الإثنين 2024/04/08

آخر تحديث: 15:19 (بيروت)

تعويضات "الحزب" للنازحين وأصحاب البيوت المدمرة: قلق من الاستنسابية

الإثنين 2024/04/08
تعويضات "الحزب" للنازحين وأصحاب البيوت المدمرة: قلق من الاستنسابية
يدفع "الحزب" مبلغاً مالياً يتراوح بين مئة ومئتي دولار شهرياً، حسب حجم العائلة النازحة (Getty)
increase حجم الخط decrease

انتصف عام الحرب ولم تزل المعارك مستمرة، ووقف إطلاق النار ليس في الأفق. فالحديث اليوم عن التصعيد والتوسيع والاجتياح في رفح وفي جنوب لبنان، وكيفية رد "المحور" على اسرائيل، وماذا بعد رفح، وماذا عن صفقة التبادل وانعكاسها على لبنان بحال حصلت وغيرها الكثير من الملفات الحامية.

هذه الحرب وظروفها التي يعيشها لبنان والكيان المحتل للمرة الأولى في التاريخ، تركت أثرها على "النزوح". ففي شمال فلسطين المحتلة عشرات الآلاف من النازحين الذين يشكلون ضغطاً كبيراً على الدولة الصهيونية، وفي جنوب لبنان ما يزيد عن مئة ألف نازح بقليل، يشكلون ضغطاً على الثنائي الشيعي وحزب الله تحديداً، كون الدولة شبه غائبة عن متابعة أحوالهم.

حصص تموينية ومصروف وطبابة
مع بداية الحرب بدّل حزب الله من خطة تعاطيه مع ملف النزوح، فهو كان يتحضر ويتجهّز لنزوح مئات الآلاف من الجنوب والضاحية الجنوبية إلى مناطق أخرى حددها في خطته، وجهّز لها ما تحتاجه من لوجستيات وغيرها. ولكن طبيعة الحرب فرضت نوعاً مختلفاً من النزوح، فكان من القرى الحدودية في الجنوب إلى القرى الخلفية الجنوبية بشكل أساسي. وهو ما طرح مشاكل جديدة لها علاقة ببدلات الإيجار ومحاولات الاستغلال التي حصلت (راجع "المدن"). ولكن بشكل أساسي -حسب مصادر مطلعة- فإن أغلب النازحين في الجنوب، في القرى تحديداً، يسكنون على عاتق الأهالي الذين قدموا المساكن مجاناً، ويعتمدون على "الثنائي" (أمل وحزب الله) الذي يساعد معيشياً حسب قدرته في كل بلدة.

رحلة حزب الله مع النازحين تبدأ من مساعدتهم على تأمين المساكن. وهنا تؤكد المصادر أن الحزب لا يتعامل "حزبياً" مع النازحين، فالكل سواسية بشكل عام. ومن ثم هناك الحصص التموينية الشهرية التي يؤمنها الحزب لكل عائلة وعددها 2، ومبلغ مالي يتراوح بين مئة ومئتي دولار شهرياً، حسب حجم العائلة وحاجتها، ثم تأمين الطبابة لكل النازحين بشكل كامل، وبمساعدة من حركة أمل في بعض المناطق، ومن المستشفيات أيضاً.

مؤخراً تكشف المصادر أن مساعدات الحزب وصلت أيضاً لبعض العائلات التي بدأت تدفع بدلات إيجار لسكنها. فالبعض من مالكي المنازل أصبحوا غير قادرين على تحمل الكلفة، ففرضوا بدلات إيجار معقولة، يقوم الحزب بتأمينها.

تغطية أضرار الحرب
يتعامل حزب الله مع الأضرار في القرى التي تشهد الحرب وفق اعتبارات عدة، منها ما إذا كان المنزل قد دُمّر بالكامل، أو دمّر بشكل جزئيّ، ومكان المنزل، إن كان في القرى الحدودية أم الداخلية، السكن بالمنزل وما إذا كان السكن فيه دائماً على مدار العام أم لا.

في الأسابيع الأولى للحرب كان يعمد الحزب إلى إصلاح الأضرار في المنازل في القرى الخلفية فور حصولها، من أجل تمكين الأهالي من الصمود وعدم النزوح. أما في القرى الأمامية التي شهدت دماراً كبيراً، فيفرق الحزب بين التعويض لبدل السكن والإيواء، والتعويض لإعادة البناء من جديد.

تكشف المصادر أن من يخسر منزله بشكل كامل، ولا يكون له منزل آخر، ولا يكون من سكان العاصمة، يُعطى بدل إيواء يبلغ حوالى 12 ألف دولار. أما من يخسر منزله ويكون من غير الساكنين الدائمين في المنزل، فلا يُعطى هذا البدل، كونه يملك بديلاً يسكن فيه بانتظار إعادة البناء.

إعادة البناء والترميم
لم تصبح واضحة بعد آلية إعادة بناء كل المنازل التي تهدمت أو تضررت بشكل كبير، ومن يسأل المعنيين في الحزب عن هذه المسألة يسمع جواباً بأن "الأمر متروك لما بعد انتهاء الحرب، ولكن الأكيد أن إعادة البناء ستحصل وستعود القرى أجمل مما كانت".

حسب معلومات "المدن"، فإن إعادة الإعمار في الجنوب ستكون جزءاً لا يتجزأ من أي تسوية مقبلة، وبالتالي لن يكون هذا الأمر متروكاً على عاتق جهة لوحدها. فلا الدولة ستتحمل وحدها ولا الحزب سيتحمل وحده، إلا بحال قرر الجميع التخلي عن مسؤولياتهم، حسب ما تؤكد المصادر. مشيرة إلى أن مرحلة إعادة الإعمار ستشهد أخطاء أقل من تلك التي حصلت عام 2006، لأن الأخطاء التي حصلت كانت مفيدة للتعلم.

خلل موجود رغم الجهود
رغم كل الجهود التي يقوم بها حزب الله يبقى هناك خلل في التطبيق، مردّه إما إلى استنسابية ما لدى المعنيين على الأرض في كل بلدة، أو لحساسيات حزبية في بعض القرى، أو صعوبات لوجستية تجعل الكشف على الأضرار مستحيلاً. ففي بلدة ميس الجبل على سبيل المثال، تواصلت "المدن" مع عائلة خسرت منزلها الذي تسكنه على مدار العام، وجاءت لجنة الكشف وسجلت، ولكن لم يتواصل أحد مع العائلة بعدها، وهي اليوم موجودة في بيروت تبحث عن مكان لاستئجاره والسكن فيه.

ليس سراً الخلل الذي ترافق مع مرحلة التعويضات وإعادة الإعمار عام 2006، وليس سراً أن بعض المنتفعين حصلوا على أموال طائلة على حساب مستحقين لم يحصلوا على حقوقهم. لذلك هناك خشية من تكرار هذه المسألة بالمستقبل، رغم تأكيد المصادر أن إدارة الملف هذه المرة ستكون مختلفة، والكشف على الأضرار لن يعتمد فقط على "أقوال" وكلام اللجان، بل سيتضمن خرائط وصور من الدوائر الرسمية، ليحصل كل صاحب حق على حقه فقط.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها