السبت 2014/12/13

آخر تحديث: 13:37 (بيروت)

للبارزاني روايته عن "داعش".. مالا يصح ولايعقل

للبارزاني روايته عن "داعش".. مالا يصح ولايعقل
برازاني: داعش كانت أداة لضرب عملية استقلال كردستان (أ ف ب)
increase حجم الخط decrease

أخيراً أدلى رئيس اقليم كردستان العراق، مسعود البارزاني، بدلوه. فأعلن وجهة نظره بـ"داعش"، ليتبين ان السر الاكبر كان خافيا على الجميع، وان الحقيقة بما يتعلق بالظاهرة التي تشغل العالم منذ اشهر، لا احد قد أفلح باكتشافها، او قاربها، فظل الجميع يتخبطون، او انهم يجانبون الحقيقة عامدين،  يحركهم حقدهم على الكرد، وعلى دولتهم المستقلة  الموشكة على الولادة.

الغريب ان كل المتابعين والمحللين، والاقمار الصناعية، واجهزة استخبارات التحالف الدولي، فشلت مجتمعة في معرفة العدد الحقيقي لافراد هذا الغول، ممن ظهروا فجأة على حدود كردستان، وكلهم من العرب السنة العراقيين، حسب ما قاله البارزاني في تصريحات علنية امام جمع من "البيشمركة" العائدين من كوباني، معلناً أن لذلك سببين، وقال "التصورات الأولية للأوضاع التي ظهرت فيها داعش هو انه بسبب توسع جبهات قتالهم وبسبب التحاق ذلك العدد الكبير من العرب الى صفوفهم الذي بلغ اكثر من 200 الف اغلبيتهم من العرب السنة...".


هذا الكلام لم يستدع أي ردة فعل غير عادية، فقد ظل الجنود والضباط، ومن حضر من الاعلاميين، يستمعون لبقية القصة منبهرين، بينما برازاني يواصل اكمال روايته مؤكدا ان:"عملية استقلال كوردستان والإستفتاء وصلت الى مرحلة متقدمة جداً، فكان هدفهم ضرب هذه العملية عن طريق داعش، لكن هذه العملية ستستمر ولايمكن التراجع عنها، كان قصدهم ضرب العملية عن طريق داعش، لكن مئة أوألف داعش لايستطيعون إيقاف العملية ولايمكن التراجع عنها".


مع هذا الجزء من التصريح، خيم على الحاضرين الذهول، خصوصاً وانهم جاؤوا من ارض المعركة، ويعلمون تماماً أن الامر لاعلاقة له  بما يرويه، أو يصوره البارزاني، فما علاقة كوباني/عين العرب، باستقلال كردستان، ومن اين جاء بالـ200 الف مقاتل؟ ومن هم اولئك الذي أرادوا ايقاف عملية استقلال كردسان بعد ان وصلت مرحلة متقدمة باختلاقهم "داعش"؟


هل العرب السنه التحقوا بـ"داعش" لإزاحة الاكراد من المناطق المتنازع عليها، ام ان همّ تلك المناطق كما هو معلوم كان الخلاص من وطأة المالكي وقواته؟


الغريب ان برازاني ظل يصر على اتهام السنة بالتآمر مع "داعش"، ضد الاكراد وقال "السبب الثاني ان العرب السنة الموجودين في المناطق الكوردستانية خارج إدارة الإقليم من الذين التحقوا بداعش بصورة عمياء، اعتقاداً منهم أن داعش ستفرغ المنطقة من الكورد، وستقع هذه المناطق تحت سيطرتهم بسهولة، وتُحل المشاكل، كما كانوا يعتقدون انهم سيلاحقوننا حتى الجبال، ويحاصروننا هناك، وإذا رحموا بحالنا يتركوننا فيها، وإلاّ سيطردوننا منها أيضاً".


هكذا يصل البارزاني نقطة تتعدى كل معقول، ما يضطر المرء  للتحري، إما عن لحظة توهم "عبقرية" قررت، بلا دليل أو سند، مخالفة العالم بخصوص ظاهرة يعرفها القاصي والداني، لتطرح تصوراً غاية في الفجاجة والتناقض الصارخ، ولايمت الى المنطق ولا الوقائع بصلة، أو أن يعتبر مايسمعه نوعاً من التخيلات القريبة من الهذيان، باعثه رغبة في استغلال أخرق، لظاهرة طبق صيتها الافاق، بهدف اختلاق الأحقاد وتأجيجها. 


لم يترك البارزاني روايته ناقصة، وبعدما فرغ مما قاله، من غرابة وشذوذ، واصل القول خاتماً "بالتأكيد كانت حساباتهم خاطئة، ولم يكونوا يعلمون ان اميركا والحلفاء سيهبون لمساعدتنا بهذه السرعة، كما انهم لم يتوقعوا ان البيشمركة ستقاوم بهذا الشكل". يالَحَظّ "داعش"، فها هو السيد البارزاني يبرئها براءة مطلقة، من أي مما يروج عن علاقتها الخفية  بالاميركيين، المهتمة اهتماماً يفوق العادة بالأكراد، وباستقلال كردستان الذي  حاولت "داعش" عرقلته. تبرئة "داعش" من هذه التهمة، ليس  امراً عرضياً، أو لا يستحق الانشغال، فالبارزاني تركنا بذلك امام مهمة التمحيص الشديد بقائمة احتمالات، يصعب كليا العثور فيها على الجهة التي حاكت تلك المؤامرة الخطيرة على الكرد واستقلالهم؛ هل هي تركيا حليفة البارزاني، ام المالكي الذي انهار جيشه، وخرجت المحافظات عن سيطرته، وكانت أهم  سبب أفقده فرصة الاستمرار في الحكم لدورة ثالثة؟


من هم المتآمرون على بارازاني ومشروعه التحرري، ومن المدافعون عنه؟ مرة أخرى تتكرر السيرة نفسها، فتعود القيادة الكردية العشائرية لترهن مصير الكرد، ومصير الكيان العراقي، لعهدة الأميركيين، مؤكدة الإلتباس الدائم حول "حركة تحررلا يحررها الّا الاستعمار" وفي مثل هذه الحالة وقطعاً، فإن "التحرر" المفترض، لن يكون من وطأة قوة "استعمارية"، أو عدوة.


كل هذه الالتباسات المذهلة، احتوتها النظرية البارزانية حول "داعش"، أهدافاً وأسباب وجود، واعداداً، مع المهمة التي فبركت  لكي تنفذها، وهي نظرية لا داعي للبحث عن اسانيد تبررها، او تقربها من المنطق، ففي عراق اليوم، ليس من المستغرب ان يكون  ماهو خارج كل منطقي ومعقول، قاموساً،  يستسهل أعلى  المراجع السياسية، اعتماده، سواء في الممارسة، أوفي الخطاب والتبرير.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها