الجمعة 2015/05/29

آخر تحديث: 11:54 (بيروت)

دمج المعوقين.. الإعلام مسؤول أيضاً

الجمعة 2015/05/29
increase حجم الخط decrease
القيادة، التعلّم، التعليم، العمل، الرياضة، القراءة، الكتابة والزواج... كلها أمور يستطيع ذوو الإحتياجات الخاصّة القيام بها، فما هي إذاً الأمور التي لا يستطيعون فعلها والتي تقود إلى تهميشهم؟ في الواقع، لا يوجد أي فعل لا يستطيع شخص ذو حاجة خاصّة القيام به، خصوصاً في ظل التطورالتكنولوجي. لكن تهميش هؤلاء الأشخاص يأتي نتيجة حصرهم في دائرة الـ"هم" المغايرة لـ"نحن" التي تجعل من أي شخص مختلف عن الأكثرية فرداً منتقصة حقوقه الإنسانية ومهمشاً.


بالنسبة لـ"اتحاد المقعدين اللبنانيين" فإن أحد الحقوق التي يحرم المعوقون منها في لبنان هي المشاركة في صنع القرار. ولأن دمج المعوقين مبني على ثلاث ركائز أساسية إحداها الإعلام (ومنظمات المعوقين وصانعو القرار الوطني)، نفّذ الإتحاد مشروع "القرارات الدامجة حول تكافؤ الفرص والمساءلة" بالتعاون مع "المركز البريطاني" وبتمويل من "الإتحاد الأوروبي"، وقد استمر يومين، في أوتيل "رامادا" في الروشة.

والمستغرب أن استمرار انتشار الصورة النمطية عن ذوي الإحتياجات الخاصة يترافق مع حضورهم الوازن في المجتمع اللبناني. فالإحتياجات الخاصّة، وفقاً لرئيسة الإتحاد سيلفانا اللقيس، "تشمل المقعدين والمكفوفين والصم والبكم وضعيفي النظر والذين يعانون من ألم الرأس المزمن وآلام الظّهر". وبالتالي كل فرد هو إنسان ذو حاجة خاصّة في مرحلة معينة من حياته. لذلك فإن فهم أي صعوبة على أنها حالة إنسانية قد تصيب أي شخص من دون أن تقلل من إنتاجيته في المجتمع وإنسانيته ودوره وحقوقه، يحملنا على التعاطي مع ذوي الإحتياجات الخاصّة بطريقة مختلفة عن طريقة تعاطي المجتمع اللبناني بمختلف أطيافه، حتى اليوم، مع المعوقين.

فمن الخطأ الإعتقاد بأن الإعاقة هي "حالة طبية" وأن ذوي الإعاقة هم أشخاص قاصرون وبالتالي يمكن إقصاؤهم والنظر إليهم بعين الشفقة والخوف. بل يجب الفهم أنّ أي قصور لدى أي شخص لا يتسبب "بإعاقته"، وإنما طبيعة المجتمع ما يتسبب بإعاقته. وتقول اللقيس إنّ "الإتحاد سيأخذ موقفاً جدياً من كل من يسيئ إلى حقوق المعوقين بعد اليوم"، وإن الإتحاد "يتوقع بعد هذه الورشة أن لا يكون هناك أي تعرض خاطئ للمعوقين أو أي إساءة لهم وأن تفعّل الوسائل الإعلامية دورها في مناصرة حقوق المعوّقين".

ويهدف هذا المشروع إلى توعية الإعلاميين على كيفيّة التعاطي مع "قضايا" ذوي الإحتياجات الخاصّة، وأهميّة تسليط الضوء عليها، وكيفية مقاربة هذه المواضيع ومصطلحاتها الصحيحة. ولعل تعاطي الإعلاميين مع هذه الورشة شكّل نموذجاً حياً لطريقة تعاطيهم مع ذوي الإحتياجات الخاصّة بصورة عامّة، والتي يمكننا وصفها باللامبالاة بحيث تخلّف إعلاميون كثر عن الحضور وغادر آخرون القاعة بعد اكتشافهم أنها ورشة عمل. زد على ذلك غياب وزير الإعلام نفسه وعدم ارساله من يمثله.

وبالتالي فإن أحد الحقوق التي يجب أن يوفرها المجتمع لهؤلاء الأشخاص والتي اقترحها منظمو هذه الورشة هو "الدمج"، أو "التعميم" الذي أدخله "المجلس الإقتصادي والاجتماعي" في العام 2007 في خطط عمل دول الأمم المتحدة. أي "أخذ هموم ومخاوف الأشخاص ذوي الاعاقة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، في الاعتبار جنباً إلى جنب مع الأشخاص الآخرين وليس عبر برامج خاصة بهم".

أما دور الإعلام فهو تسريع دمج الأشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة في المجتمع عبر عكس صورة إيجابية عنهم من خلال تسليط الضوء على إنجازاتهم ونقاط قوتهم والإبتعاد عن الصور النمطية في تقديمهم إلى الجمهور. مع ذلك، ووفق ما قال رئيس الوحدة الإعلامية في الإتحاد عماد الدين رائف فأنه "لا يمكننا إلزام الإعلام بأي شيء لأنه لا يوجد قانون واضح ينظّم هذه المهنة، فالبروتوكول وحده لا يكفي".

وفي ظل غياب مبادرات رسمية تتيح المجال للمعوقين للتواصل مع الآخرين، ناشد الإتحاد المعنيين بتأمين الوسائل اللازمة لضمان وصول هؤلاء إلى المعلومات، ومنها تكييف وسائل التواصل مع حالات المعوقين. ويهدف ذلك إلى حمايتهم من التهميش، إذ أن "الإقصاء السياسي هو الوسيلة الأولى لتهميشهم"، كما قال إدوارد توماس الباحث في مجال المعوقين في "منظمة المادة 19". كما ان "الوصول إلى المعلومة هو باب الوصول إلى الحق بالنسبة إلى المعوقين وغيرهم"، وفق المحامي نزار صاغية.

بعد 15 سنة من صدور القانون 220 /2000 الذي يلزم، من بين أمور أخرى، المؤسسات العامة والخاصة بكوتا 3 في المئة على الأقل لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة، وفي ظل عدم التزام الدولة اللبنانية بهذا القانون حتى اليوم، فإن "آليات المسايرة"، كما وصفها صاغية، ستنتهي لينتقل الإتحاد إلى خطوات أكثر تصعيداً "كالفضح والضغط والمساءلة المباشرة للمعنيين".

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها