الأحد 2015/02/22

آخر تحديث: 12:06 (بيروت)

الرئاسات العراقية.. قبول دور عسكري أميركي أردني؟

الرئاسات العراقية.. قبول دور عسكري أميركي أردني؟
الرئاسات الثلاث ناقشت بجدية مقترحات الاستعانة بقوات أميركية اضافية من أجل تدريب القوات العراقية
increase حجم الخط decrease

اجتمعت الرئاسات العراقية الثلاث، مجلس الوزراء والبرلمان والجمهورية مؤخراً، ليس لأنها اقتنعت فجأة بأن اجتماعها يمكن أن يمنح مواقفها المشتركة الفعالية، أو يعطيها القدرة على اعتماد إجراءات تتعلق بمختلف القضايا الملحة التي يزدحم بها الوضع، يقدر ما بدت مجبرة على  التلاقي لحصر، أو اللحاق بوتيرة الاشكالات المتشابكة، مع استبعاد الطموح لحلها وإيجاد المخارج لها، والاكتفاء بمحاولة ضبطها، أو حصرها ضمن نطاق يمنع تفجرها، أو تفلت بعضها، أو بدء خروجها كلياً عن السيطرة، الأمر الذي أصبح غيرمستبعد حدوثه، ما يهدد بقرب الدخول في الفوضى الشاملة.

ثمة احتقان شديد ما يزال مكبوتاً، هو الذي دفع برئيس البرلمان، سليم الجبوري، للدعوة إلى لقاء الثلاثي، في حين بادر كل من رئيس الوزراء، حيدر العبادي، ورئيس الجمهورية، فؤاد معصوم، إلى الاستجابة السريعة، حاملين معهم جدول أعمال شفهي لا يحتاج إلى الإعداد، فالقضايا الضاغطة على الوضع لا تستوجب التفكير طويلاً، وهي حاضرة بقوة كهم يومي مقلق، في مقدمتها الموضوع الأمني الذي برز إلى الواجهة بعد تهديد "داعش" لمنطقة البغدادي.


في هذا الإطار كشف وزير سابق من كتلة "دولة القانون" أن الرئاسات الثلاث "ناقشت بجدية مقترحات الاستعانة بقوات أميركية اضافية من أجل تدريب القوات العراقية، والاستعانة بالقوات الاميركية للدفاع عن منطقة البغدادي قرب قاعدة عين الأسد في الأنبار، والتي يجري التحذير من وقوع مجزرة فيها لو تمكنت داعش من اقتحامها.


وذكر الوزير السابق أن المسؤولين يتداولون سيناريوهات خاصة ضمن هذا السياق، من بينها خطة مقترحة لتعاون فعّال بين القوات العراقية والأردنية، لتطهير محافظة الأنبار. هذه القضية بدت غير قابلة للتأجيل في ظل محاصرة "داعش" لمقاتلي العشائر في البغدادي غرب الرمادي، الأمر الذي سيؤدي إلى انتكاسة أمنية غيرمسبوقة منذ دخول "داعش" إلى الموصل في العام الماضي، خاصة أن أبناء المنطقة يتهمون الحكومة بالتقصير، وعدم مد يد المساعدة إلى المقاتلين المحاصرين.


شيخ عشيرة العبيد، قطري السمرمد، عبر عن تلك الخشية بدعوته المرجع الشيعي الأعلى، علي السيستاني، إرسال قوات الحشد الشعبي لتطهير ناحية البغدادي، مشيراً الى أن "أبناء البغدادي يتعرضون لخطر الإرهاب والحصار منذ أسبوع والحكومة تتفرج"، لاسيما أن سقوط البغدادي يعني سقوط قاعدة عين الأسد تلقائياً.


القضايا الداهمة لم تتوقف على هذا الجانب بالذات، فالحكومة تواجه إشكالاً ضاغطاً على المستوى المالي لجهة توفر السيولة، مادفعها إلى تأخير صرف رواتب الموظفين. في هذا السياق، قال رئيس وزراء إقليم كردستان، نيجرفان بارزاني، بعد جولة مباحثات مع حيدر العبادي في بغداد إن "الحكومة المركزية مفلسة وتمر بأزمة مالية، حتى أنها قد تضطر إلى دفع مرتبات الموظفين كل 40 يوماً"، لكن عضو اللجنة المالية في البرلمان، حسام العقابي، قال إن "الأزمة المالية ستنفرج خلال أسابيع، وأن هناك أزمة في السيولة النقدية ستحل خلال الفترة المقبلة".


وأضاف "الشركات العالمية تأخرت في تسديد مبالغ الصادرات النفطية إلى الدولة العراقية خلال هذا الشهر"، وأوضح أن "هناك اتفاقيات تنظم تسديد المبيعات النفطية من قبل هذه الشركات إلى خزينة الدولة، بعضها شهرياً أو أسبوعياً"، ذلك مع العلم أن الميزانية التي أقرها البرلمان مؤخراً أقرت أصلاً بعجز يصل إلى 22 في المئة بسبب هبوط أسعار النفط.


ويقول النائب عن ائتلاف دولة القانون، جاسم محمد جعفر، إن "الاجتماع أكد على تمرير قانوني الحرس الوطني والمساءلة والعدالة"، وهو مطلب سني أساسي، إذ علقت كتلتا اتحاد القوى وائتلاف الوطنية، السبت الماضي، حضورهما جلسات البرلمان بعد تلكؤ مناقشات القانونين، وفي ضوء المطالبة أيضاً بالتوصل إلى قرار بشأن حادثة اغتيال الشيخ قاسم الجنابي ونجله في عملية اختطاف النائب زيد الجنابي، مطالبين القائد العام للقوات المسلحة بحصر السلاح بيد الدولة.


وكان حادث اغتيال الشيخ الجنابي مؤخراً قد أثار ضجة، ركزت الأنظار من جديد على المليشيات ودورها، بظل عجز لحكومة  المتزايد في مجال ضبط الأمن، ومنع المليشيات، من تنفيذ أجندات خاصة طائفية وإقليمية. كل هذه الحزمة من المشكلات والاحتقانات الداهمة والمخاطر، أظهرت الرئاسات العراقية الثلاث بموقع الرهينة، وليس الجهة القادرة على اتخاذ القرارات، وبينما بدت عاجزة عن اتخاذ الخطوات الضرورية في المجالات الاخرى، فقد وجدت نفسها مضطرة لقبول خيارات كانت من قبل ترفضها. وصرح أعضاؤها الثلاثة أنهم لايحبذونها، بل يحبذون دوراً عسكرياً برياً عراقياً، على أي تدخل من هذا القبيل تضطلع به القوات الأميركية.


المثير للاستغراب هو سرعة وصول 1400 جندي أميركي إلى قاعدة عين الأسد للمشاركة في معارك البغدادي، بعد قرابة يومين من اجتماع الرئاسات العراقية، فقد أفاد مصدر في قيادة عمليات الأنبار، الجمعة، عن وصول العدد المذكور من الجنود الاميركيين، مرجحاً "مشاركتهم في العمليات العسكرية البرية ضد داعش". وأضاف "هناك أربعة آلاف جندي أميركي يتحصنون في دولة الكويت ينتظرون موافقة الرئيس الأميريكي باراك أوباما للتوجه الى الأنبار". ما اعتبره البعض بمثابة بداية الاحتلال الأميركي الثاني للعراق.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها