السبت 2015/03/21

آخر تحديث: 14:24 (بيروت)

أكراد لبنان: مسألة أبعد من الجنسية

السبت 2015/03/21
أكراد لبنان: مسألة أبعد من الجنسية
احتفال الأكراد في بيروت بعيد النوروز في العام 2013 (Getty)
increase حجم الخط decrease
ليس مستغرباً وجود تكتلات عرقية وطائفية، في بلد مثل لبنان، يرتكز نظامه الاجتماعي الى هذه الانقسامات، بحيث تسبق هذه الانتماءات الأولية، في تعريف الفرد لنفسه، انتماءاته "الوطنية". على ان هذا الانقسام يُنتج، بدوره، تهميشاً لجماعات وتعزيزاً لمواقع أخرى. هكذا، يصبح لبنان، اجتماعياً وسياسياً، عبارة عن تجمعات لفئات صغيرة مهمشة. ولعل الأكراد اللبنانيين من أبرز هذه الفئات، وأكثرها اشكالية. وهم كانوا قد "جاؤوا الى لبنان ووجدوا فيه منذ سنوات طويلة، تفوق زمن الاستقلال"، بحسب الدكتورة غيتا حوراني صاحبة كتاب "أكراد لبنان: الحراك الاجتماعي الاقتصادي والمشاركة السياسية من خلال التجنيس"، والأستاذة في جامعة "سيدة اللويزة (NDU)".



لبننة الأكراد
تؤكد حوراني أن دافعها للكتابة عن المسألة الكردية في لبنان يرجع إلى "قناعتي بأفضلية حصولهم على الجنسية اللبنانية، كما في القضية التي أثيرت في العام 1994". ذلك لما لهم من وجود تاريخي في لبنان، "وحيث بات الأكراد يشكلون ثقلاً انتخابياً"، الأمر الذي قد يُسعد البعض ويُثير مخاوف البعض الآخر. ذلك أن الأكراد، وفق التقسيم المحلي للجماعات، "يُحسبون على الطائفة السنية"، بحسب مديرة "الرابطة الكردية" في لبنان حنان عثمان. على أن هذا الأمر، من جهة أخرى، "حرمهم من امتياز الحصول على مقاعد نيابية خاصة بهم". وهذا ما تتفهمه عثمان، اذ انه مرتبط بـ"طبيعة البلد الذي يجمع العديد من الطوائف والأعراق والثقافات المختلفة".


معاناة التمييز
والحال ان "التجنيس أعطى فرصة للأكراد لتحسين أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية في لبنان"، وفق حوراني. لكن سؤالاً يطرح حول مدى قدرة هذه الجنسية، وما تمنحه لحامليها، على كسر الجليد بين "الأكراد اللبنانيين" واللبنانيين الآخرين، علماً أن ثقافة التمييز، بين الجماعات، مسألة سائدة في المجتمع اللبناني. تقول عثمان إن "بعض اللبنانيين لا يزالون ينظرون الى الأكراد اللبنانيين نظرة دونية، اذ أننا مختلفون، عنهم، في عاداتنا وتقاليدنا"، إضافة إلى "تمسك الشعب الكردي بوطنه وهويته وعاداته وتقاليده، التي انسلخ عنها قصراً"، لكنها تؤكد في الوقت نفسه اعتزاز الأكراد واحترامهم للجنسية اللبنانية.

الا أن سبب التمييز الأهم يعود الى الخلفية التي يأتي منها الأكراد، حيث أن معظمهم يفتقر الى التعليم، مما لا يمكّنهم من الحصول على وظائف ادارية وغير ذلك. اذ تقول عثمان "معظم الأكراد غير المجنسين يعملون كعمال بسطاء، وهم غير قادرين على الحصول على تعليم مناسب. بينما يتميز الأكراد المجنسين بقدرتهم على التعلّم في المدارس الرسمية، والحصول على مهن تحسّن من مستواهم الاجتماعي". وفي هذا السياق، يبرز الفرق الواضح بين وضعي الأرمن والأكراد في لبنان. "اذ انهما شعبان مختلفان بثقافتين منفصلتين، لكن الأرمن يمتازون بامتلاكهم لحرف وخبرات، الأمر الذي جعل وضعهم في لبنان، منذ لجوئهم إليه، قوياً"، وفقها.


عيد النوروز
لا يعاني الأكراد من التمييز فحسب، بل ووفق خليل حسن يعانون أيضاً من تهديدات "داعش". فحسن، وهو لاجىء كردي من سوريا، لا يخفي وضعه الصعب في لبنان من حيث المعيشة وقدرته الضئيلة على تأمين حاجات عائلته. لكنه يشارك أبو عزّت، وهو كردي، في تأكيد اندماجهما في المجتمع اللبناني، حيث يرى الأخير أن عمله في صالون حلاقة لا يقلل من قيمته. كما ان التعامل بينه وبين اللبنانيين الآخرين "يسير بشكل طبيعي".

لا تنطوي قضية الأكراد في لبنان على المعاناة فحسب، فهي لا تخلو أيضاً من لحظات فرح تخفف أجواء الاحتقان والتوتر، حيث يحتفل اليوم الأكراد بعيد النوروز، والذي يتزامن مع أول أيام فصل الربيع. اذ يجسد هذا العيد رمز الحرية عند الأكراد، فكلمة النوروز تتألف من جزئين وهي تعني "يوم جديد". بهذه المناسبة تنظم، مساء اليوم، "الرابطة الكردية" مهرجاناً احتفالياً، كما تنظم "الحملة الأهلية للحفاظ على دالية الروشة" احتفالاً، عند الخامسة مساء اليوم، في الدالية، التي ارتبطت، بدورها، باحتفالات الأكراد السنوية في بيروت.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها