أننا قد نبدو مفرطين في الثقة بهذا المشروع إذا ما ناقشنا تفاصيله إلى هذا الدرجة. فالمحرك الذي لا يوفر في قاعدة بياناته إلا 250 ألف موقع "نظيف" فقط، تبقى فرص نجاحه قليلة جداً في هذا الوقت الذي يتسم، عربياً، بالتمرد وخرق سقف الإيديولوجيات والتابوهات وأنواع السلطة كافة.
 
 وعلى أي حال، يظل الموقع محاولة جديدة على خط المحاولات الكثيرة لإطلاق محركات بحث عربية لم يكتب لأيّ منها النجاح. لكنه يختلف عن "عربي.كوم"، مثلاً، بأنه أكثر شعاراتيةً وتغنّياً بالأحلام العربية المفقودة. إذ أن القائمين على "يا عربي" يعدوننا، من بين ما يعدون، بأنهم سيقدمون "خدمات خرائط عربية لا تستجدي غيرها من أجل الاعتراف بها أو بجغرافيتها وعروبتها". ولنا هنا أن نفترض أن المحرك سيمنح العَلَم الإماراتي للجزر الثلاث المتنازع عليها مع إيران.
 
حتى الآن، لا تعد الصفحة (وهي صورة ثابتة حالياً) الترويجية للمحرك بالخير الكثير. فعدا أنها تناقض الخطاب العروبي بكون واجهتها مكتوبة باللغة الإنكليزية، تبدو ضعيفة جداً لناحية التصميم. ولا تأتي بجديد في الخدمات التي تقدمها سوى في صفحة مخصصة للأطفال الذين "نريد لهم أن يغوصوا في هذه البحار المعرفية دون أن يغرقوا".
 
وإلى حين إطلاقه، والتعرف إليه عملياً، يظل جديراً بالذكر أن "يا عربي" يعد مستخدميه بنتائج أقل بمئة مرة من تلك التي تقدمها المحركات الأخرى، لأنه يعتمد على "تكنولوجيا معرفية تفكر مثل العقل البشري"! 
 
increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب