الثلاثاء 2013/08/06

آخر تحديث: 03:24 (بيروت)

طيارون في الشارع

الثلاثاء 2013/08/06
طيارون في الشارع
أصوات الطيارين نزلت من الجو الى الشارع (علي علّوش)
increase حجم الخط decrease
 شهدت باحة "شركة طيران عبر المتوسط" ("تي.أم.إي") صباح يوم الثلاثاء استنفاراً أمنياً شديداً. الشركة التي سمحت للصحافيين في البداية بالدخول، سرعان ما عدلت عن قرارها وطلبت منهم الخروج وأوصدت من خلفهم باب المدخل. ممّ خافت الشركة يا ترى؟ أمن ذلك الطيار الستيني الذي جاء يطالبها بتعويض صرف يحفظ له كرامته بعد أن قضى في خدمة الشركة 36 سنة من عمره؟ 
تُردد عادة عبارة أن "الرأسمال جبان"، ولكن ماذا إذا أضفنا إلى حالة الجبن العامة تلك، سمة الاستغلال وأكل الحقوق؟ قد يفهم حينئذ خوف الشركة ومحاولتها إبعاد المتضررين منها ومعهم الإعلاميين. فشركة "طيران عبر المتوسط" عمدت إلى طرد 46 طياراً العام 2005. هكذا، بحثت في قانون العمل اللبناني عن المادة 50، الفقرة "واو" تحديداً، وتحججت "بالأسباب الاقتصادية القاهرة" فصرفت الطيارين من دون تعويض ومن دون أدنى تحسس للمشاكل الاجتماعية الناتجة عن قرارها التعسفي هذا. 
"ثمة ضرورة لإعادة النظر بهذه المادة"، يقول رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين كاسترو عبدالله، الذي حضر متضامناً مع الطيارين. يضيف أن المادة 50 "تسببت إلى الآن بطرد الآلاف من العمال في مختلف القطاعات ، ليس أولها ولا آخرها طيارو الـ "تي.أم.إي"". 
وما يزيد الطين بلّة أن وزارة العمل قررت إدارة ظهرها للطيارين. أولاً، عبر عدم بت الشكوى التي رفعها هؤلاء أمامها منذ سنوات عدّة. وثانياً، عبر إعطاء إجازات عمل لطيارين أجانب حلوا مكان عدد من المصروفين. يقول أحد المصروفين لـ"المدن": "هذه شريعة الغاب. هنا الكبير يأكل الصغير. وفيما القانون والقضاء إلى جانبنا، تنحاز وزارة العمل ضدنا". وتعذّر الاتصال بوزير العمل سليم جريصاتي لاستيضاحه حول الموضوع، لإنشغال الأخير بـ"اجتماع هام في الوزارة"، طبعاً ليس لبحث آليات التدخل لإنصاف الطيارين وعائلاتهم. 
صباح الثلاثاء، كانت "شركة طيران عبر المتوسط" على موعد مع اعتصام دعت إليه "نقابة الطيارين اللبنانيين". وشارك فيه عدد من النقابيين من اتحاد البناء والأخشاب ومصلحة الأرصاد الجوية، بالإضافة إلى الاتحاد الوطني. أما الغائب الدائم فكان الاتحاد العمالي العام، علما أن رئيسه غسان غصن عضو في اتحاد النقل الجوي. كما رفع المعتصمون لافتات تطالب المسؤولين بالتحرك تحت عنوان "إلى متى السكوت أيها المسؤولين؟". الى جانب الطيارين المصروفين، وقف عدد من زملائهم ممّن لا يزالون في الخدمة. هؤلاء أتوا لدعم رفاقهم في معركتهم لاسترجاع حقوقهم وللتصدي لعملية الصرف. فيقول الطيار إيهاب سلامة لـ"المدن": "جئت للتضامن مع زملائي في قضيتهم المحقة، وأيضاً من أجل حماية أنفسنا من أي عملية صرف مستقبلية قد تبنى على هذه السابقة". 
نقابة الطيارين عازمة على الاستمرار في الضغط لاسترجاع حقوق أعضائها. فالنقابة التي تضم اليوم حوالي 200 عضو نفذت بالسابق عدداً من التحركات للمطالبة بحقوق المفصولين، من بينها إضراب تضامني العام 2005 وصولاً إلى الإعتصامات التي تنفذها منذ أسبوعين والتي ستتواصل بعد عيد الفطر، بحسب ما جاء على لسان النقيب فادي خليل. 
خليل صرح خلال الاعتصام ان: "التحرك اليوم جاء بعد جولات عدة قامت بها النقابة مع جميع المسؤولين اللبنانيين لشرح هذه المشكلة وطرحها للضغط على أصحاب المال الذين يحتكرون الشركة ويستأجرون طيارين أجانب بينما الطيارون اللبنانيون متواجدون على الأراضي اللبنانية من دون عمل". ردّ إدارة الشركة على تحرك النقابة كان جاهزاً قبل الاعتصام حتى، وأوعزت إلى أحد عناصر أمن المطار بتوزيعه على الإعلاميين، واصفة التحركات النقابية "بالحملات على الشركة"، ومدعية أنها دفعت كل مستحقات وأجور المفصولين القانونية.
تدعي شركة الـ"تي.أم.إي" أنها تتمسك بالقانون، لعلها تجيب إذن عن أسئلة الطيارين حول مدى قانونية "احتكارها للمرفق العام؟"، و"كيف استطاعت استخراج تصاريح لطيارين أجانب فيما حكمت على طياريها بالبطالة؟". والأهم "كيف استطاعت حمل وزارة العمل على الصمت بإزاء عدد لا بأس به من الانتهاكات؟". 
بإنتظار الرد القانوني، يستمر الطيارون بقيادة تحركهم في الشارع. 
 
increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب