الثلاثاء 2024/02/13

آخر تحديث: 00:01 (بيروت)

البحث عن قضاء مستقل في الجامعة الأميركية

الثلاثاء 2024/02/13
البحث عن قضاء مستقل في الجامعة الأميركية
انحدار مزمن في عمل القضاء (مصطفى جمال الدين)
increase حجم الخط decrease
الذي بات متفقًا عليه في الآونة الأخيرة، هو أن القضاء اللبناني تحوّل من سلطةٍ مستقلة تتصرف وتحكم باسم الشعب اللبناني، إلى أداةٍ لتنفيذ رغبات المنظومة السياسية وحمايتها على حساب واجباتها. وهذا المنهاج "الملتوي" والمتفكك، جعل من مبدأ فصل السلطات، حُلمًا للراغبين بالتغيير، لا قاعدةً قانونية ودستورية، ترتكز عليها استقلالية القضاء. الأمر الذي وضع المهتمين وأصحاب الشأن من المطالبين بهذه الاستقلالية في دوامة من الخلافات مع المتسببين في تشويه دور القضاء الحاسم، وتحديدًا في القضايا الكبرى.

وللنقاش والتباحث في هذا الواقع، أقامت الجامعة الأميركية في بيروت، مساء يوم الإثنين 12 شباط الجاري، ندوةً تحت عنوان "استقلالية وإصلاح النظام القضائي اللبناني"، ضمن سلسلة الندوات المعقودة بعنوان "لبنان في قرنه الثاني"، التي تتناول الرؤية المستقبلية في مسار الحوكمة والسياسة، بحضور مجموعة من المحامين والقضاة والحقوقيين ورجال الأمن والصحافيين، ومجموعة من المهتمين بهذا الشأن (هذا ويذكر بأن القاضي فيصل مكيّ تغيّب عن الحضور).

القضاة والقضاء..
استهل الأستاذ المشارك في كليّة الحقوق في جامعة القديس يوسف (اليسوعية)، والباحث في المفكرة القانونية، سامر غمرون، حديثه بالإشارة لكون العقبة الكبرى التي تقف أمام أي حديث عن إصلاحات أساسية وضرورية، تقع عند واقع الأزمة المعيشية والمادية التي يندرج تحتها القضاة، وبالتالي فإن الإنتاجية في عملهم لقاء بدل مالي متواضع، ستشهد انحدارًا مزمنًا، ما ينعكس بدوره على المحاكم، وسائر العاملين في السلك القضائي الذين يتقاسمون والقضاة الأزمة نفسها، وناهيك بتعطل التشكيلات القضائية و"ضخ دماء جديدة" في الجسم هذا، الأمر الذي يهدد مستقبل العدالة والقضاء ككل في لبنان.

واستطرد شرحه للأزمة التّي يعيشها الجسم القضائي، بالقول إن الشلّل الذي يعانيه القضاء في الملفات الحساسة والجدلية، كقضية تفجير المرفأ والقضايا المصرفية، بسبب طلبات مخاصمة الدولة والرد، جعل من الهيئة العامة في محكمة التمييز معطلة. ولا ينفي الباحث، أنه وفي السنوات العشر الأخيرة، تمت السيطرة بالمطلق على القضاء. لكن مؤخرًا ظهرت هذه السيطرة في هذه الملفات. إذ بتنا نشهد التدخلات العلنية من قبل الأحزاب السياسية وأصحاب القرار، فاستفاد القاضي الذي تمكن -حسب غمرون- من تحسين وضعيته عند هذه الأحزاب، وتمّ قمع قضاة آخرين في سبيل تحقيق رغبات الأحزاب والقوى والمنظومة السياسية بشكلٍ عام وكل مستفيد من تدخلاتها. كما دعا غمرون الحراك المجتمعي لمؤازرة القضاة النزيهين، لأن إصلاح القضاء هو مسؤولية على الجميع، وجزء لا يتجزأ من حركة الإصلاح الوطنية.

مسؤولية على الإعلام؟
وفيما وافقت القاضية والمديرة العامة السابقة لوزارة العدل، ميسم النويري، على جزءٍ من كلام الحاضرين، إلا أنها بخطوة لافتة أثارت الجدل في صفوف وسائل الإعلام الحاضرة وبعض النشطاء خلال مداخلاتهم، بقولها أن المسؤولية اليوم تقع على عاتق وسائل الإعلام، والمجتمع المدني، على اعتبار أن الإعلام تقاعس وفي فترات متفاوتة في الإضاءة على القضايا الكبرى بصورةٍ دوريّة ومكثّفة، إذ كان من المفترض أن يستمر في متابعته لهذه القضايا مشددة على ضرورة المساءلة. لتعود وتشير لاحقًا إلى أن لومها ما هو سوى "عتب على قدر المحبة".

وقالت بما حرفيته خلال مداخلتها أن "القضاء اللبناني خسر المدعي العام التمييزي السابق عدنان عضوم"، ما جعل البعض ينتقد هذا الإعلان بحضور القاضية، على اعتبار أنها قد بالغت في وصف هذه "الخسارة". إذ أن المحامي فاروق المغربي علّق ممازحًا خلال مداخلته لكلمة القاضيّة بالقول: "إن كان القضاء قد خسر عدنان عضوم، فإن القضاء سيخسر خلال الأيام المقبلة القاضي غسان عويدات". لتعود القاضية وتبرّر بأنها ذكرت عضوم لناحية تعامله المهني مع القضاة لا من الناحية السياسية، مشيرةً إلى تغيير مباريات القضاة عما كانت عليه سابقًا، لتصبح مؤخرًا شبه مسيسة وليست مبنية بأكملها على الكفاءة.

العدالة والاستقلالية
هذا فيما أكد نقيب المحامين في الشمال سامي الحسن، أن العدالة تبدأ من مجلس النواب، أما الاستقلالية فتبدأ من داخل القضاء، أي من انتقاء القاضي من الدروس القضائية أفضلها، وبذلك تتأمن موجبات الحرية، ويُطوّر النظام على هذا الأساس وتصير الاستقلالية والكفاءة محور القضاء لا غير.

أما العميد المتقاعد من قوى الأمن الداخلي عادل مشموشي، فاعتبر أن القضاء ليس بخير، وبالتالي فإن العدالة ليست بخير أيضًا، ويكفي أن نسأل القضاة إذا كانوا راضين على أدائهم، ما يضعنا أمام تخبط كبير. إذ يكفي النظر إلى الملفات وآلاف الدعاوى وحال غرف التحقيق والنيابات العامة والسجون المكتظة بالآلاف غير المحاكمين منذ سنوات، لتتضح الرؤية بأن الإصلاحات صارت ضروريّة جدًا، لأن استقلالية القضاء صارت معدومة.

increase حجم الخط decrease

التعليقات

التعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها