الإثنين 2013/07/15

آخر تحديث: 04:40 (بيروت)

تأنيث الصرف التعسفي

الإثنين 2013/07/15
تأنيث الصرف التعسفي
النساء في طليعة تحركات هيئة التنسيق )المدن)
increase حجم الخط decrease
"لأسباب اقتصادية قاهرة يؤسفنا إفادتك بالاستغناء عن خدماتك... نتمنى لك دوام التوفيق". بهذه الكلمات البسيطة أنهت إدارة إحدى المدارس 18 سنة خدمة من سنوات عمر ندى قضتها في مهنة التعليم. ندى أم لثلاثة أطفال، تقتطع شهرياً من معاشها الشهري الذي يكاد يلامس الحد الأدنى للأجور، لتعليمهم في إحدى المدارس شبه المجانية. وهي واحدة من 35 معلمة في المدرسة وقعت عليهن رسالة الصرف كالصاعقة. فما كان من بعضهن إلا أن حملنها وتوجهن بها إلى مركز نقابة المعلمين في بيروت طلباً للدعم والنصيحة. فيما تسرعت زميلات لهن بالتوقيع على ورقة الاستقالة، واقعات في شرك نصبته إدارة المدرسة، غير مدركات أنهن بذلك تخلين عن حقهن بتعويض صرف. إلا أن واحدة من الموقعات على الاستقالة تقول بأنها فضلت ذلك لكي تتجنب اللجوء إلى القضاء الذي قد يأخذ سنوات قبل بت القضية. وتنقل عنها زميلتها قولها: "على الأرجح لن أجد فرصة عمل أخرى، لأني حامل حالياً، لذا أفضل أن آخذ ما استطيع تحصيله من المدرسة، عوضاً من اللجوء إلى القضاء". وللجملة هذه دلالات كبيرة على حجم التمييز الذي تعاني منه المعلمات في مهنة الغلبة فيها لليد العاملة النسائية، حيث يصبح الصرف التعسفي مؤنثاً غالباً. 
فالمعلمات كنّ في خط المواجهة الأول دفاعاً عن سلسلة الرتب والرواتب وفي كل تحركات هيئة التنسيق النقابية من إضراب واعتصام وتظاهر. وتنوعت أدوارهن بين المشاركة في الهتافات ورفع الشعارات مروراً بالقيام بتنظيم زميلات وزملاء  في مواقع العمل، وصولاَ إلى خوض مفاوضات مع الإدارة دفاعاً عن الحق في الإضراب. برغم ذلك كله، ربما بسببه، فإن المعلمات كنّ من أوائل ضحايا الصرف التعسفي  في المدارس الخاصة. 
إدارة إحدى المدارس مثلاً "طلبت من معلمة وبعد 24 سنة خدمة أن تستقيل لأنها تزوجت، ولأنها بعد وقت ستنجب وستغيب بالتالي 60 يوماً عن المدرسة!"، يقول نقيب المعلمين نعمة محفوض. وهو يورد حادثة أخرى حيث رفضت إحدى المعلمات أن تستقيل تحت الترهيب، فأرسل لها المدير 3 إنذارات خلال شهر واحد عقاباً لها على مشاركتها في إضراب هيئة التنسيق. يستنكر محفوض هذه الإجراءات الإنتقامية ويقول: "هل من يدير هذه المؤسسة له أي علاقة بالمفاهيم التربوية وتنشئة الأطفال ومستقبل الحياة؟".  
الصرخة التي أطلقها المعلمون والمعلمات ضد الصرف التعسفي الذي طال 200 منهم حتى الساعة، تكلّلت يوم الاثنين بمؤتمر صحافي في مركز نقابة المعلمين في لبنان، عقد للردّ على إدعاءات إدارات بعض المدارس بأن الصرف يتم لأسباب تربوية واقتصادية. غير أن محفوض يؤكد أنه لم تحصل، حتى الساعة، حالة صرف واحدة لأسباب مسلكية، أي وفق المادة 26 من قانون 15/6/1956. أما عن الإدعاء بأن للصرف أسباباً اقتصادية قاهرة ونتيجة لارتفاع أجور المعلمين، فيقول محفوض أن "رواتب المعلمين تتبخر في أول أسبوع من الشهر"، ويذكّر بأن معلمي المدارس الخاصة وحدهم، لم يقبضوا زيادة غلاء المعيشة من شباط 2012 حتى الآن، وأن السلسلة لم تقر بعد، فـ"عن أي أزمة اقتصادية تتكلم بعض إدارات المدارس وتتحجج لصرف العديد من المعلمين. مع العلم أن القسط المدرسي في بعض المؤسسات يخضع للإرتفاع من سنة إلى أخرى، بحجة غلاء المعيشة والسلسلة!". وتتحمل الدولة اللبنانية مسؤولية إقفال عدد من المدارس المجانية وتشريد المئات من المعلمين والمعلمات، لأنها بكل بساطة قررت عدم دفع ما يتوجب عليها من مستحقات لتلك المدارس منذ أكثر من 5 سنوات. 
أما عن الخطوات التي ستتبعها النقابة لمواجهة الصرف التعسفي فيقول محفوض "سيكون القضاء بيننا... وليعلم الجميع أن هناك نقابة لمعلمي المدارس الخاصة مستقلة بكيانها وبقراراتها وهي ركن من أركان التربية وعلى الجميع التعاطي معها على هذا الأساس". ويؤكد محفوض أن النقابة منفتحة على الحوار مع المؤسسات التربوية التي برهنت عن رقي بالتعامل مع معلميها ومعلماتها "لنجعل التربية ومستقبل الأولاد هدفاً مشتركاً ولنبعد من صفوفنا من ليس له علاقة بهذا الشأن". تحديداً، تلك "الدكاكين" التي تعلق لافتة "مدرسة"، يختم محفوض.  
 
increase حجم الخط decrease

الكاتب

مقالات أخرى للكاتب